EN 
منذ زمن لم نتحدث عن ملكات مصر الفرعونية وكنا نكتفى بقصص حب الأميرات اللطيفة ظناً منا أننا تحدثنا عن جميع الملكات الفرعونية ولكن مع الإطلاع والتعمق فى قصص أجدادى الفراعنة أتضح أن قصص ملكات مصر الفرعونية لن ينتهي بعد لتاتى تاوسرت عاتبة علي قائلة كيف لا تتحدثينا عني وأنا الأكثر تميزاً بين الملكات فأنا أخر ملكة فرعونية جلست على عرش مصر أنا الملكة تاوسرت ملكة التلال، وأميرة أرض الخلود والحياة ، وبدأت تحدثنى نفسى وتقول لى كيف لا أتحدث عنها وهى تنتمى للأسرة الأقرب إلى قلبى ورسم خيالي صورة لها وتحدثنا سويا كى أبرر لها لماذا تأنيت فى الحديث عنها قائلة كيف لا أتحدث عنكِ وأنتِ حفيدة رمسيس الثانى رفيق أحلامى حتى عمتك أتت لي فى زيارة منزلية لم أتحدث عنكِ ظناَ منى إنكِ سوف تأتي لي فى أحلامى مثلما يفعل جدك رمسيس الثانى أو تاتى لي صباحاً مثلما فعلت الملكة ميريت آمون.
بالرغم عن ما قيل عن هذه الملكة الا ان الحقائق الكاملة حولها لم تظهر تاريخيا وتوثق إلا فى عام 1987 عن طريق الاثارى الالمانى (هارتويج مولر) والذى اخذ في سيرتها الذاتية مدة أربعة سنوات .
ولدت الملكة تاوسرت فى القرن 13 قبل الميلاد وهى أبنة الملك مرنبتاح الملك العجوز ابن رمسيس الثانى وأبنة الملكة تاخعت، تعد الملكة تاوسرت هى آخر إمرأة حكمت عرش مصر كملكة حاكمة، و تعتبر آخر ملوك الأسرة التاسعة عشر.
كانت تاوسرت أميرةٌ قوية بهندام ملكٍ قادم للحكم، والتي كان يُنتظر أن تحكم بعد والدها "خادم الإله" كملكة للبلاد ، ولكن أطماع أبناء عمومتها كانت أقوى منها ولكنها كانت تحتفظ بكامل أنوثتها في هندام الملك وبالرغم من ذلك كانت أنوثتها تطغى على شخصيتها القوية وكانت تخطف قلوب وأنظار الجميع بعد أن تخطت السابعة عشر من عمرها وخطفت قلب الملك سيتي الثانى وتزوجها وأصبحت هى الزوجة الرئيسة للملك سيتي الثانى وأنجبت منه ولد وأصبح أبنها هو ولى العهد ولكن الحظ لم يحالفها وتوفى أبنها فى ظروف غامضة وحزنت الملكة تاوسرت على نجلها حزناً شديد وأنتقلت ولاية العهد لأبنه الثانى سابتاح وهو ابن الملك سيتي الثانى من زوجة أخرى ثانوية غير مصرية تدعى (سوتالجيا)، ولكنه كان يعانى من مرض خطير ومزمن وهذا ما اثبتته فحوص مومياءه، ولذلك كان لابد من شريك له في الحكم فكانت زوجة أبيه تاوسرت هى الشخص المناسب بعد وفاة زوجها ستي الثانى الذى حكم لمدة ستة سنوات وأصبحت هى الوصية عليه لأن والدته زوجة ثانوية وغير مصرية.
ويقال الملكة تاوسرت تزوجت من أبن زوجها ولكن هذا الحديث ليس له أى أساس من الصحة حيث لا يذكر مطلقا أي سيرة لزوجات “سابتاح”، ولا حتى ذكرا لزواجه من تاوسرت لانه كان مريضاً . وأصبح الحكم مشتركاً ولكن فى حقيقة الأمر أن الملكة تاوسرت قد أستولت على الحكم مصر منفردة وأثناء فترة حكمها إعتمدت على شخصية غير مصرية كمستشارا لها ويدعى (بيا) وهو سورى الأصل ولد وعاشا فى مصر وكان شخصاً وافياً لتاوسرت ولسابتاح ايضاً والدليل على ذلك وجد وله نقشاً داعماً لابن ملكيه “سابتاح” وكذلك نقشا في معبد عمدا داعما أيضا لتاوسرت ولأن الأوفياء يرحلون سريعاً قتل بيا فى ظروف غامضة.
وبعد ذلك رحل سابتاح هو الأخر و إنفردت تاوسرت بحكم مصر بكل قوتها مثل معنى أسمها قوية الإرض وأصبحت هى ملك مصر فكنت تستخدم لقب ملك فعلا في الصيغة الذكورية مثل (سا رع مرى امون = ابن رع محبوبة امون) و(ابن رع سيد الأرض المحبوبة) و(تاوسرت المختار من الالهه موت).
تولت تاوسرت الحكم فى ظروف سياسية صعبة و كان عهدها يشهد ضعف سياسى كبير و كان نهاية فعلية كاملة لما عرف سابقا باسم الإمبراطورية المصرية. وكذلك حدوث تضخم كبير ونقص في الموارد كاملا لضياع عوائد مصر الخارجية بجانب قيام الليبيين حرب أهلية في طيبة ولكن الملكة تاوسرت حاولت أن تدير أمور البلاد كملك قوي ، فاتبعت سياسة إعمار المعابد في هليوبوليس وسمنود ومنف في الوجه البحري، وطيبة وغيرها كى تترك بصمة كونها ملك قوى حكم البلاد ، كما أرسلت بعثات لاستخراج الفيروز.
وتوفت تاوسرت أخر ملكة حاكمة فى مصر في ظروف غامضة، ولقد شيدت معبداً غير مكتمل فى الجنوب من الرامسيوم، وودفنت في مقبرتها هذه والتي كانت بدأت فى تشيدها لتكون مرقداً لها وزوجها سيتى الثانى. ولم نعثر لها على مومياء حتى الان، ولكن هناك شكوك على مومياء تعرف باسم (المرأة الغير معروفة) والتي تم العثور عليها في خبيئة المومياوات، والتي كانت في مقبرة امنحتب الثانى.
وبالرغم من إنطباعنا عن قوة وفحولة الملكة تاوسرت كونها تتخذ ألقاباً ذكوريّة كالقب الثورالقوى إلا أنها حافظت على مظهرها الأنثوي في النحت و التصوير ، وكان يتم تصورها وهي تمسك المذبة الأنثوية التي عادةً ما تمسك من زوجة الملك العظمى علي عكس الملكة حتشبسوت فى النحت والتصوير .
