EN
دون انتظار لمكافأة أو تكريم من أحد، تولت مريم شاوول جورجيوس "ابنة مركز دشنا بمحافظة قنا"، دورها كأم وأب فى آن واحد، بعد وفاة والد أبنائها، حتى عبرت بهم إلى بر الأمان، وتمكنت من إلحاقهم بكليات القمة، ليتخرج الأول من كلية الهندسة والثانية من كلية الطب البيطرى، وبعد سنوات من التعب، تفاجأ بأنها الأم المثالية الأولى على مستوى الجمهورية" التمكين الاقتصادى".
قصة كفاح الأم المثالية" مريم شاوول"، بدأت فى سن مبكرة، عندما حملت على عاتقها مساعدة زوجها، لتدبير نفقات المعيشة، لكنها بدأت بشكل حقيقى، عندما رحل عنها زوجها عام 2006 ، بعد فترة من المرض، ليغادر الحياة، وتتحمل وحدها مسئولية طفلين الأول بعمر 11 عاماً ، والثانية بعمر 8 أعوام، دون أن يكون هناك مصدر دخل ثابت.
دون تردد أو طلب المساعدة من أحد، تمكنت من شراء ماكينة خياطة، كانت لها نعم المعين فى رحلتها المليئة بالمصاعب و العقبات، لكنها بإرادة فولاذية وإصرار على تحدى الصعاب، استطاعت أن تجعل من ماكينة الخياطة، مع ماشية وقطعة أرض زراعية صغيرة، مخرجاً لأى أزمات مالية تواجه مستقبل أبنائها، ودون أن تشعر أطفالها بأى تقصير بعد صدمة وفاة والدهم.
قصة كفاح" مريم شاوول"، كانت مثل الساقية التى تدور دون توقف، فقد كان يومها يبدأ من الساعة الرابعة فجراً مع الماشية والزرع، مروراً بتحضير وجبة الإفطار لأبنائها قبل ذهابهم إلى المدرسة، و انتظارهم بوجبة الغذاء عقب عودتهم، وانتهاء يومها فى الساعة الثانية عشرة مساءً بعد إنهاء أعمال الخياطة التى كانت تعتمد عليها بشكل رئيس.
قالت مريم شاوول جورجيوس"60 عاماً": توفى زوجى عام 2006 ، بعد فترة مرض استمرت 6 أعوام، وكان وقتها يعمل فى الزرع، وكانت صدمة كبيرة عندما أخبرونى بوفاة زوجى وجاءوا به متوفياً إلى المنزل، للكن رغم قوة الصدمة، كانت لدى قوة أكبر أن أعبر بأبنائي إلى بر الأمان، و من وقتها و أنا حريصة على أن يستكمل أبنائى دراستهم الجامعية، مع عدم إحساسهم بأى تقصير أو نقص فى حياتهم، لذلك كنت أزرع، وأربى المواشى، بجانب الخياطة التى تعلمتها فى سن مبكرة، ومن خلال عملى استطعت أن أوفر لهم حياة كريمة تعينهم على مواجهة أعباء الحياة، وتمكنهم من استكمال دراستهم دون أى عقبات.
وتابعت جورجيوس: كانت من أصعب المواقف التى واجهتها بعد وفاة زوجى، بعد نجاح ابنى بيتر فى الثانوية العامة، وذهابه إلى أسيوط للالتحاق بكلية الهندسة هناك، كان لابد أن يسافر معه أحد لإنهاء أوراق التحاقه بالجامعة، وكان من الطبيعى أن يكون مع والده فى هذا الأمر، لكن إرادة الله، و لم يكن أمامنا إلا ابن خاله محام الذى رافقه فى أول مرة يسافر فيها بعيداً عنى.
وأضافت جورجيوس: قصة كفاحى تبدأ من الساعة الـ 4 صباحاً حتى 12 مساء، ما بين المواشى والزرع و الخياطة، لكن ذلك يهون أمام سعادة أبنائى وتحقيق أحلامهم، فقد عوضنى أبنائى عن فقد والدهم بالتفوق فى دراستهم، حيث تخرج ابنى بيتر من كلية الهندسة، فيما تخرجت ابنتي مارينا من كلية الطب البيطرى، و كل أمنيتى فى الحياة أن أراهم سعداء دائماً فى منازلهم، و أتمنى لنفسى الستر والصحة دائماً.
وأشارت جورجيوس، إلى أن رسالتها لكل الأمهات الصبر وعدم التقصير مع أبنائهم، وأن يقفن مع أبنائهم فى التعليم بكل قوة، حتى يجتازوا المراحل التعليمية المختلفة، فهى رسالة ولابد أن تكتمل حتى النهاية.
وقال بيتر ريمون "مهندس": أمي قامت بدور الأم والأب، فقد كانت تصحى الفجر لترعى الماشية، وتتولى تحضير الإفطار، وبعدها تكمل شغلها فى الخياطة، وبعد العودة من المدرسة يكون الغذاء جاهز، و بعدها تعاود العمل على ماكينة الخياطة، وتذهب إلى الزرع وتتابع المواشى، وكانت تنتهى من عملها فى الخياطة 12 ليلاً ، بجانب مراعاتها لى ولشقيقتى فى دروسنا ومدارسنا .
وتابع ريمون: والدتى رفضت أن أعمل فى أى مكان، حتى أنتهى من تعليمى وكليتى، لم تشغلنا بأى هموم، طوال فترة تعليمنا، لذلك مهما قلت فى حقها ومهما تكلمت عنها، فلن أوفيها حقها، لذلك كنت سعيد بفوزها بلقب الأم المثالية، الذى أراه أقل تقدير لما قامت به من دور عظيم تجاهنا.
قالت مارينا ريمون" طبيبة بيطرية": فخورة بوالدتى كل الفخر، فقد رفعت رأسنا، حتى من قبل سماعنا خبر فوزها بلقب الأم المثالية على مستوى الجمهورية، فهى لم تحتاج لأحد طوال 17 عاماً، ولم تطلب مساعدة من أحد، كانت توفر لنا الدعم المادى والنفسى ولم تقصر فى أى شىء، كانت ومازالت نعم الداعم لنا فى حياتنا.
