على الرغم من أن الذهب يتفاعل بشكل سلبي مع ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أنه تحرك خلال الساعات القليلة الماضية عكس هذه الحقيقة، مدعومًا بعدة أشياء أبرزها تغير نبرة الفيدرالي بشأن استمرار السياسة النقدية التشددية.
وقفزت أسعار الذهب خلال الساعات القليلة الماضية بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس متوقعة، وذلك بعد أن أشار إلى أنه قد يوقف المزيد من الزيادات مؤقتًا بعد الانهيار الأخير لبنكين أمريكيين.
وقرر الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة بـ 25 نقطة أساس، أمس الأربعاء، لتصعد إلى مستوى 5.00%.
وفي هذا الإطار، صدرت توقعات متباينة حول تحركات الذهب خلال الفترة القادمة في ضوء قرار الفيدرالي الأخير والازمة المصرفية التي دعمت الأسعار خلال الأيام الماضية، حيث يرصد هذا التقرير أغلب التوقعات التي صدرت خلال الساعات القليلة الماضية بشأن الحركة السعرية القادمة للذهب.
تسببت الأزمة المصرفية بجانب توقعات أسعار الفائدة في رفع وكالة فيتش سوليشنز العالمية، توقعاتها لأسعار الذهب بنهاية عام 2023 إلى 1950 دولارًا للأوقية من 1850 دولارًا سابقًا.
وأضافت الوكالة: "نعتقد أن تصاعد عدم الاستقرار المالي العالمي، من المرجح أن يدفع أسعار الذهب نحو أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 2075 دولارًا للأوقية في الأسابيع المقبلة، على الرغم من وجود مقاومة كبيرة حول هذا المستوى حيث يظل الدولار الأمريكي قويًا، ولكنه سيهبط من هذه المستويات لينهي العام عند 1950 دولار للأوقية".
وقالت "فيتش سوليوشنز": "إن من بين العوامل التي تدعم الذهب، انهيار عدة بنوك أمريكية، وانخفاض عائدات السندات الأمريكية، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ منذ أواخر عام 2022، إذ يحوم مؤشر الدولار حول 103 في 18 مارس 2023، مقارنة بـ 114 في سبتمبر 2022".
بجانب أن المخاوف من الركود الاقتصادي، كان من بين الأسباب التي دفعت الوكالة للاعتقاد، بأن الذهب سيأخذ مسارا صاعدا، بالإضافة إلى تنامي المخاطر الجيوسياسية المتمثلة في استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية حتى النصف الثاني من عام 2023 على الأقل.
يعتقد الخبراء لدى TDS بأنه من المرجح أن ينخفض الذهب الفترة المقبلة ولكن ليس انخفاضا قويا، حيث ستراقب الأسواق إشارات الفيدرالي الأمريكي حول الفائدة الفترة القادمة، واحتمالية ألا يرفع الفيدرالي الفائدة بشكل قوي خلال العام الجاري، وهذا بدوره سيدعم أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة.
وأشار الخبراء إلى أن الذهب سوف يجد دعما قويا بالقرب من مستوى 1953 دولار للأوقية، ولكنه سوف يتحرك أعلى مستوى 2000 دولار بشكل مستدام، ويجب أن يكون هناك دليل على أن الفائدة ستنخفض وأن الفيدرالي الأمريكي سيسمح للتضخم بالبقاء فوق الهدف لفترة، ولكن أقرب بكثير إلى 2% وهذا بدوره سيدعم أسعار الذهب.
توقع محللو بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس بأن الذهب سيصل إلى مستوى 2050 دولارا خلال الـ 12 شهرا المقبلة، حيث سيظل الذهب ملاذا آمن وسط ظروف غير مؤكدة.
ويرى اقتصاديو البنك الأمريكي بأنه من المُرجح أن ترتفع السلع على نطاق أوسع بنسبة 28%، وأضافوا بأنهم لا يتوقعون بأن تمتد أثر الأزمة المصرفية الحالية إلى سوق السلع.
يعتقد خبراء بنك ANZ أنه من المرجح أن تؤدي الضغوط المصرفية الأمريكية إلى تنشيط طلب المستثمرين على الذهب المدى الطويل، ومن ثم ارتفاع أسعاره.
كما أفاد الخبراء بأن الطلب على الذهب كان قويا عندما كانت توقعات الأسواق تشير لرفع سعر الفائدة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بوتيرة أصغر، غير أنه حتى عندما حقق الذهب أرباحا قوية؛ فلا يزال طلب المستثمرين على الذهب منخفضا.
رجح اقتصاديي بنك ستاندرد تشارترد انخفاض أسعار الذهب نحو المستوى 1875 دولارا للأوقية خلال الأشهر المقبلة.
وفي هذا الصدد، أوضح خبراء البنك البريطاني أن تقييم المستثمرين لعقود الذهب لا يزال بعيدا عن الحالات المتطرفة؛ بما يشير إلى أنه من المرجح أن يستمر معدن الذهب في تحقيق المزيد من الأرباح، وهذا بدوره قد يؤدي إلى صعود الذهب بوتيرة قوية على المدى القصير جدا؛ خصوصا إذا استمرت مخاوف الأسواق حيال القطاع المصرفي العالمي، علما بأنه من المعروف أن الذهب يساعد في تخفيف التقلبات على مدى آفاق زمنية قصيرة نسبيا.
ولكن بالنظر إلى مدى زمني أبعد نسبيا "ثلاثة أشهر"، لن يحقق الذهب هذه المكاسب المفرطة مرة أخرى، وبدلا من ذلك توقع خبراء البنك البريطاني أن يستقر سعر الذهب مرة أخرى عند حوالي 1875 دولارا.