الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلمة السر فاجنر والعقوبة 20 عاما.. أسرار القبض على الصحفي الأمريكي بروسيا

 إيفان جيرشكوفيتش
إيفان جيرشكوفيتش

"روسيا تعتقل مراسل صحيفة وول ستريت جورنال بتهمة التجسس".. خبر انتشر كالنار في الهشيم منذ صباح اليوم الخميس، وذلك في ظل استمرار الحرب الكبرى بين روسيا ودول الغرب على أرض أوكرانيا، وهنا يخشى الجميع أن تكون تلك القضية بداية تصعيد مختلف ومباشر بين واشنطن وموسكو.

 

يبدو أن مراسل مكتب صحيفة “وول ستريت جورنال” في موسكو، إيفان جيرشكوفيتش، سوف يكون محل اهتمام عالمي خلال الفترة المقبلة، وهنا نكشف أسرار ما حدث خلال الـ24 ساعة الماضية، والأحداث التي دارت حول هذا المواطن الأمريكي الذي يبلغ من العمر 32 عاما، فهو من مواليد عام 1991، ومعتمد رسمياً من وزارة الخارجية الروسية وتلك هي التفاصيل.

 

البداية حبس شهرين والعقوبة قد تصل إلى 20 عاما 

 

في أول الإجراءات القضائية، قررت المحكمة الروسية اليوم الخميس، احتجاز المراسل الأمريكي لشهرين على ذمة التحقيق، بسبب اتهامه بالتجسس لصالح واشنطن، وأكد مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية خلال جلسة استماع مغلقة بالمحكمة، أنه غير مذنب في اتهامات التجسس في روسيا.

 

ويأتي عرض المراسل أمام القضاء الروسي، بعد ساعات من القبض عليه، في مدينة يكتارينبورج، إيفان جيرشكوفيتش، للاشتباه في قيامه بالتجسس لصالح واشنطن، حيث يواجه مراسل وول ستريت جورنال اتهامات حول قيامه بجمع معلومات سرية حول إحدى شركات صناعات الدفاع الروسية بناء على تعليمات من الولايات المتحدة.

 

ووفقا لما جاء بتقرير صحيفة بوليتكو الأمريكية، فإن تلك الجريمة، تعد من الجرئم الكبرى داخل روسيا، وأنها تطال العديد من المتعاونين من المؤسسات الأجنبية الخارجية، وفي حال قررت المحكمة الروسية إدانة المراسل بتلك التهمة، فإن القانون الروسي، يُعاقب على تهمة التجسس بالسجن لمدة 20 عامًا.

 

 

قصة الاعتقال 

 

وكانت بداية القصة مع قيام أجهزة الأمن الروسية باحتجاز إيفان جيرشكوفيتش، في ميدنة يكاترينبرج يوم الخميس للاشتباه في قيامه بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، وذلك وفق تقارير وسائل الإعلام الحكومية الروسية، حيث قال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ( FSB ) في بيان، إن جيرشكوفيتش، وهو مواطن أمريكي، يشتبه في قيامه بالتجسس لصالح الحكومة الأمريكية، حيث اتهم بمحاولة الحصول على معلومات سرية.

 

وزعم البيان أنه ثبت أن إيفان، بناءً على تعليمات من الجانب الأمريكي، كان يجمع معلومات تشكل سراً من أسرار الدولة حول أنشطة إحدى مؤسسات المجمع الصناعي العسكري الروسي، وكتبت وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في وقت لاحق على Telegram: "ما كان يفعله موظف صحيفة وول ستريت جورنال في يكاترينبرج ليس صحافة. 

 

وتابعت: "لسوء الحظ، هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام تأشيرة الصحفي والاعتماد من قبل الأجانب في بلدنا تحت وضع "المراسل الأجنبي" للتستر على الأنشطة التي لا علاقة لها بالصحافة، وهذا ليس أول غربي مشهور يُقبض عليه متلبساً".

 

أكبر تصعيد منذ الحرب الأوكرانية 

 

ويمثل احتجاز صحفي أجنبي تصعيدًا كبيرًا في العداء تجاه وسائل الإعلام الأجنبية داخل روسيا، فمنذ أن شن الرئيس فلاديمير بوتين غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير 2022، زادت السلطات الروسية من صعوبة عمل المراسلين الأجانب في البلاد، ورفضت استخراج التأشيرات، أو اعتماد وسائل الإعلام، وطلبت من موظفي الدعم المحليين التسجيل كـ "عملاء أجانب، مطالبتهم بتقديم أوراق مرهقة.

 

 

على الرغم من أن السلطات الروسية قامت بقمع وسائل الإعلام المحلية المستقلة منذ أن شن بوتين غزوه واسع النطاق لأوكرانيا ، مما أجبر بعض الصحفيين على الفرار من البلاد ، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال صحفي أجنبي في البلاد منذ فبراير 2022.

 

روسيا: نرجو عدم المساس بالصحافة الروسية بأمريكا 

 

أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن هذا الإجراء من اختصاص جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وليس لدينا ما نضيفه هنا، الشيء الوحيد الذي يمكنني إضافته هو أنه تم القبض عليه متلبسا، وأعرب بيسكوف عن أمله في ألا يتبع ذلك إغلاق مكاتب الصحافة الروسية في الولايات المتحدة.

 

وأوضح بيسكوف، أن هناك مراسلين آخرين لنفس الصحيفة الأمريكية يعملون داخل روسيا، وأنه لا يري أي مشاكل لمراسلي وول ستريت جورنال الآخرين الذين يواصلون عملهم في روسيا، وأكد ردا على سؤال عما إذا كان يمكن ترحيل الصحفيين المتبقين من الاتحاد الروسي أو البقاء في البلاد، أنهم قادرين على مواصلة العملهم في روسيا.‏

 

‏كما أكد بيسكوف، أن الكرملين كان على دراية بمنشورات جيرشكوفيتش، وقال: "بالطبع، نحن نراقب وسائل الإعلام الأجنبية، ونفعل ذلك يوميا، حتى نعرف منشوراته"، لافتا: "نحن نأخذ في الاعتبار ما يتم نشره".‏

 

 

السر في شركة فاجنر 

 

ولكن يبدو أن هناك أسرار وراء عمل مراسل الصحيفة الأمريكية، وهو ما كشفته منظمة مراسلون بلا حدود غير الحكومية، والتي غردت على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، بأن جيرشكوفيتش كان يحقق في شركة فاغنر العسكرية، وتفاصيل عملها وكل ما يتعلق حول علاقة تلك الشركة بالنظام الروسي، وذلك وفق ما نشرته صحيفة بوليتكو الأمريكية.

 

وأضافت منظمة مراسلون بلا حدود، أنها تشعر بالقلق إزاء ما يبدو أنه إجراء انتقامي بحق الصحفي، قائلة : "لا ينبغي استهداف الصحفيين"، فيما قالت صحيفة وول ستريت جورنال التي يعمل لها المراسل، إنها تنفي بشدة مزاعم FSB وتسعى للإفراج الفوري عن مراسلنا الموثوق والمتفاني، فنحن نتضامن مع إيفان وعائلته، فيما كشفت صحيفة بوليتكو أن جيرشكوفيتش كان يعمل معها أيضا كمراسل من إستونيا في عام 2019.

 

 

أول صحفي أمريكي يحاكم بتهمة التجسس في روسيا 

 

ووفقًا لأسوشيتد برس، فإن جيرشكوفيتش هو أول مراسل يعمل لدى وسائل الإعلام الأمريكية يتم اعتقاله في روسيا بتهمة التجسس منذ الحرب الباردة، وكتبت المستشارة السياسية تاتيانا ستانوفايا على Telegram: "من المثير للاهتمام أن FSB تدعي بشكل مراوغ أن إيفان كان يتصرف نيابة عن الأمريكيين، وهو ما يمكن تفسيره على نطاق واسع جدًا، فهيئة تحرير WSJ أمريكية أيضًا، وهو ما يشير إلى أن جهاز الأمن الفيدرالي ليس لديه دليل يشير إلى أن إيفان كان يعمل على وجه التحديد كجاسوس متخفي كصحفي".

 

يفجيني سميرنوف، محامي مجموعة Pervy Otdel، التي تعاملت مع العديد من قضايا التجسس والخيانة، وخبير في شؤون الأمن القومي، قال: "القضية المرفوعة ضد إيفان هي أول قضية معروفة في روسيا بتهمة التجسس ضد صحفي أجنبي، وأظهرت القضايا السابقة ضد الصحفيين الروس أن العمل المنتظم لتجميع ونشر المعلومات يعتبر من قبل السلطات الروسية بمثابة تجسس، وليس هناك شك في أن جوهر التهم سيتم إخفاؤه عن الجمهور من قبل السلطات الروسية باسم السرية / السرية ".

 

المحامي ممنوع والعزلة في انتظار الصحفي 

 

وأوضاع الصحفي داخل روسيا لن تكون في أحسن حال، ومن جانبه قال محامي مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية اليوم الخميس، إنه مُنع من دخول قاعة محكمة موسكو والاطلاع على الاتهامات، وأنه من المحتمل أن يظل إيفان نفسه في عزلة تامة في مركز احتجاز دون أي إمكانية للحصول على معلومات أو وسيلة للتواصل مع أقاربه.

 

فيما قالت صحيفة كوميرسانت الروسية اليومية ، إن جيرشكوفيتش سينقل قريباً إلى سجن ليفورتوفو في موسكو، وهو مرفق الاحتجاز السابق للمحاكمة التابع لجهاز الأمن الفيدرالي، من جانب آخر ووفق ما سبق من حالات مماثلة لتلك التهم، توضح صحيفة بوليتيكو، أن مثل هذه الحالات لا تنتهي بانتصار الدفاع، فالحكم مذنب دائمًا، والسؤال هو فقط ما هو الحكم الصادر، ومع ذلك، فإن الدعاية في هذه القضية تمنح الأمل في تبادل الأسرى المحتمل.