الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الولايات المتحدة تستفز الصين مجددا|هل يمهد موقف واشنطن من تايوان الطريق للحرب

رئيسة تايوان
رئيسة تايوان

حالة من التوتر عادت مرة أخرى بين بكين وواشنطن بسبب جزيرة تايوان والتي تعتبرها الصين ملكاً لها باعتبارها في الأصل مقاطعة صينية.

ويقول التايوانيين إنهم لم يكونوا أبدًا جزءًا من الدولة الصينية الحديثة، كما تنتمي رئيسة تايوان الحالية، تساي إينج ون للحزب الديمقراطي التقدمي المعادي للحزب الشيوعي الحاكم في جمهورية الصين الشعبية، والذي يميل نحو الاستقلال الرسمي النهائي عن الصين، وقد فازت تساي إنج ون بولاية ثانية في عام 2020.

زيارة إلى واشنطن تُثير قلق للصين

وحذرت واشنطن بكين اليوم الأربعاء من أي "رد فعل مبالغ فيه" على مرور  رئيسة تايوان تساي إنج وين عبر الولايات المتحدة، حيث تعتزم رئيسة تايوان التوجه إلى جواتيمالا وبيليز في رحلة ستتوقف خلالها في الأراضي الأمريكية.

وتوقف رئيسة تايوان تساي إنج وين في نيويورك خلال توجهها إلى أمريكا الوسطى وفي لوس أنجلس عند عودتها إلى بلادها.

ومن المقرر أن تغادر تساي اليوم الأربعاء تايوان في رحلة إلى جواتيمالا وبليز ستشهد خلالها الذهاب إلى نيويورك ولوس أنجلوس، وفي نهاية الجولة، من المتوقع أن تلتقي تساي مع رئيس مجلس النواب الأمريكي، كيفن مكارثي، في لوس أنجلوس.

زيارة تساي إلى الولايات المتحدة هي زيارة حساسة للغاية بالنسبة للصين، حيث قال تشو فنجليان، المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان الصيني: "إذا اتصلت رئيسة تايوان برئيس مجلس النواب الأمريكي مكارثي، فسيكون ذلك استفزازًا آخر ينتهك بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة، ويضر بسيادة البلاد ووحدة أراضيها، ويدمر السلام والاستقرار في مضيق تايوان، نحن نعارض ذلك بشدة وسنتخذ بالتأكيد إجراءات للرد بحزم".

وأعلن مسؤول أمريكي، أن واشنطن لا ترى مبررًا لردة الفعل الصينية المبالغ فيها بشأن توقف رئيسة تايوان تساي إنج ون في الولايات المتحدة خلال رحلتها إلى أمريكا الوسطي وزيارة جواتيمالا وبليز.

وأكد المسؤول بالإدارة الأمريكية، وفقاً لوكالة رويترز، أن توقف رئيسة تايوان في الولايات المتحدة لا يخالف تمسك البلاد بمبدأ الصين الواحدة.

وتعتبر واشنطن، أن توقف الرئيسة التايوانية في الأراضي الأميركية لا تنتهك بأي شكل سياسة الولايات المتحدة بشأن "صين واحدة" وأنها مجرد "ترانزيت" حتى إذا التقت شخصيات.

وشدد المسؤول الأمريكي على أن "هذه زيارة خاصة وغير رسمية" تحترم "ممارسة طويلة الأمد".

ورفض المسؤول تأكيد احتمال انعقاد اجتماع في كاليفورنيا بين تساي إنج وين والزعيم الجمهوري في مجلس النواب كيفن مكارثي المتحدر من هذه الولاية الواقعة في الغرب الأمريكي.

وحدثت توترات أغسطس 2022 ببن البلدين بعد زيارة لرئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي، إلى تايوان والتي تعد الزيارة الأبرز لمسؤول أميركي منذ 25 عاماً، حيث أثارت الزيارة حينها، غضب الصين حتى أنها أعلنت عن مناورات في المياه المحيطة بتايوان.

الزيارة لا تعبر عن سياسة أمريكا

كما عبر القادة الصينيون عن غضبهم من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها ووعدت بإعادة توحيدها بالقوة إذا لزم الأمر.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة للدراسات الدولية في شنجهاي، دينج لونج، إن زيارة الرئيسة التايوانية إلى الولايات المتحدة تعتبر مخالفة لمبدأ الصين الواحدة والبيانات الثلاث لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بكين وواشنطن، وهي آخر حلقة لتواطؤ الطرفين لإثارة أزمة بهدف احتواء الصين استخداما لقضية تايوان كورقة ضغط.

وأضاف لونج - في تصريحات لـ"صدى البلد"، ستقوم "تسه" ببعض الأنشطة ذات طابع رسمي أثناء عبورها للولايات المتحدة بما في ذلك، إلقاء خطاب مرتين في مركزي الأبحاث، واللقاء مع رئيس مجلس النواب الأمريكي مكارثي.

ولفت: الولايات المتحدة تريد أن تجعل هذا اللقاء أقل استفزازًا لبكين، نظرا للحساسية السياسية البالغة لهذا اللقاء، إذ لا تريد أن تتكرر الأزمة التي ترتبت عنها زيارة "بيلوسي" لتايوان في العام الماضي، مؤكدا أن بكين سترد بحزم على تصرفات "تسه" وواشنطن على حد قوله.

