الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد الشناوي يكتب: قطب الأقطاب وكهف أمن الطلاب

خالد الشناوي
خالد الشناوي

"في حميثره سوف ترى" ...
كانت هذه الجمله البسيطة التي ذاع صيتها ودويها فيما بعد واشتهر فلا يكاد تذكر هذه الكلمات حتى يذكر معها القطب الصوفي الكبير أبو الحسن الشاذلي وذلك حين طلب من مريده الأول أبو العباس المرسي أن يحمل في راحلته فأسا إثر انتوائهما شد الرحال لأداء مناسك الحج مرورا بالبحر الأحمر بصحراء عيذاب وتحديدا في وادي حميثره،هذا المكان الذي وافت المنية فيه الشيخ الضرير قبيل دلوفه إلى مكة حاجا وملبيا  .
وتبين لخليفته أبو العباس مغزى طلب الشيخ منه أن يحمل في راحلته فأسا وحنوطا!
وبالفعل دفن الشيخ بعد غسله وتكفينه في هذا المكان المقفر الموحش الملئ بالوحوش والسباع الضارية ..
هذا المكان الذي عرف فيما بعد بمرقد القطب الصوفي الكبير أبو الشاذلي قدس الله سره الشريف .
فضربت شهرة المكان في آفاق الدنيا بأن أضحى ضريح الشيخ الجليل مزارا للسائحين من شتى أرجاء الدنيا ومقصدا للمحبين من أقصى البلاد إلى إلى أقصاها  .
و منذ أكثر من ألف عام وتلبيه لدعوه عالم جليل وشيخ زاهد متصوف دعا ربه بأن يدفن في أرض لم ترى معصيه ولم يمسها عاصيوكما أوضحنا تلك الأرض المطهره هي أرض حميثره وذلك الولي العظيم هو سيدي أبو الحسن الشاذلي الذي وافته المنيه في هذا المكان .
واذا كناهنا نتحدث عن هذا العلم الكبير كأحد أعلام التصوف في العالم الاسلامي فاننا نتحدث عنه من زاويه خاصه ألا وهي نظريته التي غيرت نظرة الناس في التصوف حيث أوضح أن الحياه عنده كانت أقل من أن تكون غايه ولكنها أهم من أن تنسى وتترجم هذه الفلسفه هذا الموقف الذي تحكيه لنا بطون الكتب حيث كان الشاذلي حسن الثياب وحسن المظهر وكان مهندما في هيئته وفي مظهره فاستوقفه احد المجاذيب وهو رث الثياب مهلهلا وقال له يا أبا الحسن كيف تدعي الزهد في الدنيا وانت تلبس هذه الملابس الفارهه؟ فقال له أبو الحسن: يا بني ثيابي تقول الحمد لله وثيابك تقول: إني فقير فأعينوني وشتان بين الحامد لله وبين الطالب من الناس!
يا بني ان الدنيا عندنا في ايدينا وليست في قلوبنا ...
انها وبحق لفلسفه امام متحقق ومتشرع متفقه،تربع على عرش القطبانيه ولاية وقدما،حالا وسلوكاً .
فليت شعري،وليت أبناء التصوف اليوم يعيدون نشر هذه المآثر الروحانيه وهذه المواقف الوجدانيه التي تزدحم بها أمهات كتب التصوف بوصفها الجانب الروحاني في هذا الدين العظيم  .
حين نتحدث عن هذا الولي الكبير فإنما نتحدث عن أحد أعلام الدوحه الهاشمية المباركه من الأولياء والصالحين الذين ينتسبون لآل البيت عليهم السلام حسبا ونسبا كقطب الأقطاب واسع الرحاب مهاب الجناب سيدي أحمد البدوي والقطب الجيلاني وكبير القوم الرفاعي وشيخ الاسلام سيدي ابراهيم الدسوقي .
