تيسير فهمي لـ صدي البلد :
والدي لاعب كرة بـ الاتحاد السكندري والترسانة وظل يمارس الرياضة حتي عمر الـ 80
تربينا بشكل ديمقراطي داخل المنزل .. ورفضت التعين داخل المسرح القومي بسبب القيود
شعرت بالخوف من سناء جميل .. ومحسنة توفيق غنية إنسانياً
تعددت أسباب اختفائهن عن الشاشة لفترة طويلة، إلا أن النتيجة واحدة وهي غيابهن عن جمهورهن لسنوات، جميلات الدراما في الشكل والأداء يفتحن صندوق الذكريات لـ “صدى البلد”، في سلسلة حوارات يكشفن فيها رحلتهن مع عالم الفن، وكواليس تنشر لأول مرة عن أعمالهن الفنية وحياتهن الشخصية
فى هذه الحلقة من سلسلة حوارات عنها ، نلتقي بواحدة من اهم الفنانات فى تاريخ الدراما المصرية ، حيث استطاعت ان تقدم عدد كبير من الاعمال الناجحة على الشاشة الصغيرة لتحجز لنفسها مكانة فنية رفيعة وسط كبار النجوم وفي قلوب المشاهدين ، انها النجمة تيسير فهمي .
تيسير فهمي ابتعدت خلال السنوات الماضية عن الشاشة ، بل انها ظلت خلال تلك الفترة لا تقوم باجراء أى حوار صحفي مطول ، واكتفت بظهور نادر فى بعض المناسبات ، صدي البلد التقي بها فى حوار مطول ينشر على ثلاثة أجزاء كشف في العديد من الاسرار والحكايات التى ترويها لأول مرة عن حياتها ومشورها الفني الحافل المليء بالأبداع والمواقف الوطنية والإنسانية التى تستحق ان يعرفها الجمهور.
بدأت معها الحوار قائلاً : بلا شك انكي صاحبة مشوار فني طويل وحافل بالنجاحات، ولكن حرصي الشديد على ان يجمعنا هذا الحوار كان بعدنا شاهدت حواراً لكي كنت قد أجرتيه منذ سنوات طويلة ، كان ردك على أحدي الأسئلة " انا أمرأه حرة " ، وتلك الإجابة لا تخرج من سيدة في ذلك الوقت الا لو كانت أسرتها زرعت فيها تلك المبادي ، فدعينا نبدأ من الاسرة والتي يبدو ان تربيتهم لكي كانت مختلفة ؟
لقد ولدت في أسرة مكونة من8اشقاء ، ترتيبي بينهم هو الخامس، وقد كانت الفوارق العمرية بين الاشقاء الثمانية كبيرة ، لذا فقد ساهم بعض الاشقاء في تربية الأصغر بجانب الاب والام ، وبالتأكيد حين يساهم أجيال مختلفة في التربية ينتج عن ذلك فكر ونظرة مختلفة للحياة ، ولكن أبى وامي كانوا يتمتعون بميزة ربما تكون غربية في ذلك التوقيت ، فوالدي كان رجل محافظ للغاية او كما يطلقون باللغة العامية"دقة قديمة" ، وحين كنا نسمع أصوات قدامه على السلم يذهب الجميع الي غرفته لحين ان ينتهي من تبديل ملابسه وصلاه العصر ، ثم يأتي موعد الغذاء لنجتمع جميعاً على مائدة الطعام ، ولكن في المقابل كان يملك قدر كبير من الحنان ، إما الام فقد كانت لديها شخصية قوية للغاية وذكاء واضح ، ولكنها كانت في غاية الحنان ليس فقط على أولادها ولكن على الجميع حتي الجيران ، وهناك صفة أخري جمعت ان الطرفان بجانب " الحنية " ،وهي الطموح والقابلية للتطور مع الزمن ، فمثلاً ما كان يقومون بفعله مع شقيقتي الكبرى ، أصبح أخف معي ، واقل مع شقيقتي الصغرى وهكذا ، فقد كانوا مواكبين مع الزمن ولكن مع الاحتفاظ بالعادات والتقاليد.
