يصادف الثاني من أبريل ذكرى وفاة الدكتور أحمد خالد توفيق، أو كما يُطلق عليه القراء العراب، الكاتب الروائي الذي طالما أثرى الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي، وجذب ملايين الشباب إلى القراءة بأسلوبه المشوق البسيط، ولذلك قيل عنه "جعل الشباب يقرأون".
_حياته وبدايته في عالم الكتابة
ولد أحمد خالد توفيق في العاشر من يونيو عام 1962، بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية، وتخرج في كلية الطب جامعة طنطا عام 1985، وحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام 1997، التحق كعضو هيئة التدريس واستشاري قسم أمراض الباطنة المتوطنة في طب طنطا محافظة الغربية.
ويعد الكاتب أحمد خالد توفيق أول من أدخل "الرعب" في الرّوايات بشكلٍ مشوّق وجذّاب، وموسّس أدب الرعب في العالم العربيّ، وساعدته مهنته ودراسته في إدخال الخيال العلميّ في كتاباته أيضاَ.
بدأ أحمد خالد توفيق حياته كطبيب متخصّص في أمراض المناطق الحارّة، ورغم ترقيته، ونجاحه في منصبه، ووصوله إلى أن يكون استشاريّا لأمراض الباطنة في كليّة الطّبّ بجامعة طنطا إلا أن الكتابة ظلت تراوده، ولم يستطع تجاهلها.فقد كانت مزيجًا مبهر من الأدب والطب.
عندما بدأ "العرّاب" رحلته في عالم الكتابة اختار مجالًا مميزًا، وهو ما يسمى بالأدب "الغرائبي" الذي لم يكن مقصد الكثير من الكتّاب، مما ساهم بطريقة كبيرة في انتشاره وشهرته.
وكانت بداية الكتابة في عام 1992، رواية تسمّى "أسطورة مصاص الدماء"، لكنّها لم تلقَ حفاوةً كبيرةً، ولكنّه أراد أن يثبت نفسه، ويكمل مسيرته.
عمل في المؤسسة العربية الحديثة كاتبًا متخصصًا في روايات الرعب الّتي كانت أولها "سلسلة ما وراء الطبيعة" الّتي تأخذك في عالم من الخيال والجنّ ممتزجٍ بالخيال العلميّ، و لاقت نجاحاً هائلاً، وصدر منها أعداد كثيرة على مستوى العالم العربيّ كله.
ثمّ توالت سلاسل الرّوايات، لينتقل الكاتب إلى سلسلة روايات فانتازيا، ومن بعدها سفاري، وتوالت النّجاحات، وبدأ الكاتب العبقريّ كاتب أدب الرّعب يضع بصمته في عالم الكتابة.
كان يسعي الكاتب الرّاحل إلى ترك ثروة ضخمة تتذكّره بها الأجيال، ليست ثروة ماديّة، ولكنّها معنويّة، كان يريد أن يوجه الشّباب نحو الطّريق الصّحيح، وعدم الاندماج في مغريات العصر الّتي أضاعت الكثير منهم.
رفض الكاتب أن ينضمّ إلى اتّحاد الكتّاب المصريّ، وبالفعل مات قبل أن يكون عضواً به، كما رفض أيضاً ترك مدينة طنطا، والذّهاب للعيش في القاهرة حتى آخر نفس فيه، كان مقيماً في طنطا.
كان الكاتب الطّبيب يفضّل الكتابة ليلاً وهو يتأمّل النّجوم، ويستمدّ أفكاره من هدوء الليل بعيداً عن الصّخب، والزّحام.
عندما سئل الكاتب أحمد خالدّ توفيق عن أقرب الرّوايات لقلبه، أجاب برواية (مثل إيكاروس) الّتي أصدرت عام 2015، وتحكي عن أسطورة يونانيّة.
أما عن أشهر أبطاله، هو الغني عن التّعريف الدكتور رفعت إسماعيل، بطل سلسلة ما وراء الطّبيعة السّبعينيّ الّذي كانت دائماً ما تضعه الحياة في مواقف ضدّ قوانين الطّبيعة المألوفة، وظلّ في صراع بينها وبين العلم طوال الرّواية.
