تتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات لنعش يطير وميت يرفض الخروج من المسجد وغيرها من الأمور التي يربطها البعض بـ حسن الخاتمة، والصحيح أن ذلك ليس له علاقة بحسن الخاتمة ولو كان له علاقة فلماذا لم يحدث مع أشرف الخلق سيدنا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويقدم لكم موقع «صدى البلد»، ما ذكره العلماء في هذا الصدد، مؤكدين أن من المضحكات المبكيات أن الناس لا يزالون يصدقون خرافة أن النعش يطير بصاحبه، وأن الميت يوجه النعش حيث يشاء ليدفن في المكان الذي يحب.
هل الإسراع بالجنازة دليل على حسن الخاتمة
أفاد الدكتور مبروك عطية، العالم الأزهري، «بأننا ندرس في علوم الفيزياء والرياضة أن الأجسام تظل ساكنة ما لم تأت قوة خارجية مؤثرة تعمل على حركتها، وأشار إلى الكوب الذي في يده وقال انا بضع هذا الكوب ستظل مليون سنه ثابتة في مكانها طالما لم يحركها ريح أو يد، والمتوفى مثل الكوب».
وأضاف «عطية» عبر فيديو نشره عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: «حينما يتوفى الشخص يصبح مثله كمثل السرير النائم عليه، لأنه فقد أول ما فقد حركته، مؤكدًا أن النعش يجري لأن «اللي شايلينه بيجروا، واللي شايلينه لو وقفوا سيقف»، ناصحًا بحسن معاملة الميت أثناء الغُسل، لأن الميت يتأذى مما يتأذى به الحي، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ولفت إلى أن ما نراه في بعض الجنائز بأن النعش يجري فهذا يكون بناءً على حركة الأشخاص الذين يحملونه، فإذا أسرعوا أسرع النعش، وإذا تحركوا حركة معتدلة وهذا يكون الأصل الأصيل سيتحرك مثلهم، وإذا وقفوا وقف.
وأكد أن السير سريعًا بالنعش ليس له علاقة نهائيًا بحسن أو سوء الخاتمة، موضحًا معنى حسن الخاتمة هو الموت على التوحيد، مستشهدًا في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة ال عمران «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ»، وبقول خُبَيْبٌ الأنْصَارِيُّ حينما قال «وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا...علَى أيِّ شِقٍّ كانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي».
هل الميت يطير
وفي حلقة سابقة، قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن أولياء الله الصالحين موجودون في كل زمان ومكان، منبها على أنهم لا يطيرون ولا يجرون بالنعش فهذه الأمور خرافات من وحي الخيال ومدبرة.
وأضاف «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم»، أنه سأل الشيخ عبد الله الغماري فقيه وعالم دين من المغرب عند حقيقة طيران النعش والجري أثناء الدفن ورفض دخول القبر إلا بعد الذهاب إلى أهله لتوديعه، فأجابني بلطف: «لماذا لا يحدث هذا إلا في مصر.
وتابع: أن مقولة الشيخ الغماري جعلتني أبحث عن الحقيقة وسألت نفسى لماذا لا يحدث هذا في الهند والجزائر وغيرها من الدول الإسلامية فوجدت أن طيران الميت تدبير من بعض الخبثاء، مضيفا: فذهبت إلى البلد وحدثتني أُمي أنها شاهدت النعش يطير مرتين مختلفتين، وأخبرتني عن أحد شهود العيان الذين تواجدوا في الجنازة، فذهبت إليه فضحك وقال لي: أنا الذي كنت أطيره، لأني ألعب رياضة رفع الأثقال وحينما يموت أحد، كنت أتفق مع مجموعة شباب لنطير النعش كنوع من التحدي وممارسة الرياضة.
