يقدم موقع صدى البلد بثا مباشرا لشعائر صلاة التراويح في ليلة السادس من رمضان، من رحاب المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة.
صلاة التراويح من المسجد الحرام
صلاة التراويح من المسجد النبوي
مظاهر شرف الليل
وفي فضل ليالي شهر رمضان يقول الدكتور علي جمعة، إن من أعظم مظاهر شرف الليل,، أن الله أنزل فيه القرآن، فالقرآن يحب الليل،, وحبه لليالي رمضان وعشره الأواخر أشد (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآَنُ) [ البقرة:185], ويبلغ الحب أشده وذروته في ليلة القدر, وهي ذلك الوقت الشريف الذي اختاره الله لنزول القرآن, حيث بلغت الطاقات النورانية أعلى درجاتها, قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ) [القدر:1].
وتابع: كانت ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من رمضان، كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان, وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان, والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان, وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان" (رواه الإمام أحمد), وهي ليلة القدر الكبرى, ومن أجل ذلك كانت أعظم التجليات الإلهية من الله على عباده في الليالي الرمضانية، وهذا سر اختيار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هذه الليالي لتهجده قبل البعثة، حيث ألهمه الله أن يكون تعبده شهرا في السنة هو شهر رمضان، كما رواه ابن إسحاق في (السيرة).
وبين علي جمعة أن من أجل ذلك, أمر الله بقراءة القرآن والقيام به في الليل, وأخبر أن طبيعة الليل أنسب بالقرآن لألفاظه وفهما لمعانيه وتحملا لتكاليفه, فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا) [المزمل:1-6], و(ناشئة الليل) هي تلك النفوس التي يربيها الليل وينشئها على قرآنه, وهي أيضا تلك الواردات الروحانية والخواطر النورانية التي تنكشف في ظلمة الليل -كما يقول الإمام الرازي في تفسيره- فتلك النفوس الصادقة التي أنشأتها وهذبتها وربتها أنوار القرآن الليلية (هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا), أي أعظم ثباتا وتأثيرا، فهي أكثر إدراكا في وعيها وأكبر نجاحا في سعيها, (وَأَقْوَمُ قِيلًا) قد رزقت الإخلاص في القصد والسداد في القول والإجابة في الدعاء.
كما جاء في الحديث: "أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل" (الطبراني والبيهقي), وفي القراءة الصحيحة الأخرى (هي أشد وطاء) أي مواطأة واتساقا وتواؤما وانسجاما؛ وهذا الانسجام كما يحصل بين القلب واللسان والجوارح عند القراءة, فإنه يحصل أيضا من التوافق بين الأمر الشرعي بالقراءة ليلا وبين الأمر الكوني في نزول القرآن ليلا, فكلما كانت قراءة المسلم للقرآن بالليل, زاد اتساقه مع الكون, ويزداد الاتساق بقراءته في ليل رمضان, حتى يصل إلى ليلة القدر التي هي أعظم من ألف شهر.