تليه بطلة روايات فانتازيا (عبير) الفتاة التي كانت مولعة بالقراءة، وحبّ الثّقافة، ممّا جعلها تعيش في عالم خياليّ، استوحته ممّا كانت تقرؤه، وصنعت حياتها من وحي ذلك، بكل ما فيه من غرائب.
أمّا عن بطل سلسلة (سفاري) للكاتب أحمد خالدّ توفيق، فقد كان ذا طابع طبيّ أيضاً، وهو الطّبيب علاء عبد العظيم الّذي سافر للعمل في إفريقيا في وحدة خاصّة بالسّفاري، وقد عاش الكثير من أحداث إفريقيا، ومشاكل القارّة الإفريقيّة، والتّدخّل الأجنبيّ فيها.
وبالنسبة لأغرب بطل في روايات أحمد خالد توفيق، فقد كان «فيروس»، يستطيع التّنقّل بين الأجهزة، ليصل إلى الجاسوسيّة، ويخرج منها بخمسة أسرار كبرى في العالم الجاسوسية.
بالإضافة إلى رواياته، تطرق إلى كتابة المقالات ومنها الساخرة في بعض الصحف والجرائد، كجريدة الاتحاد الإماراتية الّتي كان يكتب لها السبت من كل أسبوع، ومجلة الشباب الصادرة عن جريدة الأهرام.
فقد كان يكتب لها كل اثنين من كلّ أسبوع، وكانت مقالات العرّاب مميّزة جدّاً، مثل مقال "المتأخّرون" لأحمد خالد توفيق، وما زالت حتّى يومنا هذا تعرض مع كتب الطب، والحياة الاجتماعية السياسية، وعن بعض مواقفه الخاصّة أيضاً.
_كتب أحمد خالدّ توفيق الّتي أحدثت ضجّة كبيرة
عندما أصدر الكاتب أحمد خالد توفيق كتابه (www) اشتهر بشكل كبير جدّاً، وأحدث ضجّة كبرى في عالم الكتابة عام 2006، جاء من بعدها رواية "في ممرّ الفئران" عام 2008، ثمّ رواية السّنجة لأحمد خالد توفيق عام 2012، ورواية ( مثل إيكاروس) المحبّبة إلى قلبه عام 2015.
أمّا عن يوتوبيا فقد صدرت عام 2016، ومن شدّة نجاحها ترجمت لعدّة لغات، وأصبحت رواية عالمية.
رحيل أحمد خالد توفيق
كان الكاتب الرّاحل يعاني من مرض في القلب، وشدّة رجفان في عضلته، وظلّ أعواماً يعالج من هذا المرض، ولكن كلّ المحاولات باءت بالفشل، وكان من المقرّر إجراء عمليّة كيٍّ لعضلة القلب لحلّ هذه المشكلة، وبالفعل أجرى العمليّة،وبعد خروجه من غرفة العمليّات بعدّة ساعات حدثت له مضاعفات، ورحل العرّاب عن عالمنا تاركاً بصمة كبيرة في العالم بأكمله، توفّي الكاتب الطّبيب العراب أحمد خالد توفيق يوم 2 أبريل عام 2018 عن عمر 55 عامًا بمستشفى الدمرداش.
ونعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة وقتها، وجميع القطاعات والهيئات بوزارة الثقافة رحيله قائلة «الثقافة المصرية والعربية فقدت روائيًا عظيمًا طالما أثرىٰ الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي، وأضافت أن «الكاتب الراحل ترك للمكتبة العربية عديدًا من الروايات والكتابات النقدية الهامة، وكان أحد أبرز كتّاب قصص التشويق والشباب في الوطن العربي التي تتميز بأسلوبه الممتع والمشوق مما أكسبه قاعدة كبيرة من الجمهور والقراء».
كما نعته جامعة طنطا وقال الدكتور مجدي سبع رئيس الجامعة (فقدنا قامة طبية وأدبية كبيرة خدمت الوطن طوال عمرها).
كما رثاه عديد من الفنانين المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.