وتتابع الفنانة تيسير فهمي:إما دور الاشقاء فكما ذكرت لك كان كبير ، فمثلاً شقيقى الأكبر فق كان بمثابة أب ثان ، وهو عاشق للموسيقي الشعر وكان يدرس في كلية أداب إنجليزي ومن خلاله أكتسب المنزل مكتبة هائلة ومتنوعة بها كتب واسطوانات ، فقد كان منزلنا ملئ بالحنان والثقافة والحزم والنصح إيضاً ولكن مع عدم التدخل ، فمثلاً لم يكن أحد يجبرنا على الزواج من شخص محدد ولكن كان لهم وجهه نظر نابعه من خبرتهم وخوفهم على أولادنا ، أي أننا كنا نملك حرية الاختيار التابعة من تربيتنا وقيمنا ، واذكر ان الجميع كان يجلس معاً ليتناقش في مشكلة تخص أي فرد منا ، فلا يوجد تحقير لراي الصغير تجاه مشكلة ما تخص أي فرد في العائلة ، وفى بعض الأحيان كان يجعلونا نعتقد انهم أستفادوا من راينا ليمنحونا الثقة.
قاطعتها..هذه التربية بمثابة تدريب عملي على مصطلح الديمقراطية ؟
صحيح..ولم نكن حينها نعرف انها ديمقراطية أو غير ذلك ، فقد كانت الاسرة بمثابة دولة صغيرة بها تكامل ، واتذكر انه بعد تخرج اشقائي الكبار بدأت الاسرة تنتقل الى مستوي مادي أفضل لانهم كانوا يساهمون في المنزل ، وهذا حدث معي ومع شقيقي الذى كان يكبرني بعامين ، فقد ساهمنا بعد ذلك مادياً في المنزل ، وأصبح كل جيل من الاسرة يساعد على الارتقاء بالمستوي المادي للجيل الأصغر، فقد تعلمت من تلك العائلة معني كلمة" احنا مش أنا" ، وان من يستطيع من يساهم في الارتقاء بالآخر سواء ثقافياً أو مادياً او تعليماً لابد ان يفعل ذلك.
الوالد كان لاعب كرة قدم اليس كذلك ؟
بابتسامة تعبر عن حبها لها قالت.." اه " ، فقد كان لاعب كرة قدم في الاتحاد السكندري ثم نادي الترسانة ، ولكني لم احضر تلك الفترة من حياته كلاعب كرة ، ولكن كنت أذهب معه فيما بعد الى النادي حين كان عضو مجلس إدارة ، وبالمناسبة لدي شقيق احترف لعب كرة القدم ولكنه اعتزل بسبب الإصابة.
ماذا عن المناقشات الحامية بين أفراد الاسرة بسبب الانتماءات الكروية ؟
الرياضة كانت لها حيز كبير في اسرتنا ، فمثلا والدي ظل يمارس الرياضة حتي وفاته في عمر الـ84عاماً ، فقد كان في هذا العمر يقوم بممارسة رياضة المشي من منطقة المهندسين وحتي منطقة الزمالك بشكل يومي ، إما عن الانتماءات الكروية فكل أفراد الاسرة تكن الحب لنادي الترسانة ، ولكن هناك من أصبح يشجع النادي الأهلي وأخرون يشجعون نادي الزمالك ، إما انا فلا اشجع فريق محدد بل أكتفي بمساندة المنتخب الوطني أو أي فريق مصري ينافس على بطولة عربية او عالمية.
