يمتلك شهر رمضان المبارك في كل عصر ملامح مختلفة وسمات تميزه عن باقي العصور، ولكل عصر ظروفه الخاصة التي اخرجت لنا الشهر الكريم بأفضل صورة.
وفي عصر الإمبراطورية العثمانية في التاسع والعشرين من شعبان كان القضاة الأربعة يجتمعون وبعض الفقهاء والمحتسب بالمدرسة المنصورية في"بين القصرين"ثم يركبون جميعًا يتبعهم أرباب الحرف وبعض دراويش الصوفية إلى موضع مرتفع بجبل المقطم حيث يترقبون الهلال ،فإذا ثبتت رؤيته عادوا وبين أيديهم المشاعل والقناديل إلى المدرسة المنصورية ،و يعلن المحتسب ثبوت رؤية هلال رمضان و يعودإلى بيته في موكب حافل يحيط به أرباب الطرق والحرف بين أنواع المشاعل في ليلة مشهودة .
وفي صباح أول أيام رمضان يصعد المحتسب والقضاة الأربعة إلى القلعة لتهنئة"الباشا"الوالي ،فيخلع عليهم"قفاطين"كما جرت العادة.
وفى بيوت الأعيان كان السّماط يُمدّ للناس ولا يُمنع من يريد الدخول ،وكانت لهم عادات وصدقات في ليالي رمضان يطبخون فيها الأرز باللبن ،ويملئون من ذلك قصاعًا كثيرة ويوزعون منها على المحتاجين ،ويجتمع في كل بيت الكثير من الفقراء فيوزعون عليهم الخبز ويأكلون ،ويعطونهم بعد ذلك دراهم ،خلاف ما يوزع من الكعك المحشو بالسكر و"العجمية"وسائر الحلوى.