وأشار: من المحتمل أن تفرض عقوبات على كل من سلطات تايوان والولايات المتحدة، وستلقي الزيارة بظلالها على زيارة وزير الخارجية الأمريكي المرتقبة للصين وبالتالي العلاقات الصينية الأمريكية التي لم تخرج من تداعيات أزمة المنطاد.

من جانبه قال المحلل سياسي وعضو في الحزب الديموقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إن زيارة رئيسة تايوان تأتي في الأساس بدعوة من رئيس مجلس النواب الامريكي مكارثي منذ أكثر من 3 أشهر، وذلك تصحيحاً للأقاويل المغلوطة المتدوالة بشأن أن هذه الزيارة تأتي رداً على زيارة الرئيس الصيني إلى روسيا مؤخرا مشيراً إلى أن "ذلك ليس صحيحاً".

وأضاف عفيفي - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هناك توافق داخل مجلس النواب الأمريكي على دعم تايوان حتى أن نانسي بيلوسي (الديمقراطية) رئيسة مجلس النواب الامريكي السابقة زارت تايوان في أغسطس رغم اعتراض الصين، مؤكداً أنه من الضروري الأخذ في الاعتبار أن الكونجرس الأمريكي لا يمثل البيت الأبيض أو الدولة الأمريكية، وبالتالي الزيارة لا تعني دعم الولايات المتحدة بأكملها لتايوان، لافتاً إلى سياسة الولايات المتحدة التي تقوم على وجود سلطات منفصلة، وكل ولاية من بين الــ50 ولاية لها سياستها المنفصلة الخاصة بها.

وأردف المحلل السياسي: أن البيت الأبيض يقول إنه ملتزم بمبدأ الصين الواحدة ولا يدعم انفصال تايوان عن الصين، كما أن مسئول الخارجية الأمريكية قال إن زيارة رئيسة تايوان جاءت بدعوة من مجلس النواب، كما أن هناك زيارة لولاية كاليفورنيا والتي تتمركز بها كبرى شركات التكنولوجيا، وبالتالي الزيارة لها طابعا تجاريا خاصة وأن تايوان تنتج كميات كبيرة من الأجزاء التي تتداخل في أجهزة التكنولوجيا، لذلك فهذه الزيارة مهمة لتايوان في وقت به اضطرابات سياسة واقتصادية.

الصين وسياسة عالمية جديدة

وتابع: أنه من المتوقع أن يكون هناك ردود فعل صينية غاضبة، فضلاً عن توجيه اتهامات وعقوبات ولكنها لن تتعدى هذه المسالة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستتعامل مع رد الفعل حسب قوته - ولكنها لن تتعدى هذه المسالة، وسيكون رد فعلها على الصين أكثر عقلانية.

وقال الدكتور عماد الأزرق رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، والمتخصص في الشأن الصيني، إنه من المتوقع، إن تؤثر هذه الزيارة سلباً على العلاقات الصينية الأمريكية وستخلق المزيد من الإجراءات العقابية من قبل الجانبين مما سيترتب عليه سلسلة من التصريحات ومحاولات لاحتواء الموقف من قبل الولايات المتحدة الامريكية كعادة السياسة الامريكية، والتي تحاول دوماً ممارسة ضغوطا كبيرة على بكين بهدف إبعادها عن مساندة لروسيا ودعمها لإيران خاصة بعد نجاح السياسة الإيرانية السعودية مؤخراً وإتمام الصلح بين البلدين وتهدئة هذه المنطقة التي كانت تسعى واشنطن دوماً لإشعال الصراع بها.

ولفت الأزرق - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، إلى أن رد الفعل الصيني المتوقع قد ينحصر في فرض بعض الإجراءات العقابية الاقتصادية على الولايات المتحدة، أما عن توقع البعض من أن الصين ستتجه لاستخدام العنف العسكري فهو أمر مستبعد تماماً، حيث إن السياسة الخارجية للصين سياسة هادئة، لا تُقبل على العنف أو الصراع ولن تقبل على اتباع العنف العسكري بأي حال من الأحوال.

وأشار رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث: فيما يخص مقابلة رئيسة تايوان لرئيس مجلس النواب الأمريكي فإنه من المتوقع أن تتم هذه المقابلة استمراراً لاتفاق "الصين واحدة"، والذي على أساسه تم استعادة العلاقات بين بكين وواشنطن في عام 1979، مشيراً إلى أن الأخيرة حريصة على استفزاز الصين باعتبارها الداعم الأول لروسيا في حربها ضد  أوكرانيا، كما أنها تحاول أن ترسي قواعد نظام دولي جديد يقوم على مبادئ التعددية القطبية وإشراك أقطاب دولية جديدة.

وتابع : الصين تلعب دوراً جديداً في السياسة العالمية من خلال دخولها في بؤر الصراع ومحاولتها التخفيف من حدة الصراعات في دول العالم، وأصبحت تنشط في المناطق التي كانت تعتبرها الولايات المتحدة بمثابة "الحديقة الخلفية" وبالتالي الولايات المتحدة تحاول الضغط على الصين من كافة الجهات سواء في المحيط الاقليمي والهندي والهادئ فضلاً عن تايوان والتي تعتبرها الصين جزء لا يتجزأ منها.