أكد الإمام الأكبر الراحل الشيخ شلتوت، الواقع أن صدق هذه الأخبار لا يكفى مجرد سماعها، ولا مجرد رؤية النعش وهو محمول على الأعناق يتقهقر إلى الوراء أو يتقدم إلى الإمام، فضلاً عن سماع طيرانه في السماء، لا يكفى سماع شيء من هذا في تصديقه.
هل النعش يطير بالميت ؟
وأضاف «شلتوت» في رده على هذه الأسئلة في كتابه «الفتاوى.. دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية والعامة»، أن الناس مولعون بتناقل الأخبار الغربية، وفيهم من هو قابل لتصديق كل شيء، يسمعه فينتقله ويتحدث به ويقسم عليه.
وأكمل: إن صدق الأخبار يحتاج إلى الوثوق بصدق حاملي النعش، والوثوق بسلامة نفوسهم من الانفعالات الخاصة، التي تورث الضعف في أعصابهم، وتجعلهم يتقهقرون أو يندفعون إلى الإمام بغير انتظام، والوثوق بأنه ليس لهم نوايا خاصة في إشاعة أن الميت له عند الله منزلة، ينبي له بها ضريح، وتصنع له مقصورة، وتفتح أبوابه للزيارة والنذور، وتقام له الموالد والليالي، إلى غير ذلك مما يكون في واقعة مورد رزق جديد لحامليه، وإلى من أوعز إليهم بإيجاد هذا المظهر.
ونوه بأننا لم نسمع شيئًا من ذلك عن أحد من الربانيين الذين ماتوا في العصور الأولى للإسلام، خير القرون، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، وحماة الإسلام من الصديقين والشهداء والصالحين، وإذن فنحن في حل من تكذيب كل ما نسمع من هذا القبيل ونرفضه ولا نعنى بالبحث عن أسراره وأسبابه، والإنسان متى فارق الحياة انقطعت صلته بالدنيا، وصار أمره لله وحده.
ووجه نصيحة في رده على تلك الأسئلة قائًلا: «نصيحتي للسائلين أن يتجهوا بأسئلتهم نحو ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وليعلموا أن الحياة حياة السائل، وحياة المجيب، وحياة القارئ والمستمع أعز من أن تضيع في السؤال والجواب عن طيران الموتى أو تقهقرهم أو تقدمهم، وليس في النعش سوى جثة هامدة ذهبت روحها إلى خالقها، وهو وحده العليم بحالها مالها وما عليها.
علامات حسن الخاتمة للميت
الأولى: النطق بالشهادة عند الموت، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ».
الثانية: الموت بعرق الجبين فعن بُرَيْدَة بن الحصيب رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ بِخُرَاسَانَ، فَعَادَ أَخاً لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَوَجَدَهُ بِالْمَوْتِ، وَإِذَا هُوَ يَعْرَقُ جَبِينُهُ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ». «أي يعرق الجبين».
الثالثة: الموت ليلة الجمعة أو نهارها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ».
الرابعة : الاستشهاد في ساحة القتال: لقوله تعالى: «لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».
هل المرض من علامات حسن الخاتمة ؟
الخامسة: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ».
السادسة: الموت بداء البطن: فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «..وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ..». منوهًا بأن العلامة السابعة لحسن الخاتمة الموت بالغرق: فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
الثامنة والتاسعة: الموت بالحرق ووفاة المرأة أثناء الولادة: فعَنْ جَابْرِ بْنِ عَتِيكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ... وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ».
علامات حسن الخاتمة عند الاحتضار
العاشرة: الموت بذات الجنب: كما في الحديث السابق والمجنوب: الذي أصيب في جنبه ومات بذلك، وهي قرحة تظهر في الجنب. وقيل : المجنوب الذي يشتكي جنبه مطلقاً.
الحادية عشرة: الموت دفاعاً عن المال، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
الثانية عشرة الموت على عمل صالح: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ» قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «يَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ».
الثالثة عشرة: فمرض السل: فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السِّلُّ شهادةٌ».