تواصل انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي للأوقاف بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، حيث جاءت الليلة السابعة عشر من رمضان، بعنوان: "صدقة الفطر" مساء الأحد.
زكاة الفطر تسهم في التكافل الاجتماعي
وحاضر فيها الدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقا، والدكتور نوح العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير الأوقاف، والقارئ الشيخ إبراهيم الفشني قارئًا، والمبتهل الشيخ عبد الرحمن الأسواني مبتهلًا.
وأكد الدكتور نوح العيسوي أن ديننا دين التراحم والتكافل، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”.
وقال إن الإسلام دين القيم النبيلة من الكرم والسخاء والتعاون والتآلف، مبينًا أن من أجل تأكيد هذه القيم فرض الله (عز وجل) الزكاة في أرقى صورة ليحث على التكاتف بين أفراد المجتمع، فقال الله (سبحانه وتعالى): “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
ويقول النبي(صلى الله عليه وسلم): "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ"، وقد جعل الله الزكاة ركنا من أركان الإسلام، وقرنها بأعظم فريضة من فرائض الدين وهي الصلاة، فقال الله (عز وجل): “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّه”.
ورغب النبي (صلى الله عليه وسلم) في الصدقة فقال: “ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه اللهُ يومَ القيامةِ، ليس بينه وبينه تَرجمانُ، فينظرُ أيْمنَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ أشأَمَ منه، فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ بين يدَيه، فلا يرى إلا النَّارَ تِلقاءَ وجهِه، فاتَّقوا النَّارَ، ولو بشِقِّ تمرةٍ، ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ”.
وأكد أن الزكاة تسهم في التكافل الاجتماعي وسد حاجة الفقراء والمحتاجين، فإذا أخرج المسلم زكاته وأطعم الفقير مما رزقه الله فله الأجر العظيم، حيث يقول الله (عز وجل): "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، وأن الزكاة لها أنواع كثيرة ومنها صدقة الفطر أو زكاة الفطر وسميت بذلك من باب تسمية الشيء بسببه، لأن سبب وجوبها هو انتهاء الصيام بغروب آخر يوم من أيام رمضان، وقد أوجبها الله (عز وجل) على كل مسلم ومسلمة ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا.
واستدل بحديث ابن عمرو (رضي الله عنهما): "أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى كُلِّ حُرٍّ، أوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ"، والحكمة منها تطهير الصيام من اللغو والرفث وسد حاجة الفقير لما روي عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنهما) حيث قال: "فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِينِ، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ ؛ فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ ؛ فهيَ صدقةٌ مِنَ الصدقةِ"، وهذه الفريضة تدخل الفرحة والسرور على الفقراء والمساكين، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "أغنوهم عَن طوافِ هذا اليومِ"، وهي تجزئ نقدًا كما تجزئ طعامًا، والعبرة بما يحقق مصلحة الفقير.