لسنا في حاجة لانتظار انتهاء حلقات مسلسل تحت الوصاية، الذي تقوم ببطولته منى زكي، وإخراج المتميز محمد شاكر خضير؛ للتأكيد على أنه أفضل مسلسل في دراما رمضان 2023.
خطف العمل الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من رمضان الجاري، قلوب وعقول المشاهدين منذ اللحظة الأولى، وذلك لعدة أسباب، من أبرزها قصته المؤثرة التي كتبها بسلاسة المؤلفان خالد وشيرين دياب، وكذلك الأداء الرائع لمعظم الأبطال، خاصة نجمته منى زكي، التي لعبت باقتدار دور أم تعاني من عدم قدرتها على التصرف في أمور أطفالها بعد وفاة زوجها؛ لأن القانون يمنح الجد للأب المتوفى حق الوصاية على الأطفال؛ ممَّا يضطرها للهروب بأطفالها من هذا الوضع.
دور "حنان" الذي لعبته منى زكي، بلا شك هو واحد من أجمل أدوارها الفنية على الشاشة، حيث ظهرت كامرأة مصرية بسيطة وفقيرة، دون صخب المكياج وبهرجة الأزياء وضجيج التجميل، وكأنها ترد بذلك على الحملة السخيفة التي تعرضت لها قبل رمضان، بعد نشر صورتها على "بوستر" المسلسل، حين اتهمها بعض الغوغاء بالإساءة للحجاب، بسبب مظهرها البسيط ووجهها الشاحب الحزين، وهو ما ردت عليه منى زكي بهذا العمل، الذي قدمت خلاله دور امرأة مسحوقة، وأرملة مظلومة، بأداء جسدي، وشكلي، وصوتي، مناسب للشخصية التي أدتها بأفضل ما يكون الأداء.
ساعد منى زكي في العمل وجود مجموعة كبيرة من الممثلين المميزين، من أبرزهم الفنان دياب، الذي جسد دور "صالح" شقيق الزوج الراحل، والذي لا أبالغ إذا قلت إنه حبب الناس في شخصية العم الذي يأكل حق أولاد أخيه اليتامى، والذي يظهر في العمل كإنسان طبيعي، يسعى للحصول على ما يراه حقه، دون أن يبدو – كما يحدث في معظم الأعمال – كشرير مطلق، فهو مثلا يقول لخطيبته وهو محرج إنه كذب، وادعى أنه رأى زوجة أخيه تسرق، فهو هنا يؤدي دور إنسان عادي، فيه الخير وفيه الشر، كأي إنسان آخر، والحقيقة أنه استطاع تجسيد الشخصية كما يجب أن تكون.
أما خطيبته في المسلسل التي لعبت دورها نهى عابدين، فقدمت أداء رائعا وواقعيا لشخصية "منى" العاملة في الكوافير، التي ترغب ككل فتاة في الزواج، وتساند خطيبها في موقفه كي تتزوج، دون أن تخطئ مرة في حق زوجة أخيه الراحل، وهو ما ستفعله كل فتاة في موقفها، ويبدو أن "نهى" تختار بعناية أدوارها، وتسير بخطى ثابتة نحو التألق دورا بعد دور.
ويقدم الفنان رشدي الشامي واحدًا من أروع أدواره، "عم ربيع" البحار الذي عمل طول حياته في البحر، إلى أن كبر في السن فتخلى الجميع عنه، قبل أن يلتقي "حنان"، ويجد كل منهما في الآخر سندًا له.
ولعبت مها نصار باقتدار دور "سناء" شقيقة الأخت التي تحبها وتساندها في كل الظروف، بأداء سلس وسهل، فيه من العمق بقدر ما فيه من البساطة، لتضيف إلى رصيدها الفني شخصية ثرية ورائعة.
وخطف الطفل عمر شريف، الذي لعب دور "ياسين" قلب الجمهور، بعد أن تعاطف معه الجميع، بعد مساعدته أمه بعد هروبها من الإسكندرية، وتركه بمفرده لتحمل مسؤولية أخته الرضيعة، ويكفي تعليقات التعاطف من متابعي "السوشيال ميديا" للدلالة على جمال وبساطة أدائه.
قبل كل هؤلاء لا يمكن إغفال دور المايسترو الحقيقي للعمل وهو المخرج محمد شاكر خضير، الذي قدم عملا مصريا صميما، وناقش بعناصر فنية شديدة التميز، قضية مهمة لكل أرملة، واستطاع باقتدار إبراز المحور الأساسي للعمل، في وجهة نظري، وهو أن الأم يمكن أن تصبح "سوبر هيرو" إذا تعلق الأمر بأولادها ومستقبلهم.
أهم ما يميز "تحت الوصاية" أيضا الاهتمام الشديد بالتفاصيل، خاصة في الديكور الذي بدا أنه يحاكي الواقع تماما، بحيث تشعر أنك بالفعل في أجواء البحر والمراكب والسمك، وحتى واجهات المحلات بدت متآكلة من الرطوبة وأقرب ما تكون للحقيقة.
شكرا لكل من شارك في "تحت الوصاية" وأتمنى أن تكون رسالة العمل الأساسية أيضًا "تحت الوصاية".