الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الخلاف الأسري مبرر للانتقام؟.. خبراء يكشفون عن مفاجأة ويضعون روشتة

جريمة أكتوبر
جريمة أكتوبر

يعد العنف الأسري من المشكلات الغريبة على مجتمعنا المصري، وقيمنا الأصيلة، التي تقوم على المودة والرحمة والترابط والاتحاد في مواجهة أي تهديد للأسرة مهما بلغت التحديات، حيث يتعاون أركان الأسرة خاصة الأب والأم لتخطي تلك التحديات أيا كان حجمها دون المساس بقوام الأسرة أو أي محاولة لهدمها.

العنف الأسري.. الأسباب والمخاطر

وظهر العنف الأسري نتيجة تداخل عوامل كثيرة منها تزايد متطلبات الحياة؛ الأمر الذي افتقد معه أفراد الأسرة التواصل وغابت بينهم لغة الود واللين، كمان لا يمكن تجاهل متغيرات العصر والتطور التكنولوجي، الذي انعكس سلبا على الترابط الأسري وبات جزءا أصيلا من المخاطر والأزمات التي تهدد الأسرة.

ولا يتوقف العنف الأسري عند المتزوجين، فقد يستمر بعد الانفصال، الذي كان سببا في حدوث الطلاق، وقد يتطور ويكون عاملا في فقدان أحد الزوجين حياته نتيجة غياب التفاهم ونسيان الود الذي جمع بين الاثنين لسنوات طوال ونتج عنه أطفال.

وأثار مقطع فيديو مدته 60 ثانية، الخوف في قلوب الكثير، فقد ظهر خلاله زوج لا يفكر سوى في الانتقام من طليقته، واضعا خطته الشيطانية للخلاص منها، حيث انتظرها في الشارع وما أن رآها قادمة حتى هرع نحوها ممزقا جسدها بسلاح أبيض وأنهى حفلة التعذيب بقتلها وسط صرخات المارة، الذين تجمعوا حوله وكان برفقتهم شقيق الزوجة الضحية الذي كان يلحق بشقيقته وانهالوا عليه بالضرب حتى أنقذته قوات الشرطة من بين أيديهم قبل الفتك به.

وبسؤال ابنة المجنى عليها أقرت بوجود خلافات بين والدتها المتوفاة وطليقها المتهم بسبب احتفاظها بأولادها من زيجة سابقة ورفضه ذلك، فقام بتطليقها، الأمر الذي تركت معه مسكن الزوجية منذ شهر، وفي يوم الواقعة حدثت بينهما مشادة كلامية قام على إثرها بتتبعها أثناء سيرها بمحل الواقعة وتعدى عليها بسلاح أبيض ما أدى إلى وفاتها.

من جانبه قال الدكتور عبدالحميد زيد، نقيب المهن الاجتماعية وأستاذ علم الاجتماع، إن طريقة ارتكاب الجريمة أصبحت شديدة العنف، وذلك يرجع إلى أسباب عدة منها: سلوك المواطن، الذي تغير نتيجة لمتغيرات القيم المحورية.

تغيرت القيم والتسامح ببن الناس 

وأضاف زيد - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن القيمة المحورية هي التي تحدد مساحة المرغوب فيه ومساحة المرغوب عنه وتحدد المرفوض والمقبول، وتغيرت القيم من التسامح والتمسك بالدين وتبدلت بفعل مرور الزمن، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأفلام التي تقلد نماذج سلوكية غير جيدة، جعلت المواطن أقل درجة في تحمل المسئولية، وأقل انضباطا، ونشرت الاهتمام بالماديات غاية مهمة.

وأشار إلى أن السلوك الانحرافي أو الإجرامي أصبح مقبولا من المحيطين بمرتكب الجريمة، وتهاون المجتمع بقيم السلوك، جعل السلوك الإجرامي مقبولا ولديه مبرراته، مضيفا: "العنف الأسري محصلة لخلل في منظومة التربية، والمشكلات الأسرية تتسبب في رفع معدلات العنف والجرائم، وتسبب فى مشكلات نفسية وصحية للأطفال".

ولفت: مصر مرت بحقب تاريخية انتشر بها الفقر ولكن لم يزداد حجم الجريمة مثل الوقت الحالي بسبب تحكم القيم في سلوك الإنسان الجيد، مشيرا إلى أن "الفقر ليس من المبررات الأساسية التي قد تخرج الإنسان عن شعوره ولا تصل إلى القتل".

وطالبت النائبة أمل سلامة عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بسرعة إقرار قانون ضرب الزوجات، الذي تقدمت به إلى البرلمان لوضع حد لظاهرة العنف الأسري، مؤكدة أن "قانون العقوبات لا يوجد به نص يجرم ضرب الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها، ولذلك دائما ما يفلت المتهم من العقاب، رغم تزايد معدلات العنف الأسري".

وقالت إن مشروع القانون، الذي سبق أن تقدمت به إلى مجلس النواب في الفصل التشريعي السابق، ووقع عليه 60 نائبا، وشهد حوارا مجتمعيا على كافة المستويات، يتضمن تعديلا للمادتين (242) و(243) من قانون العقوبات، ويقضى بتغليظ عقوبة ضرب الزوج أو الزوجة إذا حدث تعدى أى منهما على الآخر، ونشأ عن ذلك عجزا عن العمل مدة تزيد على 20 يوما أو عاهة مستديمة، بالسجن مدة تصل إلى 3 سنوات، وتزداد العقوبة إلى 5 سنوات فى حال الضرب مع سبق الإصرار والترصد، والاستعانة بالأهل من الطرفين.

