يعيش السودان لحظات فارقة في تاريخه بعد اندلاع أعمال مؤسفة داخل البلاد، صباح السبت ومستمرة حتى اليوم، الثلاثاء، بين الجيش الوطني السوداني وبين وقوات الدعم السريع.
وتحركت مصر فور بدء عمليات الاقتتال بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، حيث طالبت القاهرة من خلال بيان للخارجية واتصالات عديدة مع جميع الأطراف المعنية، بوقف جميع العمليات القتالية والعودة لطاولة الحوار وتغليب العقل والحكمة من أجل شعب السودان الشقيق.
جهود مصر لمساندة السودان
وأصدرت وزارة الخارجية، بيانا تعليقا على الأحداث في السودان، حيث طالبت بضبط النفس لحماية الأرواح.
وقال البيان: "تتابع جمهورية مصر العربية بقلق بالغ تطورات الوضع في السودان على أثر الاشتباكات الدائرة هناك، وتطالب جميع الأطراف السودانية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس حماية لأرواح ومقدرات الشعب السوداني الشقيق، وإعلاءً للمصالح العليا للوطن".
وسبق ودعت مصر والسعودية، لعقد اجتماع طارئ للجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين؛ لمناقشة الوضع في السودان.
وبحسب بيان للخارجية المصرية، السبت، فقد صرح المتحدث باسم الوزارة أحمد أبو زيد بأن "الاجتماع يأتي تأسيساً على الفقرة (5 ب) من المادة الخامسة من النظام الداخلي لمجلس الجامعة، والتي تنص على إمكانية انعقاد المجلس عند الضرورة في دورة غير عادية بناءً على طلب دولتين من الأعضاء".
وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن "التطورات المتلاحقة والخطيرة في السودان تقتضي عقد هذا الاجتماع للتشاور والتنسيق بين الدول العربية؛ لبحث سبل نزع فتيل الأزمة الراهنة، والعمل على استعادة الاستقرار إلى دولة السودان الشقيقة في أسرع وقت".
فيما أعربت وزارة الخارجية السعودية، عن قلق المملكة البالغ جراء حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية بين قوات الجيش والدعم السريع في السودان.
ودعت المملكة، المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافق، ومن ذلك الاتفاق الإطاري الهادف إلى التوصل لإعلان سياسي يتحقق بموجبه الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي والازدهار للسودان وشعبه الشقيق.
وتلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، مع اندلاع عمليات الاقتتال في السودان.
قلق مصري بالغ من الأوضاع
وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الاتصال تناول التباحث حول مستجدات الأوضاع في السودان، حيث أعرب الرئيس عن قلق مصر البالغ من تطورات الموقف في السودان الشقيق، إثر الاشتباكات الدائرة هناك، مؤكدًا خطورة التداعيات السلبية لتلك التطورات على استقرار السودان، الذي يمر بلحظة تاريخية دقيقة، تستدعي أقصى درجات الحكمة وضبط النفس، مطالبًا الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني، وإعلاء المصالح العليا للشعب السوداني الشقيق.
كما تلقى الرئيس السيسي، اتصالاً هاتفياً من الرئيس سلفا كير، رئيس جمهورية جنوب السودان.
وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الاتصال تناول التباحث حول مستجدات الأوضاع الأخيرة في السودان، في ضوء الروابط التاريخية والعلاقات الأخوية المتميزة بين الدول الثلاث، ودور مصر وجنوب السودان في دعم استقرار وسلامة السودان.
وفي ذلك السياق، أكد الرئيسان خطورة الأوضاع الحالية والاشتباكات العسكرية الجارية، مؤكدين كامل الدعم للشعب السوداني الشقيق في تطلعاته نحو تحقيق الأمن والاستقرار والسلام.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيسين وجها نداءً للوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، مناشدين الأطراف كافة التهدئة، وتغليب صوت الحكمة والحوار السلمي، وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني.
وأجرى السفير سامح شكري، وزير الخارجية، اتصالين هاتفيين، أمس الاثنين، مع محمود علي يوسف، وزير خارجية جمهورية جيبوتي، ودينج داو، القائم بأعمال وزير خارجية جنوب السودان بشأن تطورات الأزمة الراهنة في السودان.
وأوضح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن هذين الاتصالين جاءا في إطار عضوية البلدين في الوفد الرئاسي المقرر إيفاده للسودان من قبل منظمة "إيجاد" للوساطة، بالإضافة إلى إعلان الرئيسين المصري والجنوب سوداني أمس عن استعداد البلدين للقيام بالوساطة بين الأطراف السودانية.
وأشار السفير أبو زيد إلى أن الوزير سامح شكري أكد أهمية التعامل مع النزاع الجاري باعتباره شأناً داخلياً، مع النأي عن التدخل فيه بصورة تفاقم من حدة النزاع، وهو ما أمن عليه المسئولان الجيبوتي والجنوب سوداني.
