لم يعد حلما أن تشاهد العالم من فوق السحاب، خاصة أن هناك من يفعلون ذلك يوميا، هم القاطنين بقرية «الحطيب» اليمنية، يتكرر المشهد معهم يوميا؛ لأن قريتهم التى تعرف أيضا بـ«المكارمة»، توجد فى أقرب نقطة مع السماء.
قرية لا تصلها الأمطار
تقع «الحطيب» فى غرب العاصمة اليمنية صنعاء، على سفح جبل حراز على ارتفاع 3200 متر فوق سطح الأرض، ورغم هذا الارتفاع فإنها تتمتع بجو دافئ ومعتدل.
ارتفاع القرية جعل منها لوحة ساحرة تقبع فى أحضان السحاب، ويشاهد قاطنوها المطر يهطل من تحتهم دون أن يمر بـ «الحطيب»، حتى قيل فى وصفها «القرية التى لا تمطر عليها السماء».
قرية للحماية من الأعداء والافتراس
شيد آل الصلحى، القرية فى الفترة من 439-459 هجرية لحماية أنفسهم من هجمات الأعداء، والحيوانات المفترسة، حيث يمزج تصميمها المعمارى بين الطرازين القديم والحديث، والعناصر الريفية والحضرية فى صورة بديعة تلفت الأنظار.
يسكن هذه القرية طائفة «البهرة»، وهى طائفة تنتمى للشيعة الإسماعيلية، وعددهم نحو 440 نسمة، وكانت تفتقر للبنية التحتية حتى جاء محمد برهان الدين الذى اهتم بها وأدخل الكهرباء والماء وشق الطرق، وبعد وفاته استمر ابنه فى الاهتمام بتقديم الخدمات للقرية ومساعدة الفقراء.
سياحة بلا سائحين
تعتبر القرية مكانا سياحيا من طراز خاص، ويوجد بها فندقان، لكن يمنع المبيت فيهما، خاصة أن أهلها لا يحبذون وجود الغرباء بينهم.
ويوجد بالقرية أيضا خمسة مساجد، ولا يسمح لغير البهرة بالصلاة بها، وتحتوى على مقام إبراهيم بن حاتم الحمدانى، وهو من أسس مكانا لهم فى قرية الحطيب، وأقام له أهل القرية مقاما بعد وفاته وبنوا له مسجدا وأصبح مزارا عالميا يزوره أبناء طائفة البهرة.
ضمن قائمة اليونسكو للتراث
واشتهرت قرية الحطيب بزراعة أجود أنواع البن فى وديانها، وتسقى من أنهارها.
وترتدى نساء القرية زيا من قطعتين، مع خمار ملون، وتغطى المتزوجات وجوههن ولا يسمح للفتيات بذلك، ولا ترتدين الأسود نهائيا، أما الرجال فيرتدون دائما طواقى بيضاء مزركشة.
وأضيفت هذه القرية الى قائمة (اليونسكو) للتراث العالمى فى 2002 كموقع له قيمة عالمية استثنائية، وذلك عن استحقاق.