التأثير السلبي للتنشئة الاجتماعية 

وقال الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، إن هناك جرائم أسرية انتشرت في الآونة  الأخيرة نتيجة بعض العوامل في البناء النفسي لمرتكب الجريمة وأهمها نمط التنشئة الاجتماعية الذي يتعرض له مرتكب الجريمة في نشأته، ومنه العنف أو النبذ الاجتماعي من الوصمات غير المستحبة بالألفاظ، مؤكدا أن تلك العوامل تجعل البناء النفسي مشبع بالعنف، وينتقل مع الطفل حتى الكبر وتظهر مع السن لعمل ما يسمى بإعادة إنتاج السلوك ويعتقد أن الضرب المبرح الوسيلة الأنسب التربية والتعبير عن الغضب المكنون والذي قد يؤدي إلى القتل.

وكشف هندي في تصريحات لـ"صدى البلد" عن مجموعة العوامل النفسية التي تتسبب في وجود عنف أسري شديد جدا منها الإحباط والضغط النفسي وعدم إشباع للحاجة النفسية.

وأضاف هندى: الظروف الاقتصادية أثرت بشكل كبير على سلوك الفرد واختفت المساندة الاجتماعية، ومن بين تلك العوامل انخفاض مستوي التعليم، لافتا: غالبا مرتكب جريمة العنف قد يكون ذا مستوى تعليمي منخفض وهو ما أثر على تهذيب السلوك، أو درس في  مدارس خالية من الأنشطة الاجتماعية، أو طرق التدريس الجيدة، وممارسة السلوك الإنساني بصورة حميدة تجعل الطالب كائن مرتبط بالمجتمع.

وأشار إلى أن جميع الجرائم الأسرية من قتل وعنف أو ضرب بسبب نمط الشخصية، فغالبا ما يكون مرتكب الجريمة شخصية عدوانية، ومعروف أن الشخص العدواني يقدم على أعمال العنف على أسباب لا تذكر وليس لديه تفكير رشيد، فقد يكون تفكيره مرتبط بالعنف والقتل كوسيلة سريعة لإخماد غضبه، موضحا: من بين الشخصيات التي ترتكب العنف الشخصية السادية، والتي تستمتع بتعذيب الآخرين.

ولفت: هناك الشخصيات المعقدة، فقد يقبل الأبُ على قتل نجله بسبب دلال زوجته له، وذلك ناتج عن اضطرابات في شخصيته، فالشخصيات السيكوباتية تمارس العنف ضد أبنائها أو زوجاتها أو حتى أزواجها.

سن قوانين تحمي المرأة من العنف 

وتابع: هناك عوامل هامة منها المواد المخدرة، حيث يوجد في  مصر 21.5 مليون متعاط للمواد المخدرة أو متعامل معها ما بين مدمن ومتعاط وتتسبب في مجموعه من الآثار النفسية أهمها الغيبوبة الحسية، الضلالات، التبلد، الانفصال عن الواقع، عدم إدراك ردود أفعاله، الاتسام بالعنف الشديد أو قد تصل إلى القتل تحت تأثير المخدر بسبب كربة ما بعد الأزمة.

وأردف: وسائل الإعلام قد تكون سببا في الحض على العنف من أفلام بها جرائم مستحدثة على المجتمع نتيجة للمحاكاة والتقليد الأعمى، ونقص الذي الإيمان يؤدي إلى افتقاد مهارة التعامل بلطف ومرونة، مؤكدا أن انشغال الأب والأم بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أفقدهم سلوك الإنسانية والإحساس ومشاعر المسئولية.

واختتم أن من ضمن الأمراض النفسية التي قد تؤدي إلى العنف أو القتل داخل الأسرة الوسواس القهري، أو الاضطراب ثنائي القطب الذي يجعل رد الفعل شديد العنف.

وعن العقوبة القانونية قال المحامي نجيب جبرائيل إن قانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937، ضم جميع أشكال العنف أو الاعتداء على المرأة كجرائم، وقد نصت المادة (267) من القانون على أن "المعتدي جنسيًا على المرأة يُعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة ويُمكن تمديدها إلى السجن المؤبد في حال كان الشخص المعتدي من أصول المرأة أو الوصي عليها، وفي حال اختطاف المرأة ثم الاعتداء عليها يُعاقب المعتدي بالإعدام".

وأضاف جبرائيل في تصريحات لـ"صدى البلد"  يُعاقب الشخص الذي يحاول الاعتداء جنسيًا على المرأة حتى وإن لم يُقم معها علاقة كاملة والتحرش بالمرأة فقط بالسجن من 3 - 15 سنة، تضمن فيها حماية الأطفال دون سن الثامنة عشرة أيضًا، ويُعاقب أفراد الأسرة الذين يقومون بختان الفتيات وتشويه الأعضاء التناسلية لديهن بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة تصل إلى 15 عامًا، وذلك وفق القانون (242) من قانون العقوبات لعام 2016.

وأشار: صدر قانون رقم (10) لعام 2004، والذي يحق فيه للمرأة بطلب حقوقها، وكذلك طلب الحماية القانونية من العنف الأسري الذي تتعرض له، كما أن القانون رقم (11) لعام 2004، صدر لتمكين المرأة من تحصيل النفقة للزوجة وإعالة أطفالها بمساعدة المحكمة.