هل تتابعين محمد صلاح ؟
طبعا..ده أبننا
من حين لأخر يتعرض محمد صلاح لانتقادات من بعض المصريين أتذكر منها بعد نشره نعي لملكة إنجلترا بعد وفاتها وقد رأي البعض وان بلدها تسببت في أذى كبير لشعوب عربية اثناء احتلالها لها ما كان يجب ان يشارك في نعيها ، فكيف ترين ذلك ؟
هناك أشخاص تتبني مبدأ خالف تعرف ، فهذه برقية تعزيه لا أكثر وأقل ، وهو يقوم باللعب في أحدي النوادي هناك ولا أري انه أخطا في نشره النعي ، كما سبق وان تمت دعوته في القصر الملكي وكان الجميع سعيد بذلك ، كما ان العلاقات بين مصر وانجلترا حالياً قائمة ، فما الازمة في ذلك ، ولكن هناك اشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي يريدون الشهرة ، واحيانا السعي الى الشهرة يصل الى بالأشخاص الغير مستقرين نفسياً يصل الى الجنون.
أعود الى الطفولة ، عامك الـ 12 شهد تحولاً كبيراً ، فبعدما كانت والدتك تري انكي هادئة الى درجة كبيرة ، اصبحتي تلعبين الكرة مع الأولاد في الشارع ، فما الذى حدث ؟
تجيب ضاحكة..معرفش ، فوالدتي كانت تقول لي انني في مرحلة الطفولة كنت أضعك في مكان ولا تتحركين منه الى ان اعود ، ولكن مع بلوغي سن12تحول الامر ، وأصبحت ألعب كرة في الشارع ، واشتركت في فريق التمثيل ، وأصبحت أحب المشاركة في الحياة الاجتماعية.
وكيف بدأت علاقتك بالسينما ؟
حين كنا نسكن في منطقة الحلمية كنا نذهب الى السينما ، وبعد انتقالنا الى شارع أحمد عرابي بمنطقة المهندسين كنت أحرص على الذهاب الى سينما سيفنكس ، والتي كانت تعرض3أفلام دفعة واحدة ، فقد كنا نذهب اليها كل ليلة خميس ، أو نذهب مع والدي الى أحدي سينمات وسط البلد ويختار هو الفيلم الذى يريده ، وقد كنا جمعياً من عشاق سعاد حسني ، ثم حين دخل التليفزيون وكنت قد طفلة حينها أصبحت اتابعه وأتأثر به ، فانا من مواليد الخمسينيات وقد كان وجود التلفاز حينها حدث ، ولكن كان لنا أوقات محددة لمشاهدته.
من الفنانة التي تأثرتي بها في ذلك الوقت؟
لا أعتقد ان أحد لم يتأثر بفاتن حمامة ، فقد كنت متربعة في ذلك الوقت على الساحة ، وفى سن الشباب تأثرت بسعاد حسني.
ولكن المدرسة الفنية التي تنتمى لها سعاد حسني تختلف عن فاتن حمامة...
ولكن فاتن حمامة في توقيت ما- ونحن أطفال- كانت تمثل الحياه التي نعيشها أو التى نتمناها بكل ما فيها من رومانسية و طيبة ، ولكن سعاد حسني حين ظهرت على الشاشة أصبحت تمثل الحياة بكل تنوعاتها ، فقد كان لديها عين تسطيع من خلالها ان تعبر عن كل شيء سواء الحزن او الفرح .
وتضيف الفنانة القديرة تيسير فهمي قائلة : أوفقك في الرأي بان كل منهما مدرسة فنية مختلفة عن الأخرى فسعاد حسني مدرسة شاملة ومختلفة عن فاتن حمامة ، ولكنهما أكثر فنانتين تأثرت بهم في السينما ، إما في التليفزيون والمسرح فقد تأثرت بعبقرتين هما سناء جميل ومحسنة توفيق ، فهن عشقي ، فانا عاشقة للأولي وبالنسبة لي هي نموذج التمثيل كما انزل ، إما محسنة توفيق فقد كانت روحي تذوب فيها ، ولحسن حظي تعاونت معهن في أعمال فنية.
دعينا نتحدث عنهما..كيف وجدت التعامل في البداية مع محسنة توفيق ؟
محسنة توفيق شخصية غنية إنسانياً ، فهي نموذجليس فقط في مجال التمثيل ، بل في في ثقافتها ومواقفها ، وقد كنت قريبة منها في وقت ما ، فهي تمنحك تجربتها في الحياة بكل بساطة ودون افتعال مثل أدائها على الشاشة.
