قرر نجلي الرئيس الراحل صدام حسين قررا مقاومة قوات الاحتلال الأمريكي التي شنت غارة على مكان كانا يتحصنان داخله في الموصل شمالي العراق، وبالفعل بدأو مواجهة العشرات من الجنود المدججين بالأسلحة مع تغطية جوية حتى قتلا بعد معركة استمرت 4 ساعات متواصلة.
في 22 يوليو2003، شنت قوات الاحتلال الأمريكي عملية عسكرية استهدفت أحد البساتين في منطقة الدور بالموصل بهدف اعتقال الأخوين عدي وقصي صدام حسين، قبل أن تتحول إلى معركة بالأسلحة النارية.
لم تكن المعركة متكافئة بالمرة: 200 جندي أمريكي مدعومين بالأسلحة الثقيلة وطائرات الهليكوبتر الهجومية، في مواجهة أربعة أشخاص، عدي، وقصي، ومصطفى ابن قصي (14 عاما)، والعقيد عبد الصمد الحدوشي حارس عدي، وفق “سبوتنيك”.
وعدي هو الابن الأكبر لصدام حسين وهو من مواليد عام 1964 تخرج مهندسا من جامعة بغداد كما حصل على دكتوراه في العلوم السياسية.
تولى عدي قيادة قوات “فدائيو صدام”، وهي قوة عسكرية تابعة لحزب البعث، لم تكن جزءا من الجيش العراقي بل ترتبط برئاسة الجمهورية مباشرة، وتعرض لمحاولة اغتيال أواخر عام 1996، أثرت لاحقا على حركته.
أما قصي فقد ولد في 17 مايو 1966، وكان على عكس أخيه بعيدا عن الإعلام أو الظهور العام، ولا يُعرف الكثير عنه سياسيا أو شخصيا، إلا أنه قبل سقوط العاصمة العراقية بغداد أوائل أبريل 2003 كان يقود قوات الحرس الجمهوري وهي قوات النخبة لنظام البعث.
كان قصي في المرتبة الثانية على لائحة المطلوبين العراقيين الـ 55 التي وضعتها قوات الاحتلال الأمريكي بينما كان عدي هو الثالث.
النهاية
كان نجلا صدام يتحصنان في منزل الشيخ نواف الزيدان، وهو بحسب المصادر العراقية “قصراً مهيباً ذا رواق وثلاثة طوابق في منطقة راقية”، إلا أنه لم يكن يلفت الانتباه طوال فترة لجوء عدي وقصي.
يقول زياد الكاتب جار الشيخ نواف صاحب المنزل: “لم نلاحظ شيئا مطلقا. الزيدان له دائما ضيوف كثيرون”.
ولا يعرف تحديدا على وجه اليقين كيف وصل الأمريكان إلى البيت، لكن بعض المصادر تقول إن ذلك جاء نتيجة لوشاية صاحبه.
قال الكولونيل الأمريكي جو أندرسون قائد العملية إن إعلانا باللغة العربية صدر في الساعة 10 صباح ذلك اليوم يدعو فيه الذين داخل البيت للخروج بسلام، ولكن الجواب الذي تلقاه هو صوت الرصاص.
وتحت كثافة النيران، فشلت محاولة فريق من الكوماندوز في مهاجمة المبنى، واضطروا إلى التراجع تحت وابل كثيف من النيران، أسفر عن إصابة أربعة جنود أمريكيين، توفي 3 منهم.
أمر أندرسون رجاله بإطلاق النار من رشاشات ثقيلة من عيار 50، إلا أن ذلك لم يقنع عدي وقصي بالاستسلام، فأطلقت مروحية أمريكية صاروخا تجاه، ثم أطلق الجنود قنابل يدوية من عيار 40 ملم تجاههما. في نهاية الأمر قرر قائد العملية إطلاق 12 صاروخ تاو على المبنى.
استمرت المعركة 4 ساعات كاملة، وأسفرت إضافة إلى مقتل عدي وقصي ومصطفى والحدوشي عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وعراقي واحد وإصابة جندي أمركي وخمسة عراقيين بجروح.
وقتها، أكدت قوات الاحتلال الأمريكي في العراق مقتل نجلي صدام، وقال متحدث باسم القيادة الوسطى الأمريكية في بغداد إن قصي وعدي قتلا في معركة شرسة بمدينة الموصل مع شخصين آخرين.
وقال الجيران أنه بعد انقضاء الغارة الأمريكية، أحيط البيت بأسلاك شائكة يحرسه خمسون جنديا أمريكيا، وفي اليوم التالي احتشد حوالي 200 عراقي قرب المخبأ، هاتفين “بالروح بالدم نفديك يا صدام”.
وأضافوا أن التوتر تزايد بينهم وبين حراس البيت، وسُمع مترجم لجنود الاحتلال يصيح بالعربية “يا أهلَ الموصل. اتركوا هذه المنطقة وإلا فسنعتقلكم. نحن قتلنا عدي وقصي يوم أمس. وسنقوم بتنظيف المنطقة الآن. وكل من يبقى هنا سيعتبر مؤيدا لعدي وقصي”.
دُفن عدي وقصي ومصطفى في قرية العوجة بعد 8 أميال إلى الجنوب من تكريت مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين، الذي دفن لاحقا إلى جانب ولديه الوحيدين، قبل أن يتم نقل رفاتهم إلى مكان مجهول.
في عام 2012 وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيه مصطفى قصي كأبرز طفل في القرن العشرين وذلك نظرا لشجاعته التي أبداها في مقاومة الاحتلال الأمريكي.