الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد نجم يكتب: فوضى تعدد الزوجات

أحمد نجم
أحمد نجم

الدعوة التي أطلقها فضيلة الإمام الأكبر شبخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رئيس مجلس حكماء المسلمين بضرورة تواصل إجتهاد علماء المسلمين "مرة أخري " للوصول لفقه وفتاوي تكون قريبة من كتاب الله وسنة رسوله توضح أكثر ما أنزله الله تعالي بخصوص تعدد الزوجات  يجب أن تشكل لها لجان علي أعلي مستوي من علماء المسلمين الأكاديميين ، لتوضيح ووضع أطر  إرشادية وتحذيرية من بيان و أهمية وخطورة التعدد بعد أن إختلطت فيه  العادات و الأعراف الموروثة بمواريث الشريعة الإسلامية وأحكامها .

دعوة فضيلة الإمام  لا تتصادم مع شرعية التعدد أو تلغيه ، لأنه ثابت في التشريع الإسلامي و السنة المطهرة ، لكنه يدعو للتأمل أكثر في أحكام هذين المصدرين الأساسيين في التطبيق و لمزيد من تفسير الأحكام الفقهية من خلال البحث و الإستفادة من أراء مختلف علماء وفقهاء المسلمين وعلماء التفسير و الحديث .

خطورة تعدد الزوجات أنه أصبح من الظواهر الإجتماعية السلبية التي حلت آثارها المدمرة علي إستقرار بعض الأسر وراح ضحيتها أطفال تشرد بعضهم و عاني البعض من الأثار النفسية و الإحتماعية . وزاد معدل إرتكاب الجرائم من بين هذه الفئات . بينما شق البعض طريقا ملغما بالأشواك للنجاح  وكان هناك تأثيرا نفسيا مباشرا على المرأة بعد أن زاد معدل  الزواج الثاني والطلاق بدون قيود إستنادا  إلي الآيات القرآنية الكريمة التي تبيح تعدد الزوجات وتحلل الطلاق .و للأسف نسبها مرتكبوها للإسلام   الذي أباح بشروط ..

ولأن فوضى الزواج المتكرر والطلاق تؤثران بالسلب على شخصية المرأة وتربك حياتها وحياة أطفالها وتقلل من إبداعها في عملها حيث تتأثر نفسيا بحالتها الإجتماعية ، وتحد من إنخراطها في المجتمع ، فيجب أن يشارك أيضا في دعوة فضيلة الإمام علماء علم الإجتماع وعلم النفس التربوي وأن تجري أبحاث بيئية حديثة توضح التأثير السلبي للتفكك الأسري لهذه الأفه ، التي يستغلها البعض بطريق الخطأ ..و لا نستطيع أن نغفل أن هناك حالات من بعض الزوجات و الأطفال الذين تعرضوا للتفكك الأسري . مارسوا حياتهم بشكل طبيعي و نجحوا في حياتهم ظاهريأ بينما الجانب النفسي لحالتهم الله اعلم بهم وبما مروا به ..

التعدد المباح اتفق عليه الفقهاء من الخشية في وقوع الرجل في إرتكاب الفواحش ،علي  ان يكون مشروطا بالقدرة علي الإنفاق و العدل بين الزوجات في إعطاء الحقوق . ومجرد التفكير في عدم القدرة علي الإنفاق و العدل يخل بما حلله الشرع . فلا يمكن أن تضار زوجة في معيشتها من جراء رغبة زوجها الزواج بإخري لكونها فتنته . ويخشي علي نفسه الوقوع في الفاحشة . هذا التفسير في الفهم الخاطئ موروث من العادات والتقاليد و يعمل علي إضعاف التشريع الديني في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، لان البعض لجأ الي  توريث العادات والتقاليد دون الإبحار في تفسير النص الديني

الفقهاء  الأحناف قالوا إنه إذا رغب الزوج الزواج من أخري خشية الوقوع في الفاحشة معها ، و في نفس الوقت يخشي في نفسه إلحاق الضرر بزوجته الأولي أو الثانية . فهذا شرعا يحرمه من التعدد . ويري فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر أن الجور علي الزوجة في هذا الأمر جريمة تزيد علي جريمة الزنا . مع خوف الزوج من الجور  أو تعمده أو بقصد الإضرار بزوجته الأولي أو الثانية أو الثالثة .

وهناك فهم خاطئ للآية الكريمة "  مثني وثلاث ورباع " إرتبط بتقاليد وموروثات أباحت التعدد  ، لان البعض فسر النص الديني من خلال العادات و الأعراف وتغاضي عن الشرط الأساسي للإباحة في التشريع وهو القدرة و العدل .

ولأن الشرع اعطي الزوج رخصة فلأن المشاعر القلبية لاسلطان لأحد عليها . لذلك فإن إباحة التعدد هي رخصة مشروطة و ليست أمر واجب ولا مباحة مطلقه . ولا حق من حقوق الزوج حيث أنها رخصة مقيدة بقيود ثقيلة . فالعدل في المشاعر و الأحاسيس أمر صعب بل ومستحيل في كثير من الأحيان .

 وهناك أمور وتفسيرات كانت تصلح في ازمنه مضت . قد لا تصلح أو  تحتاج لمراجعة في العصر الحالي . فكان الرجل في ازمنه مضت قد لا تعفه إمرأة واحدة، و قد يكون كثير الشهوة ، فجعل الله له طريقًا إلى إعفاف نفسه بالطريق الحلال، وأيضا اعفافا للمرأة من كثرتهن بالقياس بعدد الرجال فربع أو ثلث أو نصف  زوج أفضل من العدم لكن بشرط القدرة والعدل  .

وإذا أوفي الزوج بشروط القدرة والعدل فللزوجة أن تصبر على الضرة، لانه حق للزوج . و إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة  تطلب الطلاق .  و يسقط حق الزوجة في طلب الطلاق إذا مضي عام ميلادي من علمها بالزواج عليها . والزم القانون الزوج ضرورة أعلام زوجته بتكرار زواجه .بطرق رسمية دون تحايل وإثبات ذلك في العقد الجديد .

غير أن إستخدام هذا الحق المشروط في الوقت الحالي وفي الظروف الإقتصادية التي يمر بها البعض يصعب جدا الوفاء بالرخصة . بجانب القدرة علي العدل لذلك  كانت الدعوة لإيجاد روح جديدة للتفسير معاصرة لا تتنافي مع الشريعة ومحذرة من خطورة التأثير الإجتماعي علي الأسرة والقضاء علي ظاهرة أطفال الشوارع، الناتجة من التفكك الأسري نتيجة الطلاق وتكرار الزواج.  

لابد أن يكون هناك تأهيل لثقافة الزواج و التعريف بمسؤولياته ومتطلباته للزوجين وضرورة إيجاد صبغ لحل الخلافات الزوجية تقوم بها الأسرة و حكماء العائلة

الأمن القومي للمجتمع  يتطلب الحد من تلك الفوضي في تكرار  الزواج و الطلاق و التفكير في إيجاد حوار مجتمعي يتم طرح فيه كافة المشاكل التي تواجه الزوجين ، و النعريف بكيفية تخطيها أو تحملها و التجاوب معها.  يشارك فيه المختصين ( فقط ) من علماء الدين و الاجتماع و علم النفس و القانون و التربويين للوصول للمفهوم الصحيح لدعوة فضيلة الإمام الأكبر  للحد و ليس للمنع .