أكَّد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الثابت يمثل نسبة قليلة جدًّا من الشريعة الإسلامية مقارنةً بالكثير من قواعد الإيمان التي وردت في حديث جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماهية الإسلام والإيمان.
وأضاف خلال محاضرته بجامعة القاهرة تحت عنوان: "الوسطية والخطاب الديني بين الثابت والمتغير"، التي حاضر فيها الدكتور محمد عثمان الخشت -رئيس جامعة القاهرة- أنَّ هناك ستةَ أركان للإيمان لا تتغير، وأنَّ قضايا الإيمان اليقينية من الثوابت، وكذلك العبادات والفرائض كالصلاة والصيام والحج والزكاة، فلا يمكن أن يأتي شخص ويلغيها في أي زمان أو مكان، موضحًا أنَّ الأخلاق كذلك ثابتة لا تتغيَّر فهي خلق فطري تغذيه الأديان، كما أنَّ المتغير في الشريعة الإسلامية يحتلُّ مساحةً واسعة وقابلة للتطور بتطور الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
وتابع فضيلة المفتي أن هناك تطورًا للنظرة الفقهية للأحكام المتغيرة يكون وفقًا لتطورات العصر والزمان، فالفقيه الفاهم للشريعة لا يقف مقيَّدَ اليد متقوقعًا في الزمن الماضي، ولكن عليه أن ينظر نظرة أخرى إلى الأمور تتوافق مع الواقع، مشيرًا إلى أننا تعلَّمنا وتوارثنا في الأزهر الشريف أنه ينبغي أن نفهم النص الشرعي ودلالاته، وهل هو يتكلم في منطقة ثابتة أم متغيرة، ثم نسأل المتخصصين في العلوم الأخرى التي قد نحتاج إليها، فلا يمكن أن ننقل الثابت إلى دائرة المتغير ولا المتغير إلى منطقة الثابت.
وضرب المفتي مثالًا بما يُثار مع قدوم شهر رمضان فيما يسمَّى بفتاوى المواسم، مثل إخراج زكاة الفطر قيمة أم حبوبًا، مشيرًا إلى أنها من الأمور المتغيرة التي يجب ألَّا نضيِّق فيها على الناس، ومن الخطأ المنهجي أن ننقل المتغير إلى دائرة الثابت فنجعل الأمور المجتهد فيها بمنزلة الثابت الذي لا يجوز الاجتهاد فيه، وبالتالي مَن يفعل ذلك يدخل في المخالفة الشرعية.
وقال فضيلة المفتي: علينا أن نفسِّر النصوصَ بقواعد اللغة العربية، مستشهدًا بحديث "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"، فليس معنى ذلك أن صلاته مرفوضة أو غير مقبولة، ولكن المعنى أنه لا أجر كامل لجار المسجد إلا في المسجد، كما أنَّ الدخول في دائرة الوسطية يعني أن الإنسان يتفاعل مع الواقع بتطوراته المختلفة مع المحافظة على الثوابت والاجتهاد في المتغيرات.