الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهند على صفيح ساخن| الشرطة تداهم منزل رئيس المؤتمر الوطنى بعد تصريحات الفساد "القصة الكاملة"

صدى البلد

بعد أقل من أسبوع من المسيرات الاحتجاجية التي نظمتها المعارضة الهندية بقيادة راهول غاندي، رئيس المؤتمر الوطني الهندي إلى قصر رئيسة الجمهورية في العاصمة الهندية وإلى قصور الحكام في عواصم الولايات الهندية الـ27؛ من أجل الضغط على الحكومة لإجراء تحقيق بقضايا فساد، قامت الشرطة الهندية بمحاولة إلقاء القبض على راهول بتهمة الإساءة إلى النساء بتصريحات حول الاستغلال الجنسي، وهو الإجراء الذي وصفته المعارضة الهندية بأنه تصفية حسابات من قبل الحكومة.

وخلال الفترة الأخيرة، ومع قرب الانتخابات الرئاسية، هناك حالة من الشد والجذب بين المعارضة الهندية، وبين الحزب الحاكم بقيادة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وتشهد شوارع الهندي مظاهرات حاشدة من حين لآخر من المعارضة ضد سياسات الحزب الحاكم، وسط صراع سياسي كبير داخل الهند، قبل انتخابات الهند العامة لاختيار تشكيل مجلس النواب الهندي في 2024.

من هو راهول غاندي 

راهول غاندي من مواليد 1970، هو سياسي هندي، يتولى رئاسة حزب المؤتمر الوطني الهندي، فهو ابن راجيف غاندي أصغر رئيس وزراء للهند ووالدته هي سونيا غاندي كما أنه حفيد السياسية المخضرمة أنديرا غاندي أول امرأة تتولى رئاسة وزراء الهند، وكان جده الأكبر جواهر لال نهرو والد أنديرا غاندي هو أول رئيس وزراء للهند وأيضًا رئيس وزراء الهند الذي خدم لفترة أطول من سبعة عشر عامًا. 

وهو بذلك ينحدر من سلسلة طويلة من السياسيين، حيث تعرف باسم عائلة نهرو غاندي، والتي احتلت مكانة بارزة في سياسة الهند منذ استقلال البلاد في عام 1947، ويخدم مناصب إضافية مثل رئيس مؤتمر الشباب الهندي والاتحاد الوطني للطلاب في الهند، وعضو في البرلمان الهندي، حيث يمثل غاندي دائرة وياناد، بولاية كيرالا في لوك سابها ال 17.

الأزمة الأخيرة .. هل تصفية حسابات؟ 

وفقا لما نشرته صحيفة أجاتاك الهندية، فقد وصلت شرطة دلهي اليوم الأحد، إلى منزل راهول غاندي، في محاولة لمداهمة المنزل، وهو الأمر الذي أثار ضجة كبيرة، وسارع العديد من نواب الكونجرس الهندي للتوجه إلى منزل راهول لمنع القبض عليه، في المقابل تتحدث الشرطة أن هذا الإجراء يأتي على خلفيه البيان المثير للجدل الذي أدلى به راهول غاندي في سريناغار، بأن الاستغلال الجنسي للنساء يحدث حتى اليوم، وهو تعتبره الشرطة إهانة للنساء، وقال زعيم حزب المؤتمر إنه بحاجة لبعض الوقت، وبعد ذلك سيدلي بإفادة حول الامر. 

وقد أثار الكونجرس ناقوس الخطر، وتدفق عدد من النواب واحد تلو الآخر إلى مقر إقامة راهول، وأشاروا إلى أن هذا الإجراء هو محاولة لتخويف راهول غاندي.

وقال رئيس حزب ساماجوادي أخيليش ياداف في تصريحات غاضبة، "حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم لا يعرف ما الذي يفعله، ولا يعرفون من يستهدفون"، وبالفعل نجح تجمع نواب الكونجرس الهندي من عدم تمكين ضباط الشرطة من مقابلة راهول غاندي والقبض عليه.

أطقوا حرية حديث النساء وسوف تسمعون الحقائق المؤلمة 

وعن الجدل المثار حول تصريحات راهول، قال الكونجرس إن بهارات جودو ياترا وراهول غاندي وفرا للنساء منصة آمنة لمشاركة مشاكلهن وألمهن عن الاستغلال الجنسي لهم من قبل عناصر من الشرطة، وهذا يثبت العمل المخزي لشرطة دلهي، وكذلك يثبت أن رئيس الوزراء مودي قلق بشأن أسئلتنا بشأن تلك القضية، وأكد أن ردود الفعل الغير مسئولة عما كشفنا عنه، عزز شجاعتنا لمواجهة تلك التصرفات الغريبة، وسوف نستمر في تلقي الإجابات.

الشرطة تبرر تحركها بتصريحات كانت في يناير الماضي 

من جانبها قالت شرطة دلهي: إننا جئنا للتحدث معه، حيث أدلى راهول غاندي بتصريح في 30 يناير في سريناغار، والتي قال فيها إنه التقى خلال الزيارة بالعديد من النساء وأخبرن راهول غاندي أنهن تعرضن لاعتداء جنسي، ولهذا السبب نحاول الحصول على معلومات منهم، حتى يتمكن الضحايا من الحصول على العدالة.

