الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تهدد البيئة.. اكتشاف حجارة مصنوعة من البلاستيك بجزيرة برازيلية

 اكتشاف حجارة مصنوعة
اكتشاف حجارة مصنوعة من البلاستيك بجزيرة برازيلية وتلك مخاطر

لطالما كانت جغرافيا جزيرة ترينداد البرازيلية مركز جذب للعلماء، لأنها جزيرة بركانية، ولهذا السبب يواصل العلماء فحص الحجارة والتربة هنا، ولكن المفاجأة ما اكتشفه العلماء مؤخرًا من وجود صخور بلاستيكية في هذه الجزيرة، وقد ذابت هذه المواد البلاستيكية واختلطت مع حجارة الجزيرة، وبعد أن اختلطت مع بعضها البعض، صنع ذلك شكل جديد من الحجارة، فما قصة هذا الأمر وما خلفيته؟.

ترينداد .. حزر من أصل بركاني

ترينداد هي أرخبيل يقع في جنوب المُحيط الأطلسي على بعد حوالي 1,100 كيلومتر (680 ميل) شرق ساحل إسبيريتو سانتو في البرازيل، والذي يشكل جزءًا منه، وتبلغ مساحة هذا الأرخبيل 10.4 كيلومتر مربع (4.0 ميل2)، ويوجد به محطة أبحاث مدعومة من البحرية تتسع لـ 8 أشخاص، ويتكون الأرخبيل من خمس جزر وعدة صخور ومداخن، وترينداد هي أكبر جزيرة، وتبلغ مساحتها 10.1 كيلومتر مربع (3.9 ميل2)، حوالي 49 كيلومتر (30 ميل) شرقها هي جزر مارتين فاز الصغيرة، وتبلغ مساحتها الإجمالية 0.3 كيلومتر مربع (30.0 ها) .

الجزر من أصل بركاني ولها تضاريس وعرة، وهي جزر قاحلة إلى حد كبير، باستثناء الجزء الجنوبي من ترينداد، وقد اكتشفها المستكشف البرتغالي إستيفاو دا جاما في عام 1502، وظل البرتغاليين حتى أصبحوا جزءًا من البرازيل عند استقلالها عام 1822، ومن 1895 إلى 1896، احتلت المملكة المتحدة ترينداد حتى تم التوصل إلى اتفاق مع البرازيل، وخلال فترة الاحتلال البريطاني، كانت ترينداد معروفة باسم «جنوب ترينيداد».

اكتشاف مثير للجدل .. التلوث وصل إلى الجيولوجيا

داخل تلك الجزيرة، حدث هذا الاكتشاف الذي أثار الرعب، ففي المنطقة التي تعيش فيها العديد من السلاحف، تم اكتشاف صخور من النفايات البلاستيكية ، وفقًا لتقارير وكالة رويترز للأنباء ، ووجد هذا البلاستيك المذاب يتشابك مع الصخور في الجزيرة، وقد أثار اكتشاف الصخور المصنوعة من النفايات البلاستيكية في الجزيرة النائية ومحمية السلاحف إنذارات علمية.

وقالت فيرناندا أفيلار سانتوس، عالمة الجيولوجيا في جامعة بارانا الفيدرالية: "هذا جديد ومرعب لأن التلوث وصل إلى الجيولوجيا، وأصبح من الواضح أن تأثير البشر والتلوث البيئي ينتشر بشكل متزايد، وذكرت سانتوس أننا وجدنا هذه الحجارة البلاستيكية منتشرة على مساحة كبيرة، وهو ما يشير إلى أن تصرفات البشر تفسد طبيعة هذه الجزيرة، فنحن نتحدث كثيرًا عن الأنثروبوسين، والتي تعني البيئة التي يتم تغييرها من قبل البشر وتأثيرها، ولكن نحن أمام تغير في الجيولوجيا بسبب الأنشطة البشرية، وهو مؤشر خطير عن حجم المعاناة الذي تتعرض له الأرض من قبل البشر.

