تخضع روسيا لعقوبات اقتصادية ضخمة منذ أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، وفي وقت سابق من العام الجاري، قالت روسيا إن اقتصادها شهد انكماشا بنسبة 2.1 في المئة في عام 2022، أقلّ بكثير من نسبة كانت متوقعة عند 15 في المئة.
أثر العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يصرّ في السابق على صمود اقتصاد بلاده في وجه العقوبات الاقتصادية، لكنه أقرّ الأسبوع الماضي بأن تلك العقوبات تركت أثرا سلبيا على روسيا.
وفي وقت متأخر من السنة الماضية، فرضت دول غربية سعر سقف على النفط الروسي، الذي يمثل مصدر دخل كبير للبلاد. وكان ذلك في إطار عدد من العقوبات التي فرضتها دول عديدة دعماً لأوكرانيا.
لكن رغم هذه العقوبات، جاء انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة أقل بكثير من المتوقعة على نحو فاجأ المراقبين إزاء المرونة التي أظهرها هذا الاقتصاد حتى الآن.
وشهدت صادرات روسيا من الطاقة إلى أوروبا تراجعا حادا في عام 2022، لكنْ تقدمت الصين والهند وغيرهما وملأوا هذا الفراغ، وعندما انسحبت مئات الشركات الغربية من روسيا احتجاجا على اجتياح أوكرانيا، تقدّم رجال الأعمال الروس وملأوا الفراغ الذي خلّفته هذه الشركات الغربية.
وتقول روسيا إنها شرعت في عملية تكييف لاقتصادها في ظل العقوبات، وإنها تأمل في إتمام هذه العملية بحلول عام 2024.
تهديد روسي بإلغاء اتفاق صادرات الحبوب الأوكرانية
وهدد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجمعة 7 إبريلن أثناء زيارة إلى تركيا بإلغاء اتفاق صادرات الحبوب الأوكرانية في حال عدم إزالة القيود المفروضة على صادرات موسكو من الأسمدة والمنتجات الغذائية.
لوحت روسيا الجمعة بإلغاء اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية إذا لم يحصل تقدم على صعيد إزالة القيود المفروضة على صدراتها من الأسمدة والمنتجات الغذائية.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خلال زيارة إلى أنقرة إنه "إذا لم يحصل تقدم على صعيد إزالة العوائق أمام صادرات الحبوب والأسمدة الروسية، فسنتساءل عما إذا كان هذا الاتفاق ضروريا".
بخصوص الحرب في أوكرانيا، صرح لافروف خلال أن أي مفاوضات سلام بشأن أوكرانيا يجب أن يكون مرتكزها الأساسي قيام "نظام عالمي جديد" لا يخضع لهيمنة الولايات المتحدة.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، إن "المفاوضات لا يمكن أن تتم إلا على أساس مراعاة المصالح الروسية. هذه مبادئ سيقوم عليها النظام العالمي الجديد".
ملفات دولية مشتركة
وتتحرك روسيا وتركيا بشكل مشترك في عدة ملفات دولية وتشدد موسكو على ضرورة تنسيق المواقف مع أنقرة بحسب وزارة الخارجية الروسية.
بين النقاط المطروحة على جدول الأعمال "تطبيق الاتفاق حول الحبوب" الأوكرانية الذي تدخل فيه أردوغان شخصيا عند توقيعه في تموز/يوليو 2022 في إسطنبول.
وفي 19 مارس تم تمديد الاتفاق الذي يتيح تصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر آمن في البحر الأسود رغم الحرب.
لكن موسكو اقترحت تمديدا "لمدة 60 يوما في بادرة حسن نية" بدلا من الـ120 يوما المتفق عليها أساسا، مصرة على احترام الشق الآخر من الاتفاق المتعلق بتصدير الأسمدة الروسية.
تعد هذه المنتجات الضرورية للزراعة العالمية ليست خاضعة للعقوبات الغربية المفروضة على موسكو منذ غزوها أوكرانيا في فبراير 2022، لكنها تتعرض بالواقع إلى عراقيل.
وأوكرانيا من أكبر منتجي الحبوب في العالم. وسمح الاتفاق الذي توسطت فيه أنقرة والأمم المتحدة في يوليو 2022 بتصدير أكثر من 25 مليون طن من الحبوب.
وتدفع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والتي تقيم علاقات جيدة مع جارتيها في البحر الأسود روسيا وأوكرانيا، لاستئناف محادثات السلام بينهما على أمل البناء على جهودها الدبلوماسية التي بدأتها العام الماضي.
حوار سياسي روسي تركي مستمر
وتمكنت تركيا منذ بدء النزاع من الحفاظ على علاقات مع أوكرانيا وروسيا، وذكرت وزارة الخارجية الروسية بأنه "رغم تعقيد الوضع الدولي، فإن الحوار السياسي الروسي-التركي مستمر على مستوى رئيسي البلدين في المقام الأول".
وقال مسؤول تركي لوكالة فرانس برس طالبًا عدم الكشف عن اسمه، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يخوض حملة لإعادة انتخابه رئيسا في 14 مايو، سيستقبل لافروف.
ويتواصل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان باستمرار، إما عبر الهاتف أو وجها لوجه، وفي العام الماضي، التقى الرئيسان أربع مرات في سوتشي وطهران وسمرقند وأستانا.
من جانب آخر، تعتزم روسيا تشجيع مصالحة بين تركيا وسوريا اللتين توترت علاقتهما منذ بدء الحرب السورية في 2011. وقد دعت الى عدة لقاءات لكنها بقيت حتى الآن حبرا على ورق.
يشترط الرئيس السوري بشار الأسد لعقد أي لقاء مع أردوغان، انسحاب القوات التركية المتواجدة في شمال سوريا لمنع هجمات يشنها أكراد.
لكن الناطق باسم الرئاسة التركية والمستشار الدبلوماسي لأردوغان، إبراهيم كالين أعلن الأربعاء عن لقاء مقبل في موسكو بين وزيري خارجية ودفاع البلدين، إلى جانب وزراء روسيا وإيران.
وأوضح أن هذا اللقاء سيعقد "في الأيام المقبلة" مع رؤساء أجهزة استخبارات البلدان الأربعة. وقد التقى كالين الرئيس بوتين الخميس في موسكو كما أعلن الكرملين.