بعد مصادقة مجلس الشيوخ على مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد في فرنساتستعد لجنة مشتركة مشكلة من بعض أعضائه وآخرين من الجمعية الوطنية لمناقشته بهدف التوصل إلى صيغة توافقية، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية اليوم الأحد.
ويطرح للتصويت العلني في الجمعية الوطنية بفرنسا في موعد أقصاه 26 مارس الجاري. وتحذر المعارضة من المادة الدستورية 49.3 والتي تتيح للحكومة المصادقة على القوانين دون تصويت النواب. من جهتها دعت النقابات العمالية إلى احتجاجات جديدة.
هدف هذه المرحلة الجديدة، التي ستبدأ في 15 مارس الحالي، هو إيجاد صيغة توافقية لمشروع القانون من قبل الغرفتين قبل طرحه للتصويت العلني في الجمعية في موعد أقصاه 26 مارس في منتصف الليل.
ورحبت إليزابيث بورن، رئيسة الحكومة الفرنسية بمصادقة الغرفة العليا على القانون المثير للجدل واصفة هذه المرحلة بـ"المهمة". وصرحت: "على الرغم من محاولات العرقلة التي قامت بها بعض الكتل الحزبية، إلا أننا تمكنا من تنظيم حوار ديمقراطي".
شبح المادة 49.3 يلوح في الأفق
تمنح المادة 45 من الدستور الفرنسي الحق للجنة المشتركة بالتدخل لمناقشة أي مشروع قانون يكون موضوع خلاف بين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. وتضم هذه اللجنة سبعة نواب من الجمعية الوطنية وسبعة أعضاء من مجلس الشيوخ، ينتمون إلى الكتل الحزبية الممثلة في الغرفتين.
وستباشر هذه اللجنة أعمالها يوم الأربعاء المقبل في قاعة مغلقة بمجلس الشيوخ بهدف التوصل إلى نص توافقي لمشروع قانون إصلاح نظام التقاعد. فيما يبدو أن معسكر اليمين في الغرفتين، والموالي للمشروع الذي قدمته الحكومة، يملك أغلبية الأصوات (حوالي 9 من أصل 14).
على الرغم من مصادقة مجلس الشيوخ في فرنسا، إلا أن نجاح الحكومة في تحقيق مشروعها معلق بإيجاد اللجنة المشتركة صيغة توافقية تعفيها من استخدام المادة 49.3 التي تسمح بتمرير القوانين دون تصويت البرلمان.
وفي حال توصلت اللجنة المشتركة إلى صيغة توافقية، سيتم حينئذ عرض المشروع على أعضاء مجلس الشيوخ يوم الخميس 16 مارس عند الساعة التاسعة صباحا ثم عند الساعة الرابعة ظهرا أمام نواب الجمعية الوطنية.
وإذا صوتت الجمعية الوطنية بالأغلبية على النص التوافقي، فهذا يعني تبني قانون التقاعد الجديد بشكل نهائي. لكن ثمة شكوك أن بعض النواب من اليمين (ما بين 15 إلى 20 نائبا من حزب "الجمهوريون") لن يصوتوا على النص التوافقي المقترح.
الأمر الذي قد يدفع حكومة إليزابيث بورن إلى استخدام المادة الدستورية 49,3 لتمريره "بالقوة".لكن هذا التوقع سيضع الحكومة في مرمى أسهم المعارضة التي بإمكانها تقديم مذكرة حجب الثقة في حال فشلت جميع النقاشات ولم تتمكن الغرفتان من إيجاد صيغة توافقية ونهائية لمشروع القانون.
وفي نفس السياق، حذر لوران بريجيه، زعيم الكونفدرالية الفرنسية للعمال من مغبة استخدام المادة 49.3 واصفا هذه الخطوة بـ"غير الديمقراطية".
وقال في هذا الشأن: "المصادقة على مشروع قانون هام يخص حياة عشرات الملايين من الفرنسيين بهذه السرعة والطريقة سيكون في نظري أمرا غير عادل وغير ديمقراطي".
وتابع: " النقاش كان غائبا في الجمعية الوطنية وجرى بسرعة غير معهودة في مجلس الشيوخ على الرغم من أن هذه الغرفة لديها تقاليد بدراسة المشاريع بشكل جدي وفي جو هادئ. فالمصادقة عليه بفضل استخدام المادة 49.3 يبدو لي أمرا مستحيلا".