تداخل غريب .. وكلمة السر في شباك الصيد

وفقا لتقرير نشرته صحيفة فوكس الألمانية، فإن الأحجار البلاستيكية التي تم اكتشافها تظهر تداخل غريب على علماء الجيولوجيا ، وقالت عالمة الجيولوجيا سانتوس من جامعة بارانا الفيدرالية إن مشهدًا جديدًا وخطيرًا للغاية نرى فيه أحجارًا مصنوعة من البلاستيك، وأوضحت فرناندا أن التلوث وصل الآن إلى ما تحت الأرض، وعند التحقيق، وجد أن هذه هي بلاستيجلوميرات، لأنها مصنوعة من جزيئات وبلاستيك من التربة والرمل ومواد أخرى.

جاءت هذه النفايات البلاستيكية من شباك الصيد وأشياء أخرى على ساحل الجزيرة، فعندما ترتفع درجة الحرارة، يذوب البلاستيك ويمتزج بالحجارة، وهذا هو مع وجود الأشياء الطبيعية في الجزيرة، ومع الوقت ومرور فترة زمنية كبيرة، يجف هذا الخليط ويصبح حجرًا معهم.

وجاءت تلك النتائج، عقب اختبارات كيميائية أجرتها سانتوس وفريقها، وذلك لمعرفة نوع البلاستيك الموجود في الصخور، والذي يُطلق عليه اسم "plastiglomerates" لأنها مصنوعة من خليط من حبيبات الرواسب وغيرها من الحطام المتماسك معًا بالبلاستيك.

محمية السلاحف الخضراء في خطر

والخطر المباشر في تلك الكارثة البيئة، يقع على المحمية الطبيعية على الجزيرة، فجزيرة ترينداد هي منطقة محمية للسلاحف الخضراء، حيث يوجد بها الآلاف من السلاحف الخضراء تأتي إلى هنا كل عام، ويضع البيض في هذه الجزيرة، ولا يوجد سوى أفراد البحرية البرازيلية الذين يعملون على التعامل مع أعشاش السلاحف وحمايتها في هذه الجزيرة.

وتعد جزيرة ترينداد واحدة من أهم المحميات في العالم للسلاحف الخضراء، ومازالت العلماء يدرسون تأثير تلك المخلفات على السلاحف داخل المحمية، وهل تأثرت كما تأثر باطن الأرض من ملوثات البلاستيك، ويشير فريق البحث هناك، أن هذا الاكتشاف سوف يكون له تأثير في أبحاث المناخ وعمق التلوث على جيولوجية الأرض.

8 ملايين طن من البلاستيك ترمى في المحيطات سنويا

وفقا لأحدث الأبحاث عن خطر البلاستيك على مياة البحار والمحيطات، فإنه يتم دخول حوالي 8 مليون طن من البلاستيك في المحيطات كل عام، وإذا استمر هذا المعدل، سيكون هناك بلاستيك في المحيطات أكثر من الأسماك بحلول عام 2050، وقد بين تقرير علمي نشره فريق من معهد الأبحاث الصناعية والعلمية الأسترالي أن عدداً كبيراً من الحيوانات يعاني من تأثير النفايات البلاستيكية على نظامه الغذائي، والتي تضر بصحته وتؤدي إلى نفوقه.

ووفقاً للتقرير الذي نشرته مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، فإن 99% من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزيئات البلاستيك جنباً إلى جنب مع الغذاء حتى عام 2050، وذكر التقرير أيضاً أن ثلثي الطيور البحرية ابتلعت جزيئات البلاستيك جنباً إلى جنب مع الغذاء، وقال كريس ويلكوكس من فريق الباحثين: "هذه النسبة العالية تشير إلى مدى تلوث المحيطات بالبلاستيك.

ومن أجل وقف تلوث المحيطات، ينصح خبراء البيئة باتباع استراتيجية للوقاية من النفايات تتمثل في خفض نسبة القمامة البلاستيكية بشكل كبير جداً، كذلك يجب العمل على إعادة تدوير أكياس البلاستيك اللينة التي تستخدم في الأسواق التجارية وتملأ شوارع ومقالب القمامة، كما أن مبادرة فرز القمامة في كيسين منفصلين، أولهما للقمامة العضوية والثاني للأشياء التي يمكن إعادة تدويرها مثل البلاستيك والورق المقوى، وتبقى المبادرة الأكثر رفقاً بالصحة والبيئة وبالطيور البحرية.