مع شروق الشمس، تستيقظ جميلة محمد، لتستقل التروسيكل الخاص بها وتتجول به داخل عزبة المهندس التابعة لمحافظة البحيرة، حيث تقوم بتوزيع الخبز على الأهالي بعد إحضاره، هكذا يبدأ يوم أول سيدة دليفري لتوصل الطلبات إلى أهالي مركز دمنهور.
لا يقتصر عملها على توصيل الخبز في الصباح الباكر، بل يمتد لساعات طويلة، حيث تتجه صاحبة الـ45 عاما، إلى السوق لتقف في موقف القرية للحصول على دورها في تحميل بضائع الزبائن كغيرها من مالكي التروسيكل، لتعود محملة بالخضار.
وقالت جميلة لـ "صدى البلد": "بشتغل دليفري في توصيل الأنابيب والخضار من 10 سنوات، علشان أعول أسرتي بعد وفاة زوجي".
هكذا لخصت جميلة قصة كفاحها، حيث قررت الإنفاق على أطفالها الـ4 بعدما توفي والدهم، لعدم رغبتها طلب المساعدة من أحد.
بدأت السيدة عملها في الأراضي الزراعية، ثم فكرت في عمل مشروع خاص بها للإنفاق على أطفالها.
وقالت: “كنت أول دليفري فيالبحيرة، وكنت بشتغل في الأراضي الزراعية، بنزل أشتل الرز وأضم الغلة علشان أربي عيالي، عايزاهم أحسن مني، لكن قلت لازم أعمل مشروع خاص دايم بعد صحتي ما خانتني، وكان التروسيكل هو الحل علشان أريح راسي من الشيلة”.
تتغير ملامحها عندما تتذكر تفوق أبنائها في المراحل الدراسية المختلفة، مؤكدة أنهم يسعون إلى تحقيق حلمهم في الالتحاق بكليات القمة، كما أنها رفضت الزواج لتوفير متطلباتهم: “تعب الدنيا بيهون لما بشوف عيالي متفوقين، هما أملي في الحياة وبيذاكروا علشان يفرحوني، ونفسي يدخلوا كليات عالية”.
واجهتجميلة العديد من الانتقادات في بداية عملها، إلا أنها أصرت على مواصلته فلا سبيل لها في التراجع كونها ربة أسرة مكونة من 4 أطفال أكبرهم في المرحلة الثانوية الأزهرية: “الناس كانت بتنتقدني، لكن أنا معنديش وقت للتراجع، لازم أعلم عيالي”.
دعم كبير تتلقاه جميلة من سيدات قريتها، جعلها لا تستسلم للانتقادات: “الستات بتدعمني علشان كده مبفكرش في أي حد ينتقدني، بطلع من بدري على باب الله وبجري على رزق عيالي”.
“الشغل مش عيب طالما حلال”، عبارة وجهتها الست جميلة إلى السيدات، لتحثهن على العمل والإنفاق على أسرتهن عند الحاجة إلى ذلك لتوفير سبل العيش الكريم لهم دون النظر إلى الانتقادات: «اشتغلوا يا ستات الشغل مش عيب».