كما قال الرئيس السيسي إن مصر مستعدة للعب دور وساطة؛ بهدف "إنهاء الاقتتال الذي يشهده السودان حاليا"، موضحا أنه أبلغ نظيره في جنوب السودان سيلفا كير باستعداد القاهرة وجوبا للعب دور وساطة مع الأشقاء في السودان؛ وصولا إلى الهدنة والتفاوض.
اتصالات مع الجيش السوداني
وتابع الرئيس السيسي، خلال ترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساء أمس الاثنين: "نحن نجري اتصالات مستمرة بالجيش السوداني وقوات الدعم السريع؛ من أجل حثهما وتشجيعهما على وقف النار، وحقن دماء السودانيين، وصولا إلى تفاوض يؤدي إلى استعادة الاستقرار".
كما أكد السيسي، أن الاتصالات مكثفة من أجل "التأكيد على أمن وسلامة قواتنا الموجودة في السودان"، مشددا على أن القوات المصرية "كانت موجودة طبقا لبروتوكول تدريب مشترك مع السودان، لا لدعم أحد ضد أحد".
وقال الرئيس السيسي إن مصر كانت دائما حريصة في سياستها الخارجية خلال السنوات الماضية أن "تكون عنصرا متوازنا ومعتدلا"، مؤكدا أن "ما يحدث في السودان شأن داخلي ولا ينبغي أن يتم التدخل فيه، حتى لا يحدث تأجيج للسودان والمنطقة".
وشدد الرئيس على أنه: "من ثوابت مصر، أننا لا نتدخل في شئون الدول الأخرى؛ لأننا نعتبر أن لكل دولة خصوصيتها في إدارة سياستها وأوضاعها الداخلية"، معقبا: "إن كان هناك دور نفعله، مثل الوساطة، أو لعب دور إيجابي لتهدئة الموقف واستعادة الأمن والسلام والاستقرار بين الفرقاء في السودان أو غيرها؛ فنحن مستعدون للعب هذا الدور".
وأوضح أن مصر تواصلت خلال الأيام القليلة الماضية مع الأمين العام للأمم المتحدة، ووجهنا نداءً للجلوس إلى مائدة الحوار بين الأشقاء في السودان، سواء كان الجيش أو قوات الدعم السريع.
ويقول السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية، إن مصر بالفعل تحركت منذ الدقيقة الأولى لاندلاع القتال في الخرطوم، حيث اتخذت موقفا في إطار الجامعة العربية بضرورة وقف إطلاق النار، وبالفعل حدث توجيه من الجامعة العربية للأمين العام، بأن يوجد اتصال مع سكرتير عام للأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأضاف حليمة، في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن مصر تحركت أيضا لتكون في دور الوساطة، وتحركت أيضا مع جنوب السودان، وطالبت بوقف إطلاق النار، مؤكدة مساندتها لجميع الجهود التي تبذل من أجل التوصل إلى تحقيق هذا الهدف.
وأشار إلى أن هدف مصر هو أمن واستقرار السودان لما يمثله من استقرار لحدود مصر الجنوبية وللمنطقة، ويجب على جميع الدول تجنب أي أحداث هدفها زعزعة الأمن والاستقرار للمنطقة، مؤكدا أن الهدف استقرار السودان "دون التدخل في شئونه الداخلية".
الخسائر في الأرواح والإصابات
من ناحيته، أصدر مجلس الأمن الدولي، الأحد الماضي، بيانًا عاجلاً بشأن الأوضاع في السودان، حيث أعرب عن القلق العميق إزاء الاشتباكات بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع.
وقال بيان مجلس الأمن إن "أعضاء المجلس يعربون عن أسفهم للخسائر في الأرواح وللإصابات في صفوف المدنيين، وحث الأطراف السودانية على الوقف الفوري للأعمال القتالية والعودة إلى الحوار".
وتتابع جمهورية مصر العربية بقلق بالغ تطورات الوضع في السودان على أثر الاشتباكات الدائرة هناك، وتطالب جميع الأطراف السودانية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس حماية لأرواح ومقدرات الشعب السوداني الشقيق، للمصالح العليا للوطن.
من جانبه، أعرب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن عميق القلق والانزعاج إزاء العمليات القتالية الدائرة حالياً بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، كما أعرب عن صدمته وشجبه للجوء إلى السلاح والاقتتال بين الإخوة بهذا الشكل وفي نهار شهر رمضان الكريم.
وأكد الأمين العام للجامعة مسئولية الأطراف المتحاربة في الحفاظ على أمن وسلامة المدنيين السودانيين في مناطق الاقتتال وعموم البلاد، وضرورة وقف التصعيد وحقن الدماء بشكل فوري، وقال إن الأمانة العامة على استعداد للتدخل مع الأطراف لتحقيق ذلك.