هل علامات ليلة القدر اجتهادية أم حقيقية.. ومتى نصادفها؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، مشيراً إلى أنها ستظل ليلة خفية مهما تحراها البعض، لذا يجب الاجتهاد في العشر الأواخر جميعا.
علامات ليلة القدر
وقال علي جمعة في فيديو بثه من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، إن بعض العلماء اجتهدوا في طلبها وقالوا من خلال الرصد إنها ليلة 29 من رمضان، مبينا أن ليلة القدر على كل حال هو تشويق وتشغيف المسلم إلى العبادة ودفعه ليعبد الله في هذا الشهر الكريم وعلينا ألا نضيع هذا المعنى وإذا ما استشعرنا شيء لابد علينا أن نبادر باستغلاله والالتجاء إلى الله ويكون دعاؤنا للأمة الإسلامية ولتحرير القدس الشريف ولعودة الأقصى.
وأكد ضرورة أن نؤخر دعاء الدنيا؛ فعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: « يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا " فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ » .
هل ممكن للمسلم أن يستشعر ليلة القدر ؟
استدل علي جمعة بما ورد عَنْ السيدة عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: « يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو ؟ قالَ: " تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»، قائلا: إذًا ممكن للمسلم أن يستشعر ليلة القدر؛ لأنه يتكلم عن أنها قد تصيبها. وأصابتها يعني أنها قد اطلعت على أن هذه من ليالي القدر، أو أنها ليلة القدر " إذا أصبتِها " أنها سوف تستشعر شيئًا يدلها عليها، إما باستحضار القلب، وإما برؤية تراها إذا كانت نائمة كأن يرى الملائكة كما ذكر عن بعض السلف أنه كان يرى الملائكة تطوف بالكعبة في ليلة القدر...وهكذا.
وتابع: يمكن للمسلم أن يستشعر شيئًا من ليلة القدر ولكن مع هذا الاستشعار ومع هذا الإلهام الذي يحدث له ليس عليه أن يجزم جزمًا تامًا على أنها ليلة القدر لأن هذا الذي يحدث من أحوال في القلب قد يحدث في ليلة القدر، وقد يحدث في غيرها، ولكن الإنسان ينتهز مثل هذه النفحات فإنها ليلة لها قدر أيضًا هذه الليلة التي وجد الإنسان فيها نفسه أيضًا ووجد فيها هذه الأنوار وهذه الاطلاعات على الملك والملكوت. ينبغي عليها أن ينتهزها في الدعاء والذكر والعبادة والقيام.
وأوضح أن الكلام على أنها في يوم السابعة والعشرين، لقد كان بعض الصحابة يرى أنها في السابع والعشرين؛ فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: « لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ » .
وبعض العلماء تكلم عن أن كلمة "هي" رقم 27 لكن على كل حال كثير جدًّا من العبَّاد نظروا إلى أنها آخر جمعة .. آخر ليلة جمعة وتْرِيَّة.
أي أنها تختلف باختلاف بداية الشهر، فمرة تأتي ليلة خمسة وعشرين، ومرة تأتي ليلة السابع والعشرين، ومرة تأتي ليلة الحادي والعشرين، وهكذا كان النبي فيما أخرجه مسلم يتحراها في العشر الأوسط من رمضان ثم تحراها في العشر الأواخر من رمضان.
مما جعل بعض الناس يقول أنها فعلاً قد جاءت ليلة السابع عشر أو التاسع عشر؛ فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قَالَ: فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا مِنْهُ، فَقَالَ: " إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ " قَالَ: " وَإِنِّي أُرْيئْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ، فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ، وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ » .