يصادف اليوم 30 مارس 1977 ذكرى وفاة الغائب الحاضر "حبيب الملايين العندليب" الأسمر عبد الحليم حافظ".
على الرغم من النجاحات لكن هناك سلسلة من الجراح وآلآلآم ، بدأت بحرمانه من أمه وهو الرضيع الذي لم يتعدى عمره أيام قليلة ، ثم حرمانه من أبيه وهو في عامه الأول ، ليأتي بعدها الألم الذي دمر جسده النحيل عندما كان يلعب مع أبناء عمومته في ترعة القرية وأصيب على اثرها بالبلهارسيا والتي أدت الى تليف بالكبد عانى منه طوال حياته، واخيراً فقد حب عمره السيدة جيهان العلايلي بعد اصابتها بفيروس في المخ أودى بحياتها أثناء ترتيبات زواجهما.
هو عبد الحليم علي اسماعيل شبانة ، ولد بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية وكان ترتيبه الرابع بين أخوته اسماعيل ومحمد و عليه، توفيت امه بعد مولده بأيام ثم لحق بها الأب قبل ان يتم حليم عامه الاول ، ليتولى تربيته خاله محمد عكاشة الذي الحقه بالكُتَّاب ثم المدرسة الابتدائية
بدأت بوادر حبه للموسيقى تظهر عندما كان بالمدرسة حيث ترأس فرقة الأناشيد وتبناه مدرس له وعلمه العزف على آلة "الأُبوا" ، التحق بعدها بمعهد الموسيقى العربية عام ١٩٤٣ قسم تلحين وهناك قابل احمد فؤاد حسن ، فايدة كامل ، علي اسماعيل وكمال الطويل .
ومن مفارقات القدر ان حليم التحق بقسم التلحين بينما التحق كمال الطويل بقسم الغناء والأصوات الا ان القدر شاء ان يتبادلا الأدوار فيما بعد فغنى حليم من اروع ألحان الموسيقار العبقري كمال الطويل .
نظراً لتفوقه الدراسي حصل حليم على منحة دراسية الا انه فضل البقاء بمصر وعمل مدرساً للموسيقى بمدرسة بطنطا ثم الزقازيق ثم القاهرة ، الا ان حبه للغناء ملأ عليه كيانه فترك التدريس والتحق بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفاً على آلة الأبوا عام ١٩٥٠م
كيف تحول اسمه من شبانة الى حافظ ؟ ذات ليلة من ليالي عام ١٩٥١ التقى حليم برفيق عمره الاستاذ مجدي العمروسي في منزل الاذاعي فهمي عمر وكان من بين الحضور الاذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي منح حليم اسمه إيماناً منه بموهبته الفريدة
رحلته مع المرض :
على الرغم من إصابة حليم بالبلهارسيا وهو طفل الا انه لم يعلم بمرضه الا عندما تعرض لنزيف في المعدة عندما كان مدعواً على الافطار عند احد أصدقاءه حوالي عام ١٩٥٦، وعندها نلاحظ اختلاف اختياراته الغنائية بعدما كانت تميل الى التفاؤل والمرح أصبحت تميل الى الشجن والحزن ..
ومن هنا بدأت رحلة العلاج التي قضاها ما بين مصر و لندن رافقته فيها سكرتيرته الانسة سهير محمد علي حيث بدأت عملها معه من عام ١٩٧٢ وحتى وفاته ١٩٧٧، اجرى حليم خلال رحلة علاجه حوالي واحد وستين عمليه جراحية ..
وفاته :
وافته المنية يوم ٣٠ مارس عام ١٩٧٧ بمستشفى كنجز كولدج بلندن وارجع الأطباء سبب الوفاة الى الدم الملوث الذي نقل له حاملا معه فيروس سي والذي كان من الصعب علاجه في وجود تليف الكبد الذي تسببت به البلهارسيا كما انه تعرض لنزيف في اخر جراحة لم يتمكن الأطباء من ايقافه ، فتوقفت معه حياة العندليب الاسمر بعد رحلة قصيرة حافلة بالانجازات والأحداث الا انها حملت معها الكثير من الجراح و الآلام ..
جنازته :
عاد جثمانه على متن طائرة مصر للطيران قادماً من لندن و كان في رفقته شقيقته السيدة عليه شبانة ، الاستاذ مجدي العمروسي ، السيدة نهلة القدسي زوجة محمد عبد الوهاب وابن خالته شحاته ..
وصل الجثمان الساعة الثالثة فجراً وكان في انتظاره اخويه اسماعيل ومحمد و بعض الفنانين منهم الفنان بليغ حمدي ..
وللشيخ الشعرواي الذي كان وزيراً للأوقاف في ذلك الوقت موقف انساني لا يمكن تجاهله فقد كان من المقرر ان ينتقل جثمان العندليب الى مستشفى المعادي ومنها الى مسجد عمر مكرم صباحاً حيث خروج الجنازة الا ان الشيخ الشعراوي امر بفتح المسجد وابقاء الجثمان مسجى به حتى صباح اليوم التالي ..
كانت جنازته رحمه الله أسطورية حيث نقل الجثمان بعربة خضراء مكشوفة محاطة بالورد ولف جثمانه بعلم مصر واعلى السيارة تقف صورته ..
بلغ عدد المشيعين ٣ مليون مشيع، وحضر الجنازة معظم اهل الفن والأدب والثقافة الا ان الفنان عبد الوهاب قد تخلف عن الحضور نظراً لتعرضه لصدمة عقب سماعه الخبر ..
شهدت الجنازة إغماءات بين الشباب والفتيات من محبي الفنان الراحل حتى ان جارته وكانت فتاة تبلغ من العمر ٢١ سنة قد ألقت نفسها من الدور السابع حزناً عليه ..
سارت الجنازة حتى وصلت الى مثواه الأخير حيث وارى جسده التراب في مقابر البساتين .