الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم شعبان يكتب: القيم الأمريكية وأحلام الصين وروسيا

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

بعض الناس يأخذون التحذيرات الأمريكية، من صعود الصين على وجه التحديد على المستوى العالمي، بأنها تعني نهاية النظام العالمي القائم، والذي تنفرد فيه الولايات المتحدة الأمريكية بالقوة أو ما يسمى بأحادي القوة.

وأخرون يرون، أن التحذيرات الأمريكية بالخصوص معناها انهيار أمريكا والدولار، وقدوم نظام عالمي جديد بقيادة الصين وحليفتها اليوم "روسيا".

الحقيقة أن، الحديث فيه كثير من الوهم وقليل من الحقيقة، فالأنظمة العالمية لا تتغير بالأماني والأحلام، ولا يصح صياغة سياسات قائمة على هذا الخيال.

انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالنظام العالمي الجديد، بدأ قبل أكثر من 8 عقود، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بهزيمة هتلر وإعلاء راية الحلفاء، وتسيّد الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما كانت هذه الحرب "الكونية" إعلان نهاية كل من الامبراطوريتين الفرنسية والإنجليزية اللتان، حكمتا العالم لعدة قرون وتقاسمت مستعمراته.

كان العصر الأمريكي، الذي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، لا يقوم على "احتلال دول" والتمركز بالجيوش في عواصمها ومدنها، مثلما كان يفعل الفرنسيين والإنجليز، ولكنه كان يقوم على الهيمنة العسكرية التي لا تحتل دول، والهيمنة الاقتصادية التي تربط كل اقتصادات العالم، بالدولار الأمريكي وقد كان. علاوة على إعلاء راية القيم الأمريكية في الديمقراطية وحقوق الإنسان.


ونغضب أو نرضى، فقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية، أن تحكم العالم بقيمها. وأصبحت اقتصادات العالم كلها واحتياطاتها النقدية، تقاس بمدى قدرتها على الاحتفاظ بمليارات الدولارات في بنوكها المركزية، وما يعود عليها اقتصاديا بالدولار أيضا ودخلها القومي الذي يُقيم بالدولار، والمساعدات التي تمنح لعشرات الدول حول العالم  وهى بالدولار. وفي هذه الحال، تتساوى أفقر دولة إفريقية مع أغنى دولة آسيوية، فالجميع تقاس قوتهم الاقتصادية بالدولار الأمريكي!


والحال كذلك بالنسبة للقيم السياسية والديمقراطية، فأمريكا تفرض رؤاها على العالم طوال 8 عقود ماضية، وشهد نفوذها سقوط دول المحور وقت الحرب العالمية الثانية ونهاية الحلم الألماني "إمبراطورية هتلر"، وسقوط الاتحاد السوفيتي العملاق، في بداية تسعينيات القرن العشرين، والذي لم يتحمل سباق سلاح أمام الولايات المتحدة فيما عرف بالحرب الباردة فأصبح ترسانة سلاح ضخمة، دون كسّرة خبز، وسقط الاتحاد السوفيتي وتفككت دوله ولم تبقى إلا روسيا الاتحادية "الدولة الأم".


واليوم وأمام الكثير من التحذيرات من ظهور نظام عالمي جديد؟ أو بالأحرى ما قاله وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الصين وروسيا يحاولان تغيير النظام العالمي، وبالطبع أمريكا تقف في مواجهتهما، للدفاع عن امبراطوريتها. لكنهما باختصار، لن ينجحان في الغالب لأسباب عدة:-
-فالقضية مع الصين، وهى عملاق اقتصادي يتوسع في نفوذه وعلاقاته وتجارته، وروسيا والتي لا يزال البعض يعتقد إنها "الاتحاد السوفيتي" الجديد وهذه خدعة، ولكنها دولة كبرى نووية وفقط. لم يقتربان من أسس النظام الامريكي، ولم يهزان القيم الأمريكية.
-الصين وروسيا لم يقدمان للعالم ولا للدول النامية والصغيرة والفقيرة "الحلم الصيني" أو "الروسي" أو القيم التي تستطيع أن تتغلب على القيم الأمريكية وتضمن لهما التفرد.
بوضوح هل قدمت كل من روسيا والصين؟ نظام سياسي يتجاوز الديمقراطية الأمريكية؟!
وهل قدمت كل من روسيا والصين نظاما اقتصاديا يضرب الرأسمالية في مقتل لصالح نظامهما؟ للأسف لا. وهل عملتهما معا "اليوان الصيني" و"الروبل الروسي"، يمكن أن تُبنى بهما الاحتياطات النقدية والمالية في البنوك المركزية العالمية؟ حتى داخل دولتيهما؟! للأسف لا.
الجميع يتحرك في فلك الولايات المتحدة الأمريكية، أو النظام العالمي الأمريكي، ولا يعرف بابا حقيقيا خارج السياج الأمريكي.
أما عن القوة العسكرية، فالأمر لايقاس فقط بحيازة أسلحة نووية، فالولايات المتحدة وخمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن ومنها الصين وروسيا لديهما سلاح نووي ولهم جميعهم حق الفيتو؟ لكن فقط بما يدافعون به عن مصالحهم الخاصة وفقط!
ولنتذكر، عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية قصف العراق، بعد جريمة احتلال الكويت هل وقف أحد أمامها بالفيتو الذي يملكه؟ وهكذا كان الحال في ليبيا وأفغانستان وغيرهما؟
للأسف.. والحقيقة، نحن نعيش العصر الأمريكي، أما عن انتقاداتنا له ومشكلاتنا معه فهى بالجملة، وربما كانت الضحية الأكبر للسياسة الأمريكية طوال عقود هى الحقوق العربية المهضومة في مختلف القضايا.