حالة من الحراك السياسي الكبير تشهدها المنطقة العربية هذه الأيام، وذلك قبل انعقاد القمة العربية الـ32، والتي من المقرر لها 19 مايو المقبل في العاصمة السعودية الرياض، حيث يتوقع كثيرون أن تكون تلك القمة شاهدة على عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية بعد تعليق عضويتها لمدة أكثر من 11 عاما.
هل تستعيد دمشق مكانتها؟
يذكر أن وزراء الخارجية العرب كانوا علقوا عضوية سوريا في الجامعة بأغلبية 18 دولة، في نوفمبر 2011، بعد نحو 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات والثورة التي تحولت فيما بعد إلى حرب أهلية طاحنة حصدت آلاف القتلى.
وزار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، مؤخرا، المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، حيث عقد الوزيران جلسة مباحثات لمناقشة الجهود المبذولة للوصول إلى حلٍ سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة في سوريا.
وللمزيد حول هذا الامر نظم موقع "صدى البلد"، جلسة حوارية تحت عنوان: "مقعد سوريا في قمة الرياض.. هل تستعيد دمشق مكانتها؟"، حيث قال رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي، إن مسألة عودة سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية طرحت بشكل جاد قبل انعقاد القمة العربية الأخيرة، التي استضافتها الجزائر.
وأشار غباشي: تقرر أن تتأجل عودة دمشق إلى حين عقد القمة العربية القادمة في الرياض، وذلك بعد لقاء جمع ما بين وزير الخارجية السوري ونظيره الجزائري، حيث إن بعض الدول العربية لديها تحفظات وتساؤلات بشأن سوريا لا بد من الإجابة عليها قبل اتخاذ هذا القرار.
ولفت غباشي، إلى أنه ظهر بعد الزلزال المدمر الذي ضرب الأراضي السورية والتركية في فبراير الماضي، ما تعرف بـ "دبلوماسية الزلزال"، والتي عجّلت بإرهاصات في طبيعة علاقات سوريا مع جيرنها، مثل حديث وزير خارجية اليونان، والذي قال إنه "لن ينتظر زلزالا آخر لعودة العلاقات مع دمشق، فضلاً عن وزير خارجية آرمينيا".
ترحيب عربي وتحفظ أمريكي
وأردف: توجد دول قدمت مساعدات لسوريا لمساعدة المتضررين جراء الزلزال وكان على رأسهم مصر، حيث سافر وزير الخارجية السفير سامح شكري، إلى المناطق المنكوبة، وصرح في مؤتمر صحفي - بأن الزيارة إنسانية في المقام الأول، وبالتالي هناك حراكا عربيا كبيرا لعودة العلاقات، بعد القمة العربية وزيارة وزير الخارجية السعودي بميونخ، وحديثه حول المقاطعة مع سوريا وأنها لم تجدي نفعا، فضلاً عن "دبلوماسية الزلزال"، كما أنه كان هناك زيارة لبشار الأسد لسلطنة عمان وحدث اتصالات كثيرة ما بين دول العالم العربي وسوريا.
وتابع: مسألة سوريا لا تزال مسألة جدل كبيرة وهل ستعود أم لا؟، مشيراً إلى أن عودة دمشق كدولة مطلوبة، وهناك تحفظات من قبل بعض الدول حول ارتباط سوريا استراتيجياً بإيران والميليشيات الإيرانية داخل الساحة السورية، كما أن هناك جدلا كبيرا حول مسألة الحماية في سوريا، وهناك تساؤلات حول عودة العلاقات هل ستحمل في طياتها حل للمشكلات السياسية في الداخل السوري ومن بين هذه المشكلات عودة اللاجئين والنازحين الذين أصبحوا يشكلون ضغط على الاراضي اللبنانية والساحة الاردنية، فضلاً عن حل مشكلة التطاحن السياسي داخل سوريا.
وأردف: هناك تساؤلات كثيرة حول رد فعل أمريكا حول هذه العودة حيث أنها شديدة التحفظ على مسألة عودة سوريا، كما هناك إجماعا وتكتلا عربيا لعودة سوريا، وإبعادها عن إيران، فضلاً عن تشكيل حماية لها في ظل التدخل التركي وحل المسألة السورية، حيث إن المتحكم في دمشق هي امريكا وروسيا وإيران، مشيراً إلى التحمس الشديد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء دولة واحدة، فضلاً عن تحمس مصر والأردن والعراق.
من جانبه قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، عقب المحادثات التي أجراها مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إنّ الجزائر، بصفتها رئيسة القمة العربية، كانت سباقة في وقوفها مع سوريا، مؤكدا أن لا أحد يمكنه أن يفرق الجزائر عن سوريا، مشيراً إلى أنّ تبون أكد أنّ بلاده "لن تتخلى عن سوريا مهما كانت الظروف".
وشدّد المقداد على أنّ بلاده والجزائر تتشاركان مساعي لم الشمل الفلسطيني واتفاق الجزائر، في إشارة إلى "ورقة المصالحة التي توصّلت إليها الفصائل الفلسطينية في الجزائر، في أكتوبر من العام الماضي"، لافتا إلى الدعم المتبادل بين الجزائر وسوريا، قائلا: "الجزائر قيادة وشعباً وقفت إلى جانب سوريا في أزمتها، ونحن كنا إلى جانب الجزائر في العشرية السوداء، ناضلنا ضد الإرهاب والاستعمار معاً".