"إزيكم كيفنكم أنا لي زمان ما شفتكم .. مشتاق كتير لحيكم حرام حرام انا ما غريب أنا منكم"، بهذه الكلمات الفلكلورية المختلطة ما بين التراث المصري النوبي والتراث السوداني الأصيل، بدأ الفنان محمد منير حفله المهيب بدولة السودان الشقيقة حرصًا منه وتأكيدُا على الروابط العديدة المشتركة بين بلدي النيل المحروسة واللؤلؤة السمراء.
حقق الفنان الكبير محمد منير مشوار فني عظيم حافل بالنجاحات والجوائز والحب والتقدير من محبيه، لدرجة جعلت الكثير يطلق على جمهوره بـ"شعب مملكة منير" والتي توجته ملكًا على عرش قلوبها، حيث فعل منير ما لم يفعله الكثير من الفنانين قبله فقد عاود توحيد صفي بلدي النيل مرة أخرى يإحيائه حفل كبير بالخرطوم حضره المئات من شعب السودان الشقيق الذي تفاعل مع أغنياته بكثير من المحبة والود لتشاركه وتتغنى معه بأجمل و أعذب الألحان والكلمات الفلكلورية المشتركة بين مصر والسودان.
وخلال هذه الرحلة الكريمة إلى دولة السودان الشقيقة تم تكريم الفنان محمد منير بحضور لفيف من رجال الدولة في منزل الإمام الصادق المهدي رئيس حكومة السودان الأسبق رحمه الله، وكان قد بادر بهذا التكريم الأمير عبد الرحمن الصادق المهدي القيادي بحزب الأمة السوداني الذي قدم الشكر للفنان محمد منير على هذه البادرة الطيبة منه التي جسدت قيم الوفاء والإخاء والمحبة الصادقة والمعاني الطيبة بين البلدين.
ومن السودان جاء إلينا الفنان محمد منير بواحدة من أهم تراثيات هذا البلد وهو الـ"مركوب" الذي يكمل زي وأناقة الرجل السوداني، فهذا المركوب لم يكن بمجرد حذاء يرتديه الشعب السوداني ولكنه يحمل رمزية في الموروثات الوطنية التي لا تقبل التخلي عنها أو التراجع فيها.
ويتم صناعة المركوب السوداني يدويًا بواسطة حرفيين مبدعين مهرة يُطلق عليهم "الإسكافية"، كما كان يُطلق على صانعي الأحذية في مصر في عصر المصري أفندي، فيُصنع المركوب من مواد عضوية طبيعية أساسها جلد الحيوان أما عن أرضيته أو نعليه فهي مصنعة من جلد الماعز أو الأبقار ولكن مؤخرا يتم إستبدالها ببعض القطع البلاستيكية نظرًا لإرتفاع أسعار الجلود.
ويتناسب المركوب السوادني مع مختلف أشكال الملابس السودانية منها الجلباب أو البنطال وغيرها من الملبوسات، وهناك العديد من أشكال المركوب السوداني منها المتحدة الشكل في القدمين ومنها المختلفة في كل قدم تحمل شكل آخر كتلك التي إرتداها الفنان محمد منير والتي أثارت جدل مواقع التواصل الإجتماعي مداعبين الملك بأنه نسي إرتداء حذاء متحد الشكل، ومن أشهر أشكال المركوب السوداني هي المصنعة من جلد الثعبان وهو المسمى بجدل الـ"دبيب".
ويحرص أهالي وشعب السودان الشقيق دائمُا على تقديم المركوب السوداني كهدية لضيوفهم القادمين من الخارج، لما له من رمزية في تراثهم العريق والذي مازالت أياديهم لا تكل ولا تمل من صناعته حتى يومنا هذا.