ترتبط مصر وتركيا بعلاقات ثنائية تاريخية فريدة من نوعها، إذ تجمعهما قواسم دينية وثقافية وتاريخية قوية، وقد تراوحت طبيعة العلاقات الدبلوماسية بينهما من ودية للغاية في بعض الأحيان إلى متوترة للغاية في أحيان أخرى.
زيارة وزير الخارجية إلى تركيا
يقوم مبدأ مصر على السلام مع كافة الدول الشقيقة والمجاورة وغيرها، وحتى الغربية، فدائماً مصر موجودة وقت الأزمات والمحن لتساند وتدعم، ومؤخراً بدأت مصر وتركيا رحلتهما لإعادة العلاقات لسابق عهدها التاريخي وبدأت الدولتان في تبادل الزيارات وقدمت مصر لتركيا المواساة والدعم أثناء محنتها جراء الزلزال المدمر، ليأخذ مسار العلاقات الثنائية بين البلدين مساراً جديداً مليء بالتفاؤل والود.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية - في بيان، اليوم الأربعاء، أن السفير سامح شكري، وزير الخارجية، سيتوجه للعاصمة التركية أنقرة، غداً الخميس، تلبية لدعوة نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو.
وأوضح البيان، أن الزيارة التي تأتي استكمالًا للمباحثات التي أجريت خلال زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة في شهر مارس الماضي، تهدف إلى مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والتشاور حول عد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وقال وزير الخارجية التركي، الإثنين، إنه يمكن إعلان تعيين سفراء بين تركيا ومصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى أنقرة المنتظرة الأسبوع الحالي.
وأشار أوغلو - إلى أنه أوضح خلال المؤتمر الصحفي مع شكري في زيارته الأخيرة إلى مصر، أنهم "بدأوا الإجراءات بخصوص تعيين سفراء بشكل متبادل".
عودة العلاقات على الدبلوماسية
وأضاف أنه إذا بقي اجتماع الرئيسين لبعد الانتخابات التركية، "ربما يمكننا إعلان ذلك خلال زيارة سامح شكري إلى أنقرة خلال الأسبوع الحالي، وقد نصدر البيان يوم الأربعاء"، لافتا إلى أن شكري زار ولايات أضنة ومرسين وهطاي، عقب الزلزال المزدوج الذي ضرب جنوبي البلاد في 6 فبراير الماضي.
وشدد وزير خارجية تركيا، على أن زيارته الأخيرة إلى القاهرة، في مارس الماضي، كانت إيجابية وموجهة لتحقيق نتائج، مؤكدا أن "الوقت قد حان لاتخاذ خطوات ملموسة".
من جانبه قال السفير شامل ناصر، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لتركيا هو تطور إيجابي للعلاقات المصرية التركية، لأن مصر وتركيا قوى إقليمية كبرى، ويتشاركان في منطقة الشرق الأوسط، كما تربطهما مصالح مشتركة متداخلة، ويجمعهما تاريخ طويل، ومن الطبيعي أن يجمعهما حوار.
وأضاف ناصر - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه حاليًّا عن طريق هذا الحوار، يجري حل بعض الاختلافات التي كانت موجودة في الماضي بين الدولتين، ويحدث تطور مهم على مستوى العلاقات بين مصر وتركيا، متابعاً أنه ما دام الحوار قد ارتقى إلى مستوى وزراء الخارجية والمستوى السياسي، فهذا دليل واضح على التقدم في تسوية أي أمور كان بها اختلاف، ما يبشر بأن العلاقات بين البلدين ستعود إلى طبيعتها.
واختتم مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر لا تعادي أحدًا، وإنما تحاول أن تجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة استقرار، وجزء من هذا الاستقرار أن تربطنا علاقات صداقة بكل دول المنطقة وبكل دول العالم وليس لدى مصر مشكلات مع أحد، لأن سياستنا تنهض على السلام، مضيفاً أنه عندما يوجد سلام سيكون أكثر فائدة للتنمية، ما يجعله ينعكس على ازدهار الاقتصاد.
تطور العلاقات المصرية التركية
تطورات كبيرة شهدتها العلاقات ببن مصر وتركيا مؤخرا، بدأت بلقاء رفيع المستوى جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، في العاصمة القطرية الدوحة على هامش حفل افتتاح بطولة كأس العالم 2022، في شهر ديسمبر الماضي.
اللقاء الرئاسي أعقبه عدة تحركات في سبيل دعم إعادة العلاقات لطبيعتها، كان من بينها خطوة هي الأولى منذ 11 عاما، عندما استقبل سامح شكري، نظيره تشاويش أوغلو، مارس الماضي، في مؤشر وصف حينها، بأنه "اتجاه لإصلاح العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من التوتر".
وزار تشاووش أوغلو القاهرة الشهر الماضي، بعد 10 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 2013، كما زار شكري تركيا قبل عدة أسابيع للتعبير عن تضامن مصر بعد الزلزال المدمر والهزات اللاحقة له التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص في جنوبي تركيا وشمالي سوريا.
وعكست المحادثات التي جمعت وزيرا خارجية البلدين مارس الماضي، والتي كانت "صريحة ومتعمقة وشفافة"، وفق تعبير الوزير شكري، عزم البلدين على إعادة الدفء إلى العلاقة بينهما وتطويرها على المستويات كافة، وذلك بعد زيارة أجراها شكري إلى تركيا الشهر الماضي بهدف إظهار تضامن بلاده مع أنقرة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وأدى إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا والمصابين.
وكشف مصدر مسؤول - في تصريحات صحفية، حينها، أن "مسار استعادة كامل العلاقات بين القاهرة وأنقرة بات مسألة وقت بعد حلحلة معظم القضايا العالقة بين البلدين"، ملمحاً إلى "عمل الجانبين عبر القنوات الدبلوماسية للتحضير لقمة لم يتم الاتفاق بعد على مكانها بين الرئيسين المصري والتركي لإنهاء عقد من القطيعة".