صادف في مثل هذا اليوم 5 أبريل 1809، إبعاد محمد علي لـ عمر مكرم عن القاهرة كخطوة أولى للتخلص من الزعامة الشعبية والانفراد بحكم مصر.
ودخل محمد علي مصر كرئيس للكتيبة الألبانية التي أرسلتها الدولة العثمانية لمحاربة الفرنسيين وأظهر محمد علي التودد إلى كبار رجالات المصريين وعلمائهم ومجالستهم والصلاة خلفهم كما أظهر العطف والرعاية للشعب المصري.
وبعد فترة من الاضطرابات والفوضى والصراع بين العثمانيين والمماليك، تم عزل الوالي خورشيد باشا واختار الشعب بقيادة عمر مكرم محمد علي واليا على مصر وأصدر السلطان العثماني سليم الثالث فرمانا بذلك، ألا إن محمد علي رأى أن هناك بعض الأخطار التي تحدق به وربما تحول دون تمكنه من السيطرة على الحكم وقيامه بخطة بناء وتنمية مصر الحديثة وكان المماليك على رأس هذه الأخطار وقد تخلص منهم في مذبحة القلعة ، كما أنه لم يكن ليرتاح لسطوة الزعامة الشعبية بقيادة عمر مكرم نقيب الإشراف.
وعلى الرغم من المساعدات التي قدمتها الزعامة الشعبية بقيادة عمر مكرم لمحمد علي بدءً بالمناداة به واليًا، ثم التشفع له عند السلطان لإبقائه واليًا على مصر ، وبالرغم من الوعود والمنهج الذي اتبعه محمد علي في بداية فترة حكمه مع الزعماء الشعبيين ، بوعده بالحكم بالعدل و رضائه بأن تكون لهم سلطة رقابية عليه ، إلا أن ذلك لم يدم ، فبمجرد أن بدء الوضع في الاستقرار النسبي داخليًا بدأ بالتخلص من الألفي.
وفي شهر يونيو من عام 1809 ، فرض محمد علي ضرائب جديدة على الشعب ، فهاج الناس ولجأوا إلى عمر مكرم الذي وقف إلى جوار الشعب و توعد بتحريك الشعب إلى ثورة عارمة ونقل الوشاة الأمر إلى محمد علي الذي استغل محاولة عدد من المشايخ و العلماء للتقرب منه وغيرة بعض الأعيان من منزلة عمر مكرم بين الشعب كالشيخ محمد المهدي والشيخ محمد الدواخلي ، فاستمالهم محمد علي بالمال ليوقعا بعمر مكرم.
وأرسل محمد علي يستدعي عمر مكرم إلى مقابلته، فامتنع عمر مكرم قائلاً: "إن كان ولابد ، فاجتمع به في بيت السادات" وهنا وجد محمد علي في ذلك إهانة له ، فجمع جمعًا من العلماء والزعماء، وأعلن خلع عمر مكرم من نقابة الأشراف وتعيين الشيخ السادات ، معللاً السبب أنه أدخل في دفتر الأشراف بعض الأقباط واليهود نظير بعض المال ، وأنه كان متواطئًا مع المماليك حين هاجموا القاهرة يوم وفاء النيل عام 1805، ثم أمر بنفيه من القاهرة إلى دمياط.
وبنفي عمر مكرم، اختفت الزعامة الشعبية الحقيقية من الساحة السياسية ، وحل محله مجموعة من المشايخ الذين كان محمد علي قادرًا على السيطرة عليهم إما بالمال أو بالاستقطاعات ، وهم الذين سماهم الجبرتي "مشايخ الوقت".