هؤلاء الأعلام الذين لم يعرف عنهم إلا العلم والحكمه والعباده والجهاد رفعة لشأن أمتهم ودفاعا عنها ضد الأعداء في الداخل والخارج .
وأيم الله...لقد ظلم التصوف وظلم أقطابه ظلما بينا تاره من أعدائه وأخرى من منتسبيه ...
فمن الاعداء حين كيلت لهم التهم جزافا وظلما ونكاية بلا روية أو انصاف ...
ومن منتسبيه حيث لم يكن الكثير منهم على قدر من المسؤوليه فاساؤوا للمنهج وللطريق كل الإساءة  ...!
يقول العارفون بالله"إن البدايات تحكي النهايات ومن كانت بدايته محرقه كانت نهايته مشرقه"  . 
وبالفعل فلقد كان للقاء الشاذلي بالعارف بالله"أبى الفتح الواسطي" أكبر الأثر الذي غير مجرى حياته، فحين ذهب للعراق واجتمع به أبلغه أنه جاء للعراق يطلب القطب فقال له أبو الفتح الواسطي: أتطلب القطب بالعراق والقطب ببلادك!
فرجع الشيخ للمغرب
واجتمع بالقطب الجليل أستاذه الروحي الكبير الشيخ "عبد السلام بن مشيش"وكانت مقابلته الأولى لأستاذه ابن مشيش في رأس جبل حيث كان يرابط متعبدا زاهدا خاشعا.. قال الشاذلي: «لما قدمت عليه وهو ساكن برباطه برأس جبل اغتسلت وخرجت من علمي وطلعت إليه فقير وإذا به هابط علي، فلما رآني قال: مرحبا بعلي بن عبد الله بن عبد الجبار،.. وذكر نسبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: يا علي طلعت إلينا فقيرا من علمك؟ فأخذت منا علمي الدنيا والآخرة، فأخذني الدهش، وأقمت عنده أياما إلى أن فتح الله على بصيرتي .
لقد هدم الشاذلي الفكرة المأخوذة عن أهل التصوف بأنهم سلبيون في الحياة، وأن تصوفهم انطواء وعزلة فها وهو في أخريات عمره يذهب بنفسه لميدان الوغى في معركة المنصورة يرفع الروح المعنوية لجيش مصر العظيم  ويقوم فيهم واعظاً وخطيبا 
وكان الشيخ رغم أنه قد كف بصره وضعف جسده من السفر والترحال  يذهب إلى ميدان المعركة في مواجهة جيوش الغرب الصليبية بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا «ذهب هناك للمنصورة مع كوكبة نورانيةضمت  رجالاً من أعظم الرجال في العلم والدين كالعز بن عبد السلام 
ومجد الدين القشيري و محيي الدين بن سراقة ومجد الدين الأخميمي والفقيه الكمال ابن القاضي صدر الدين، والفقيه عبد الحكيم بن أبي الحوافر  .
وهكذا مصر ....
شاء الله سبحانه وتعالى وهو الفعال لما يشاء أن تكون محطا لرحال الأنبياء والصالحين وآل بيت النبوة ولذا سميت بالمحروسة وستظل أعلامها عالية خفاقة في سماء العالمين .
في سواحلها الجنوبية بالبحر الأحمر يرقد القطب الكبير ابو الحسن الشاذلي
وفي ثغر بحرها المتوسط يرابط أبو العباس المرسي 
وعلى سفح نيلها الفياض الكبير شيخ الإسلام سيدي ابراهيم الدسوقي  .
وفي نقطة ارتكاز وسط الدلتا أسد العرين القطب الكبير السيد أحمد البدوي  .
وفي قلعتها الحصينة المسجد الشهير المنسوب لسيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه  .
وفي قاهرة المعز لدين الله الفاطمي الكوكبة الفريدة التي شرفت بالانتساب لحضرة النبي الأعظم (ص)الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وعلى زين العابدين وغيرهم الكثير والكثير
خلاصة القول:أن مصر جاءت أولا ثم جاء التاريخ بعدها  .