تواصل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، الأربعاء، صلوات أسبوع الآلام "أربعاء البصخة"، الذى يتضمن العديد من الأحداث الهامة والمصيرية في حياة السيد المسيح ومن ثم في تاريخ المسيحية كلها، وهو اليوم الذي يسبق خميس العهد، ويُعرف أيضا في الكنائس الشرقية الأرثوذكسية بالأربعاء المقدس أو العظيم.
أربعاء أيوب
وتطلق الكنيسة على أربعاء البصخة اسم "أربعاء أيوب"، حيث تقرأ في هذا اليوم سفر أيوب الصديق، وهى قصة ممتلئة بالآلام، إلى جانب الرموز التى تحملها قصة أيوب الصديق فى آالامه وتشابه بعضها مع آلام المسيح.
القبلة الخائنة
ومن أحداث "أربعاء البصخة"، قبلة يهوذا الخائنة والتى بها سلم السيد المسيح، وفى قداس خميس العهد لا يقول الشماس "قبلوا بعضكم بعضًا"، ولا يقول هذا أيضًا فى قداس سبت النور، كل ذلك لكى تغرس الكنيسة فى أذهان المؤمنين نفورًا من القبلة الخائنة ومن خيانة يهوذا لمعلمه.
وتذكارا لخيانة يهوذا، تصوم الكنيسة كل أربعاء طوال السنة محتجين على التآمر على السيد المسيح، هذا التآمر الذى اشترك فيه يهوذا أحد تلاميذه بخيانة بشعة وفى البصخة ينشد المؤمنون كلهم مديحة تبكيت يهوذا.
وتركت هذه الواقعة الأليمة أثرًا عميقًا فى وجدان الكنيسة عبر تاريخها، على أن يهوذا لم يكن هو الوحيد الذى خان المسيح فى تلك الأيام، فكثيرون قد خانوه، كثيرون من الذين أحسن إليهم صاحوا قائلين: "اصلبه اصلبه"، فلماذا التركيز على خيانة يهوذا بالذات؟ ذلك لأن خيانة يهوذا كانت الخيانة الكبرى البشعة، وكانت خيانة فيها التواء قلب وخداع، لقد جاء مع الجند واقترب إلى السيد المسيح بقبلة وكانت هذه القبلة علامة بينه وبينهم، ويقول إنجيل القديس مرقس الرسول فى هذا "وكان مسلمه قد أعطاهم علامه قائلًا: الذى اقبله هو هو امسكوه وامضوا به بحرص".
ويشبه يهوذا بشجرة التين التى لعنها السيد المسيح، خضراء مورقة من الخارج وداخلها عريان وبلا ثمر، كان من الخارج يقبله ومن الداخل يخونه ويبيعه بالمال، من الظاهر كان يسلم عليه وفى الواقع كان يسلمه لأعدائه.
وظهرت وداعة السيد المسيح فى أنه لم يمنعه، كان يعرف كل ما اعتزم يهوذا أن يفعله وعاتبه فى رقة قائلًا: "ابقبلة تسلم ابن الإنسان".
ظهور مريم أخت لعازر
وفي هذا اليوم اجتمعت السلطات الدينية اليهودية معًا ليدبروا قتل المسيح، وتآمر معهم يهوذا، وفي يوم أربعاء البصخة تقرأ القراءات الخاصة بالمرأة التي سكبت الطيب على قدمي المسيح وهي مريم أخت لعازر، ليظهر الفرق بين ما فعلته مريم وما عمله يهوذا.
ثلاثون من الفضة كان ثمن شراء العبد حسب القوانين اليهودية، والمسيح بيع كعبد لكي يحرر الإنسان من العبودية، وكان الهدف من خيانة يهوذا أن يسلمه منفردًا بعيدًا عن الجموع، إذ هو يعرف الأماكن التي ينفرد فيها مع تلاميذه سرًا، حيث أعمى الطمع أعين التلميذ، أمّا مريم فقد فتح الحب قلبها. وغالبًا فقد كان رؤساء الكهنة قد دبروا أنهم يلقون القبض على المسيح بعد الفصح ولكن عرض يهوذا سهل عليهم الأمر وعدلوا خطتهم لتصير قبل الفصح.