الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صيام الضمير وتهذيب النفس

أحمد نجم
أحمد نجم

لشهر رمضان روح عطرة تزهو بها النفس، وينشرح لها القلب و تزداد روح المودة، وتعلو فيه نفحات التآخي بين الجميع، لتعاظم الروح الإيمانية بين كل منا.

و أعتقد ان الصيام ليس امتناعا عن الطعام والشراب فقط . وإنما يجب ان يكون صياما للضمير الإنساني عن كل ما يؤذي الآخرين، وصيام النفس عن أهوائها الشيطانية التي تزيد من حالات الاحتقان بين البعض . صيام عن الكلمة المؤذية التي تنال من أعراض الآخرين .

ترجمة الصيام لابد أن تكون في أفعال إنسانية ملموسة وطيبة وليست عبادة مساجد وقراءة قرآن فقط للتظاهر بممارسة الشعائر الدينية . صيام الأفعال والأقوال والسلوك الغير مقبولة  . صيام عفة اللسان و اليد و القلب . لان الشهر الكريم هو مدرسة إيمانية يشعر بها الصائم بالآخرين سواء جوعا أو فقرا ، فلابد أن تكون لنتيجة هذا الشعور مردود إيجابي علي المحتاج . و الإحتياج الإنساني لا ينحصر في الطعام و الشراب فقط ، لكنه يمتد للإحساس و المشاعر 
و التراحم .  

باسم الصيام ترتكب حماقات ترتبط بالرغبة و الجشع لدي البعض . ويتناسي بعضهم أن الله سبحانه وتعالي جعل الصيام أيضا امتناع عن الحرام . فلا يقبل الله صوما امتنع فيه الصائم عن الحلال ليفطر علي الحرام و بالحرام . إحساسك بمعاناة المواطن البسيط وتعاملك لتخفيف معاناته في الشهر الكريم والامتناع عن استغلاله وحسن معاملته هو صيام ضمير إنساني و إيماني يقبله ويحبه الله  .

هناك أفعال غير مقبولة لدي البعض الذين يكون بيدهم إنجاز أعمال الآخرين ، فيبدو  التراخي في أداء واجبات العمل وعدم الالتزام بالمواعيد بالإضافة إلي النرفزة وسوء التعامل  بدعوي ان الموظف صائم . الصيام طاعة جميلة وتقرب لله بالعمل علي قضاء مصالح الآخرين و السعي و التباري في مساعدتهم . حينها تكون راحة للنفس وسعادة في القلب وصياما طاهرا  .

انتصارك علي نفسك بأن يملأ قلبك التراحم نحو الآخرين وجبران خاطرهم هي تقوي إيمانية تمليها عليك الثوابت الدينية وليس ما تهواه نفسك بالسوء .
ولذلك جعل الله الصيام له هو يجزي به 
لأنه يعلم ما في النفس من أهواء سيئة . فكم  من صائم عن الطعام والشراب ظاهرأ يعلم الله وحده أنه غير صائم .

وصيام الضمير و النفس سر بين الله وعباده . يرتقي بالصائم لمنزلة أعلي بتزكية نفسه وجوارحه بروح الإيمان في الفعل قبل القول . فلا ينطق الإ الحق و لا يبغض و لا يثير الفتنة و لا يزكي الوقيعة ولا يغتاب الآخرين ولا ينهش أعراضهم بسوء الكلمة و شيطنة اللسان ولا تمتد يده للاعتداء علي الضعيف ولا فضح حياته .

صيام عن التباهي بمساعدة الآخرين جهرا  . فيجب مراعاة المشاعر الإنسانية . التي تعتبر عبادة تتوافق مع الفطرة وتنسجم مع طبيعة الإنسان يقظ الضمير .
الصوم هو إعادة واستمرار لتربية للنفس الإنسانية التي يمكن أن تهفو في أوقات وشهور أخري لعدم الإخلاص في التعامل و انفلات في الضمير وعدم مراعاة حقوق وواجبات الآخر . ليتسم الصائم في هذا الشهر بالتقوي وهي نبراس المؤمن في حياته يفرق بها بين ما يغضب الله وما يجب أن يكون عليه . يفرق بها بين الخير والشر  و بين الخبيث و الطيب ..

وتتحقق تقوي الصائم بتهذيب النفس التي خلقها الله تعالى لتبحث عن خالقها . فإذا ما اهتدت إليه إنشغلتْ بطاعته  والتقرُّب إليه لترتاح وتطمئنّ . فتذكرة النفس بالثواب الذي أعده  الله تعالى للطائعين في الجنّة وما فيها من النعيم وكثرة سماع العظات الدينية التي تُذكّرُ الإنسان  بنعيم الجنّة  هو تهذيب للنفس وارتداء لباس التقوي و السعي للعمل الصالح بضمير تقي .

أيضا تذكرة النفس بمردود من يخالف التعاليم الدينية التي لا تنهي فقط عن صيام الطعام والشراب وانما عن كل ما يغضب الله في الكلام و الأفعال  وأن عقاب الآخرة نار جهنم وبئس المصير فكيف تلقي بنفسك في هذا المنزلق .

ومن ثوابت تهذيب النفس إتخاذ الرفاق الصالحين الذين يكونون عونأ في الطاعات و التقوي وتهذبب النفس ونقاء الضمير  وعدم إستغلال وإستنزاف الآخر  . صوما مقبولا عن الطعام والشراب بضمير إنساني يراعي الآخر  هو أزكي واطهر للنفس .