الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تقرير يسلط الضوء على تكثيف الجيش الأمريكي تطوير تقنيات "الاستشعار العميق"

صدى البلد

يسعى القادة العسكريون الأمريكيون إلى تحديث تقنيات ووسائل أكثر تطوراً لرصد ومراقبة واستهداف الخصوم وضربهم من مسافات أبعد بنوعيات فائقة الدقة من العتاد والتسليح، وذلك في ظل تحول دفة اهتمام الجيش الأمريكي ليصبح أكثر تركيزاً على منطقة المحيطين الهندي والهادي (الإندو-باسيفيك)، وهو ما تصفه الدوائر الاستراتيجية بـ"الالتفاتة أو التحول".

وللتوصل إلى نتائج عملية في هذا المضمار، شرعت وحدات الجيش في تكثيف عمليات التحديث لتقنيات "الاستشعار العميق، على حد وصف مسؤولين عسكريين أمريكيين بارزين، من بينهم وزيرة الجيش كريستين وورموث، وقائد الأركان الجنرال جيمس ماكونفيل.

وأثناء مشاركتها في مؤتمر "ماكاليز أند أسوشييتس" المتخصص في برامج الدفاع، وصفت وزيرة الجيش وورموث "الاستشعار العميق"، بأنه "عائلة" قيد التطوير من أدوات متخصصة لرصد المواقع تتضمن "نظم طبقة الأرض" TLS، التي تزود الجنود بالمساعدة الفنية القتالية السيبرانية والإلكترونية؛ و"منظومة الفحص والاستغلال عالية الدقة" HADES، وهي طائرات رصد ومسح واستطلاع مجهزة بمستشعرات متقدمة؛ علاوة على "نقطة الاتصال للاستهداف التكتيكي الاستخباراتي" TITAN، والتي تعني تركيز وتسريع عمليات جمع البيانات وتحليلها وتوزيعها.

ونقلت مجلة "ديفينس نيوز" عن وزيرة الجيش الأمريكية قولها "أول حتمية عملياتية بالنسبة للجيش في 2030 تتمثل حقيقة في أن يكون قادراً على الاستشعار بقدرات تفوق أعدائنا على جميع المستويات في أرجاء ميادين المعارك.. لذا كيف سنقدر على ذلك؟ يتعين علينا أن نكون قادرين على جمع وتحليل كميات غير مسبوقة من البيانات من مصادر عديدة ومختلفة."

وتشير المجلة المعنية بالشؤون العسكرية إلى أن وثائق موازنة الجيش الأمريكي للعام المالي 2024 سلطت الضوء على الاستشعار باعتباره أمراً ضرورياً لمواجهة تحديات "منطقة الإندو- باسيفيك"، التي تضم بعض أضخم جيوش العالم، وثلثي الاقتصاد العالمي.. وكشفت الموازنة أيضاً عن خطط لإنفاق 191 مليون دولار على "منظومة الفحص والاستغلال عالي الدقة" HADES، و143 مليون دولار على "نقطة الاتصال للاستهداف التكتيكي الاستخباراتي" TITAN.

وفي عام 2022، كلف الجيش الأمريكي شركتي "لوكهيد مارتين" و"جنرال ديناميكس" لنظم العمليات، للعمل على نوعيات مختلفة من "نظم طبقة الأرض" TLS، إضافة إلى تكليف شركتي "إل3هاريس تكنولوجيز"، و"رايثون لتقنيات الإشارات التطبيقية" للعمل على تطوير نظم مستشعرات HADES.. وفي العام السابق عليه، تحول إلى شركتي "بلانتير" و"رايثون" لتعزيز نظم TITAN التكتيكية الاستخباراتية.

واستطردت وزيرة الجيش الأمريكي في حديثها أمام المؤتمر، الذي يعقد سنوياً في واشنطن دي سي ويحضره نخبة من كبار العسكريين والخبراء الأمريكيين لمناقشة برامج الدفاع، مؤكدة أنه "من أجل تطوير قدراتنا للاستشعار العميق، استثمرنا في تقنيات الاستشعار، وتحليل البيانات، ومعينات تحديد الأهداف ورصدها.. وقد تضمن المقترح الأخير لموازنة الجيش ارتفاعاً قدره 5ر185 مليار دولار، وهو ما يزيد بحوالي 5 في المائة عن المقترح السابق عليه".

وبعيداً عن مجرد الحملات الحربية الأقل حجماً لمكافحة العنف، وبينما تتهيأ الولايات المتحدة لصراع محتمل مع الصين وروسيا، يشدد مسؤولو الدفاع على أهمية المراقبة والرصد والاستطلاع من مسافات بعيدة المدى علاوة على سرعة اتخاذ القرار.

وتقول المجلة إن تلك العقيدة الأمريكية يمكن تجسيدها بجلاء من خلال برنامج البنتاجون المعروف بـ"مبادرة القيادة والسيطرة لجميع الجبهات"، أو ما يعرف اختصاراً بـJADC2، التي تهتم بارتباط الجيش وتلاحمه، عبر تدفقات معلوماتية مُؤَمنَّة تنتقل من وإلى القوات البرية، والجوية، والبحرية، والفضائية، والسيبرانية.

وفي ضوء مبادرة JADC2، فإن كل سلاح داخل الجيش الأمريكي لديه إسهاماته الخاصة فيها.. ولدى الجيش الأمريكي "مشروع تلاحم"، وهو تدريب يمتد لأسابيع ويعمل كبوتقة يتم خلالها تجريب تكنولوجيات وتكتيكات الشبكات في ظل بيئات وسيناريوهات واقعية.. وقد شهد عام 2022، تجربة لتدريبات مماثلة في سلاح الجو والبحرية علاوة على مشاركة قوات من المملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا كعناصر مراقبة للتدريبات.

من جانبه، قال رئيس أركان الجيش الأمريكي، الجنرال ماكونفيل، "لقد أصبح لدينا فعلياً حزمة قدرات استخبارات ومراقبة واستطلاع ISR، التي يمكن لنا ربطها سوياً.. بعضها يمكن استخدامه على مستوى مشترك، وبعضها يخصنا نحن.. وهنا يبرز المغزى الحقيقي من التلاحم وحدوده."

ورأى الجنرال ماكونفيل أن "الخلطة السرية الفعلية"، تتمثل في القدرة على تنسيق المعلومات المتاحة، والاستفادة منها، وتمريرها "إلى المُصوِّب المناسب، أو الآلية الفعالة"، وبذلك فإن القوات التي أُحسن تموضعها في الجبهات يكون بوسعها السيطرة على لوحة الأوامر، وأجهزة التشويش، والبنادق، أو ما هو أكثر من ذلك.

ويختتم رئيس أركان الجيش الأمريكي حديثه أمام المؤتمر قائلاً "إذا كان علينا القيام بتوجيه نيران موجهة بعيدة المدى عالية الدقة، فإنك بحاجة إلى التعرف على الأهداف بدقة من مسافات بعيدة، ولكي نحقق ذلك، يتعين أن يكون لديك قدرات الاستشعار العميق."