أكدت الدكتورة إيمان فاروق الحجار، باحث بقسم التغذية وعلوم الأطعمة بالمركز القومى للبحوث، أنه يلازم عيد الفطر بعض المشاكل الصحية بسبب التغيير المفاجئ فى النمط الغذائى، من الصيام لفترات طويلة إلى الاختلال فى مواعيد تناول الطعام، ما ينتج عنه عدة مشاكل صحية، ومنها اضطرابات الجهاز الهضمى مثل الإسهال، والإمساك، وزيادة الحموضة، وكذلك الاختلال فى مستوى السكر بالدم، وارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن، وغيرها، وهذه المشاكل الصحية تنجم عن العادات الغذائية الخاطئة التى يتبعها البعض، والتى قد تؤدى إلى أضرار صحية وخيمة.
وشددت “الحجار” على ضرورة تعديل وتصحيح هذه العادات الغذائية، لأن الكثيرين يظنون أن الوجبات الغذائية مقتصرة على الثلاث وجبات الرئيسية المعروفه بالإفطار والغداء والعشاء، مع عدم احتساب المتناول من المأكولات طوال اليوم، والواقع أن كل ما يؤكل من أطعمة مثل البسكويت والكحك وحلوى العيد والمكسرات أو حتى الفول السودانى واللب، كذلك أيضاً المشروبات مثل المياه الغازية والعصائر فيما عدا الماء، كل ذلك قد يكون وجبة صغيرة أو جزءا من الوجبة.
وقالت: “ولهذا يجب على كل فرد معرفة محتوى ما يتناوله من أطعمة ومشروبات من السعرات الحرارية، ويعرف إذا كان غذاؤه صحيا أم لا”.
وأوضحت أنه يمكن التعبير عن محتوى الأغذية من الطاقة وعن حاجة الإنسان منها بالسعرات الحرارية، ويختلف كل فرد عن الآخر فى حساب احتياجاته الغذائية نظرا للعمر، والجنس، والوزن، والحالة الصحية، ونوع العمل، والمجهود الذى يقوم به، فمثلا الرجل الذى يزن 70 كجم وعمره يترواح بين 25 و35 عاما ويقوم بمجهود عادى (أى يقوم بعمل مكتبى وجالس معظم الوقت)، يحتاج إلى 2375 سعرا حراريا يومياً، ويختلف عنه إذا كان يقوم بمجهود شاق مثل عامل بناء، مثلاً فإنه يحتاج إلى 3990 سعرا حراريا.
وأضافت: “أما بالنسبة إلى كحك العيد الذى يعتبر من أهم أطباق الضيافة الهامة والتقليدية التى تقدم بالعيد وتتبارى كل أسرة فى تقديمه، فإن الكحكة الواحدة التى تزن 50 جراما تعطى 230 سعرا حراريا، وهذا لارتفاع نسبة الدهن بها، ويؤدى الإكثار منه إلى ارتباك فى عملية الهضم، أما بالنسبة الى البسكويت الذى يزن 15 جراما، فيحتوى على حوالى 70 - 90 سعرا حراريا، والبتى فور الواحدة منه 15 جراما تحتوى على 70 سعرا حراريا، وأخيرا الغريبة التى تزن 25 جراما تحتوى على حوالى 120 سعرا حراريا”.
وذكرت أنه لكى تقضى عيد الفطر بصحة وسلامة، يجب مراعاة ما يلى:
- إذا كنت تعانى من مرض السكر أو القلب والأوعية الدموية، يجب استشارة طبيبك الخاص بكيفية تعديل جرعات الدواء والالتزام بها.
- ابدأ تدريجياً بتناول الطعام بوجبات خفيفة سهلة الهضم، وقسم وجبات الطعام إلى ثلاث وجبات، ويفضل تناول الفواكه الغنية بالألياف بين الوجبات.
- تجنب الارتفاع الشديد لمستوى السكر بعد الإفطار.
- تجنب الجفاف نتيجة لنقص السوائل وأكثر من شرب الماء.
- تجنب الزيادة في الوزن.
ـ الحفاظ على نسبة الأملاح بالجسم، حيث إن النقص أو الزيادة قد يؤدي إلى خلل في ميزان الماء والسوائل بالجسم، وبالتالى قد يؤدى إلى اضطراب بوظائف الكلى.
- يجب ممارسة الرياضة.
العادات الغذائية الخاطئة والشائعة بأيام العيد وتصحيحها:
- الإسراف فى تناول المنبهات مثل الشاى والنسكافيه والتدخين فور الإفطار واستبدالها بالمشروبات الساخنة مثل البابونج والكراوية والينسون، لما لها من دور فى تهيئة المعدة للطعام وتساعد فى الهضم، وتمنع التقلصات وطاردة للغازات بالمعدة، أما الشاى الأخضر والقرفة والليمون فتستخدم لحرق الدهون.
- تناول الكحك والبسكويت ومخبوزات العيد عند أذان الفجر، وبدلا منها الاستعداد لصلاة العيد بعد تناول كوب من اللبن بالتمر بدون سكر، حيث إن البلح له فؤائد عديدة ويهيئ المعدة للطعام.