ولكن دفعت بسبب مواقفها السياسية ثمن غالي ، وهو قلة اعمالها الفنية مقارنة بحجم موهبتها ، وبالرغم من انها لم تندم على ذلك ، ولكن المشاهد كان الخاسر الأكبر لانه لم يستمتع بموهبة بحجم محسنة توفيق ، الا ترين ذلك ؟
لا اري ذلك ، ففي كل الأحوال سنظل نتذكر محسنة توفيق ، فان لم نتذكرها كفنانة سوف نتذكرها كإنسانة صاحبة مبادي لم تتخلي عنها ، فمحسنة سوف تظل باقية في كل الأحوال ، ويكفي انها كانت متسقة مع ذاتها ، فأحيانا تكون الخسارة مكسب بالنسبة للإنسان.
وماذا عن سناء جميل وكيف كان اللقاء الاول الذى جمع بينكم ؟
اللقاء الأول الذى جمعني بها كان من خلال مسلسل حمل أسم" البحث عن وظيفة"، وقد كنت أشارك في بطولته بجانب الفنان فاروق الفيشاوي ، حيث كانت تدور أحداثه في أطار حلقات منفصلة متصلة ويحل كل حلقة نجم كبير كضيف شرف ، وبالفعل تعاقدوا فى أحدي الحلقات مع الفنانة سناء جميل لتظهر كضيفة ، وقد كان العمل يتم تصويره في دولة الكويت ، وحضرت " جميل " الى هناك ، وحين عملت انها جاءت ذهبت اليها لاتعرف عليها ، فقد كنت أرى انها أسطورة واخطتبوط تمثيل ، ولكن سناء جميل في البدايات تكون حذرة ومتحفظة ، وشخصياً لا أستطيع أقتحام الأشخاص ، لذا فقد كنت أشعر بالخوف قبل تصوير مشاهدي معها ، ولكن بعد الانتهاء من تصوير أولي مشاهدي معها اثنت علي ادائي ، ووجدت ان معاملتها اختفلت معي تماماً ، ثم أصبحا على معرفة وطيدة فيما بعد ، فهي شخصية طيبة للغاية عكس ما يعتقد البعض.
سنعود الي الاسرةهل تقبلوا دخولك مجال التمثيل بسهولة ؟
فكرة التحاقي بالمعهد العالي للفنون المسرحية لم تلقي القبول الكبير من قبل أسرتي ، فقد كان الأمر غريب عليهم الى حد ما ، ولكن اثنين من أشقائي ساعدوني في أقناعهم ، خاصة وان واحد منهم كان يهوي التمثيل ، ولكن والدي أشترط حينها والدي ان أقوم بالدراسة في جامعة أخري بجانب معهد التمثيل.
ومتي شعروا بالارتياح الى اختيارك ؟
بعد ان شاهدوني على خشبة المسرح ، ولكن كان لابد من ان يرافقني في البداية اى من أشقائي ، وظل هذا الامر حتي انتهيت من دراستي.
بمناسبة المسرح لماذا رفضت التعين في المسرح القومي ؟
لأنني لا أحب القيود ، فقد كان النظام السائد آنذاك ان المعين يقبل أي دور يعرض عليه وحتي وان كان دور صامت ، لذا رفضت التعين وقلت أنا حرة ، فكيف ان أوافق على تجسيد دور لم يجذبني ، وقلت سوف أقوم بالتمثيل على خشبة المسرح القومي دون مقابل لو أحببت الدور .
وكيف جاء ترشيحك للتعيين ؟
عن طريق الفنانة القديرة سميحةأيوب ، فقد قدمت عليه مسرحية اثناء دراستي وأصبحت بطلتهابعد ان اعتذرت بطلة العمل فردوس عبد الحميد عن الاستمرار في دور العمل بسبب ارتباطها بتصوير أحدي الاعمال الدرامية ، وهنا صعدوني لدور البطولة ، ورشحتني بعد ذلك الفنانة القديرة سميحة أيوب للقوي العاملة لتعييني في المسرح القومي.