الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اثنان وثلاثون عاما من التحرير

عمر الأحمد
عمر الأحمد

 كنت قبل عدة سنوات في جلسة نقاشية مع عدد من الأكاديميين المختصين في العلوم السياسية، وكان من بينهم أكاديمي أمريكي، وبعد نقاش مطول معه، سألني: ما الحدث الذي تظنه يا عمر مفصليا في المنطقة والعالم خلال القرن العشرين؟ أجبته بلا تردد: "غزو الكويت"، عقد الأمريكي حاجبيه والتفت لمن حوله مبديا استغرابه من إجابتي، حيث برر استغرابه بأنه توقع أن تكون الإجابة هي الحربين العالميتين الأولى والثانية، لما لهما من تأثير كبير على العالم، وافقته في جزئية التأثير على العالم، ولكن فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن قيام الجيش العراقي بغزو الكويت عام 1990 فصل جديد ونقطة تحول مفصلية في تاريخ المنطقة، وسامح الله من كان السبب!

في الثاني من أغسطس عام 1990، غزت القوات العراقية وبأوامر من الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الكويت، ولن أتحدث عن التشريد والقتل والسلب وغيرها من ويلات الاحتلال، فالكويتيين أفضل من يصف تلك المآسي، إلا أنني سأتحدث عن تبعات الغزو على المنطقة بأكملها، حيث تبع ذلك الغزو الغاشم، جهود خليجية لتكوين تحالف دولي لصد الجيش العراقي وتحرير الكويت، وبالفعل تم تحرير الكويت ولله الحمد، ورجع أهلها الأعزاء، ثم ماذا؟! حصار اقتصادي على العراق استمر 12 عام، وما تبع هذا الحصار من وضع مرير عانى منه العراقيين، ولازلنا نتذكر البرنامج الأممي "النفط مقابل الغذاء" والصادر بموجب قرار مجلس الأمن 986 لعام 1995، والذي يسمح للعراق بتصدير جزء محدد من النفط مقابل استخدام العائد لشراء الاحتياجات الإنسانية للشعب. 

وبعد الحصار؟! اجتياح أمريكي للعراق عام 2003 للبحث عن السلاح المزعوم "أسلحة الدمار الشامل" وثبت بعد ذلك كذب هذا الادعاء. ثم ماذا؟! حرب طائفية طاحنة أثرت على المنطقة بأكملها، وظهور ميليشيات إرهابية لا حصر لها، سواء سنية أو شيعية. ثم ماذا؟! سقوط عواصم عربية رهينة في يد النظام الإيراني بمجرد سقوط بغداد، ثم شهد العالم صفحة جديدة من صفحات الإرهاب ولكن بطرق أكثر دموية ووحشية، وتطور أكبر عن المعهود، جاء ذلك على يد ميليشيات "داعش" الإرهابية، والتي شهدت مدينة الموصل العراقية ولادتها، وجميع ما ذكرناه يعود سببه إلى غزو الكويت، فأي لعنة حلت على المنطقة بسبب هذا التصرف الأرعن وغير المسؤول!.

تبعات هذا الغزو بلا شك لم يحسب صاحبه حسابها، كما لم يحسب إيجابياته على الدول الخليجية بشكل عام، منها سقوط الأقنعة عن أولئك الذين أيدوا الموقف العراقي من الغزو، بل أن بعض الجاليات العربية والتي كانت تقطن في الكويت ونمت أجسادها من خيرات الكويت، للأسف خدمت الجيش العراقي هناك، حيث يقول بعض الأصدقاء الذين تواجدوا في الكويت أثناء الغزو الغاشم، أن بعض أبناء الجنسيات العربية، عملوا نقاط تفتيش حاملين السلاح في الشارع الكويتي لخدمة الجيش العراقي!.

وبلا شك أظهر الغزو بطولة جمهورية مصر العربية الحبيبة، وموقفها المشرف من الإصرار والدعم والمشاركة في حرب تحرير الكويت، وهنا لابد لنا من ذكر صاحب الموقف البطولي الذي لا يغيب عن أذهان الخليجيين، الرئيس المصري الأسبق الراحل محمد حسني مبارك رحمه الله.

لازلت أتذكر كلمة الصحفي الكويتي الشهير الأستاذ فؤاد الهاشم حينما قال : “احترق شعار القومية العربية بمجرد غزو القوات العراقية للكويت”، حفظ الله كويتنا الحبيبة وأدام عليها الأمن والأمان والاستقرار والازدهار، وحفظ الله بلداننا من كل طامع وخبيث، وأدام الله السلام على العالم.