ثم بعد صلاة العيد، تناول قطعة من الكحك والبسكويت أو البتى فور، وتجنب الغريبة فى هذه الفترة.
ويفضل تناول الكحك المخبوز بالزبادى والمحشو بالتمر والمضاف إليه القليل من القرفة.
أما بالنسبة للبسكويت، فيفضل نوعان من البسكويت، وهوالمضافة إليه القرفة لما لها من دور هام فى حرق الدهون، وكذلك المضاف إليه مبشورالبرتقال لاحتوائه على نسبة من الألياف والفيتامينات والأملاح المعدنية المفيدة، أما البسكويت الأقل بالسعرات الحرارية واقتصادى وسريع التحضير، فهو المضاف إليه اليانسون والمعروف باسم "صوابع أنس".
- من العادات الغذائية السيئة المتبعة أيضاً بعيد الفطر، تناول الأسماك المملحة بعد تناول الكحك صباحاً، لذلك يمكن استبدال هذه العادة بتناول شوربة السى فود أو شوربة السمك بجانب الأسماك المشوية أوالمسلوقة المتبلة لأنها سهلة الهضم، بجانب طبق السلطة الخضراء الغنية بالألياف والأملاح المعدنية والفيتامينات لتجنب الإمساك، ويفضل ذلك فى منتصف النهار.
ويفضل البدء بتناول طبق صغير من الحلبة المنبتة، حيث تساعد الحلبة على خفض مستوى الكوليسترول، وتقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهى مفيدة لمرضى الضغط الدم العالى لاحتوائها على البوتاسيوم.
ويعتبر مشروب الحلبة الساخن المحلى بالعسل الأسود مسهلا طبيعيا يقى من الإمساك، والحلبة المنبتة تفيد مرضى السكر، حيث إنها غنية بالألياف وتقلل من الشعور بالجوع وتحفز الكبد لإنتاج الأنسولين.
- للترمس أيضاً فؤائد عديدة، حيث إنه غنى بالألياف، لهذا ينصح مريض السكر بتناوله، فالألياف تبطئ من امتصاص الجسم للجلوكوز.
كذلك أكدت العديد من الدراسات أنه يقلل من ارتفاع مستوى الكولسترول بالدم، ويحمي من الاصابة بسرطان القولون كما أنه مدر للبول.
ويفضل أن يملح الترمس بملح البوتاسيوم، وإضافة الكمون وعصير الليمون لمرضى القلب والأوعية الدموية ومرضى الضغط الدم العالى.
- تجنب الإسراف في تناول المياه الغازية واستبدالها بثمار الفاكهة الغنية بالألياف، مثل التين والمشمش والبطيخ والكتنالوب والأناناس، وتجنب التفاح والجوافة والجزر لتفادى الإمساك.
ويمكن عمل مشروب المياه الغازية بالمنزل بإضافة ملعقة صغيرة من كربونات الصوديوم إلى نصف كوب ماء وبعض من عصير الليمون.
- قد تحدث نوبات من الإسهال نظرا لاضطرابات الجهاز الهضمى نتيجة الإكثار من الغريبة والكحك ومخبوزات العيد، لذا ننصح بالاعتدال في تناول هذه الأنواع لتجنب التخمة والزيادة بالوزن.
وتذكر أن المعدة هى بيت الداء وأن الإسراف فى تناول الطعام يؤدى إلى اضطرابات في الجهاز الهضمى، ما يعود بالضررعلى صحة الإنسان، وقد قال الله تعالى فى كتابه الحكيم "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الأعراف: 31).
- وأخيراً، اجعل من العيد فرحة بين أفراد أسرتك وقم بالألعاب الرياضية بالمنزل أو بالحدائق والمتنزهات، فمثلاً يطلب من الذى يسرف فى تناول الكحك والغريبة والأنواع الأخرى من حلوى العيد، نزول السلم وصعوده عده مرات أو الجرى فى المكان لمدة 10 دقائق أو ممارسة الرياضة الراقصة بالمنزل، مثل رقصات السالسا والسامبا والزومبا، وهذه الرقصات انتشرت فى الآونة الأخيرة، وهى تعتمد على تنفيذ حركات الجسم السريعة مع الإيقاع الموسيقى.
وتركز هذه الرقصات على حركة الساقين والذراعين، وفوائد هذه الرقصات الحفاظ على الصحة العامة لأنها تساعد على التخلص من الاكتئاب والتوتر والضغط العصبي، وإدخال السعادة والسرور على النفس، كما تساعد على إنقاص الوزن، حيث إن الحركات المتسارعة المتتالية عند أداء هذه الحركات تساعد الجسم على حرق الدهون، كما تساعد فى الحصول على جسم مشدود ورشيق، وبالتالى إدخال الفرحة والسرور بين أفراد العائلة.
وختاماً يجب أن نغيرمن مفهوم أن كرم الضيافة أثناء أيام عيد الفطر المبارك ليس أبداً بتناول العديد من أطباق الكحك ومخبوزات العيد، ولكن يجب أن ننظرللمشروبات على أنها أيضاً رمز للحفاوة والترحيب، وبهذا نتمنى لكم قضاء عيد سعيد.