وقد أدلى راهول غاندي بتصريح مفاده أنه حتى اليوم يحدث الاستغلال الجنسي للنساء، وعقب ذلك أرسلت شرطة دلهي إشعارًا إلى راهول غاندي في 16 مارس، تسأل عن النساء اللواتي قلن هذا، وشددت على ضرورة أن يعطى راهول تفاصي تصريحاته لشرطة دلهي، ووفقًا لمصادر شرطة دلهي، فإن زعيم الكونجرس لم يرد بعد على شرطة دلهي.

مظاهرات 16 مارس تثير تهمة تصفية الحسابات 

وما أثار الضجة حول تحرك الشرطة الأخير، هو أنه جاء متأخرا عن التصريحات التي قالها راهول في يناير الماضي، وجاءت بعد يوم واحد من المظاهرات التي نظمها حزب المؤتمر الهندي، من مسيرات احتجاج إلى قصر رئيسة الجمهورية في العاصمة الهندية وإلى قصور الحكام في عواصم الولايات الهندية الـ27؛ من أجل الضغط على الحكومة لإجراء تحقيق مع مجموعة شركات "أداني"، والتي يملكها الملياردير الهندي المعروف غوتام أداني؛ أحد أقرب أصدقاء رئيس الوزراء ناريندرا مودي. 

وقد عرقلت الشرطة المسيرات بوضع المتاريس في الشوارع، كما اعتقلت العديد ممن قادوا المظاهرات، وقد بدأت القضية عندما نشرت مؤسسة "هيندنبرغ" الأميركية تقريرا في 25 يناير الماضي، وجاء فيه أن الشركة متورطة فى أكبر عملية خداع وعمليات فساد في الهند، وتشمل التلاعب في أسعار الأسهم واستثمار أموال مشبوهة عبر دولة موريشيوس والتهرب من الضرائب والتلاعب في شهادات الطاقة غير الملوثة وخرق العقوبات الدولية والتعامل مع كوريا الشمالية.

صعود في قائمة أثرياء العالم

وكان ترتيب غوتام أداني في المركز 609 ضمن قائمة أثرياء العالم بثروة تبلغ 7 مليارات دولار، ولكن مع انتخاب صديقه الحميم ناريندرا مودي رئيسا لوزراء الهند في مايو 2014 اختلف الوضع كثيرا، فقد نمت مجموعة شركات أداني بشكل ملفت، إذ استأجرت العديد من المطارات والموانئ في الهند وخارجها؛ ومنها ميناء حيفا في إسرائيل، وحظيت بحقوق حصرية للتنقيب على الفحم وإنتاج الكهرباء، وبعضها من دون مراعاة الشروط الرسمية، كما تمكنت من الحصول على قروض ضخمة من البنوك ومؤسسات التمويل الهندية الحكومية.

وفي بعض الأحيان تم التلاعب بالقوانين لمصلحة الشركة، حيث فسخت عقود وأجبر بعض المنافسين على التنازل عن مشاريع لصالح شركة أداني، حتى أُطلق عليه لقب "ملك الفحم"، وارتفعت قيمة أسهم شركات أداني واحتل المرتبة الثانية ضمن قائمة أثرياء العالم بثروة قدرها 121 مليار دولار، وفي اليوم التالي لنشر مؤسسة "هيندنبرغ" الأميركية تقريرها انهارت أسهم مجموعة الشركات بنسبة 85%، وخسرت 146 مليار دولار، وفقد هو شخصيا 79 مليار دولار من ثروته وتراجع للمرتبة 24.

أحزاب المعارضة تنتفض

وفور ظهور تقرير "هيندنبرغ" طالبت أحزاب المعارضة الحكومة بالإدلاء ببيان وتشكيل لجنة برلمانية وقضائية للتحقيق، ولكن رئيس البرلمان شطب معظم بيانات نواب المعارضة من سجلات نقاش البرلمان، وتهربت الحكومة من الإدلاء بأي تصريحات حول فساد الشركة، ولم توافق على إنشاء اللجنة، وقد لجأت المعارضة إلى المحكمة العليا مطالبة بإصدار أمر للحكومة بإجراء تحقيق حول وقائع الفساد، وطالبت الحكومة الهندية المحكمة بمناقشة القضية بشكل سري بحجة ارتباطها بالأمن القومي للبلاد، إلا أن رئيس المحكمة العليا رفض وأنشأ لجنة لتقصي الحقائق والوقوف على مدى الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الهندي.

وتتهم المعارضة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بمنح شركة أداني امتيازات استثمارية وضريبية خاصة، والتغاضي عن تلاعب الشركة وخرقها القوانين، وتتهم مودي بالتدخل شخصيا لدى حكومات أجنبية -مثل أستراليا وسريلانكا وبنغلاديش وإسرائيل- لصالح شركات أداني، وبتلك التحركات وما سبقها فقد استعاد حزب المؤتمر -الذي يقود المعارضة في حملة لإسقاط الحكومة- عافيته، وكانت البداية مع مسيرة "وحِّدوا الهند"، التي قادها زعيم الحزب راهول غاندي مشيا على الأقدام لمسافة 4000 كيلومترا من جنوب الهند إلى شمالها في 136 يوما أواخر العام الماضي وأوائل هذا العام.