يعتبر فانوس رمضان، أحد مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم، ففي كل عام، وقبل أيام من حلول شهر رمضان، تمتلئ الشوارع، بالفوانيس، ويهلو بها الأطفال، في المنازل، والشوارع الشعبية، يعد فانوس واحد من الفنون الفلكلورية الّتي نالت اهتمام الفنّانين والدارسين حتّى أن البعض قام بدراسة أكاديميّة لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصّوم ثم تحويله إلى قطعة جميلة من الدّيكور العربي في الكثير من البيوت المصرية الحديثة.
أصل فانوس رمضان
وانتشرت العديد من القصص، حول أصل الفانوس، ومن أبرز هذه القصص أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيؤوا له الطريق، وكان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان.
بينما توجد رواية أخرى، حول أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يضئ شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها، وتروى قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا، بهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفي نفس الوقت لا يراهن الرجال، وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج في أي وقت، ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون في الشوارع ويغنون.
ويظل الفانوس رمز خاص بشهر رمضان خاصةً في مصر، لقد انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل ويقوم الأطفال الآن بحمل الفوانيس في شهر رمضان والخروج إلى الشوارع وهم يغنون ويؤرجحون الفوانيس، قبل رمضان ببضعة أيام، يبدأ كل طفل في التطلع لشراء فانوسه، كما أن كثير من الناس أصبحوا يعلقون فوانيس كبيرة ملونة في الشوارع وأمام البيوت والشقق وحتى على الشجر.
وأول من عرف فانوس رمضان هم المصريين، وذلك يوم دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادما من الغرب، وكان ذلك في يوم الخامس من رمضان عام 358 ههجرية، وخرج المصريون في موكب كبير جدا اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذي وصل ليلا، وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق إليه، وهكذا بقيت الفوانيس تضئ الشوارع حتى آخر شهر رمضان، لتصبح عادة يلتزم بها كل سنة، ويتحول الفانوس رمزا للفرحة وتقليدا محببا في شهر رمضان.
وكان لفانوس رمضان نصيب من الشعر والأدب أيضا، فقد ذكر الأديب المصري على بن ظافر خلال القرن السادس الهجري أن بعض الأشخاص اجتمعوا يوما في رمضان ليلا بعد انقضاء الصلاة في جامع عمرو بن العاص بالفسطاط وقد أوقدوا فانوسا للسحور، فاقترح بعضهم على الشاعر أبو الحجاج يوسف بن علي أن يؤلف في الفانوس شعرا فقال:
هذا لواء سحور يستضاء به.. ويسكر الشهب في الظلماء جرار
والصائمون جميعا يهتدون به... كأنه علم في رأسه النار.