لا شك أنه في ظل ارتفاع معدلات الطلاق وخراب البيوت لأتفه الأسباب ، فهذا يطرح بقوة السؤال عن كيفية حفظ العشرة بين الزوجين ؟، خاصة وقد كثرت نصوص الشرع الحنيف من القرآن الكريم والسُنة النبوية المطهرة، التي وضعت الحلول ورسمت الطريق وحددت كيفية حفظ العشرة بين الزوجين بالتفصيل وبأسهل الطرق ، حيث عنى الشرع الحنيف كثيرًا بالعلاقة بين الزوجين باعتبارها أساس بناء الأسرة ، ومن ثم المجتمع فالأمة، ولما لها من تأثير كبير على الأبناء، الذين هم مستقبل الأمة، ولعل هذا ما يبين أهمية معرفة كيفية حفظ العشرة بين الزوجين الذي يرتكز عليه مستقبل هذه الأمة.
كيفية حفظ العشرة بين الزوجين
حددت دار الإفتاء المصرية، كيفية حفظ العشرة بين الزوجين ؟، قائلة : أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والرحمة والمودَّة ومراعاة مشاعر كلٍّ مِن الطرفين للآخر أكثر مِن بنائها على طلب الحقوق.
وأوضحت «الإفتاء » عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في إجابتها عن سؤال: ( كيفية حفظ العشرة بين الزوجين ؟)، أن فِقهُ الواقع والخلق الكريم الذي علَّمنا إيَّاه سيدُنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- يقتضي أن تتَّقي الزوجةُ اللهَ تعالى في زوجها، وأن تَعْلَمَ أن حُسنَ عشرتها له وصَبْرَها على أعباء الحياة معه بابٌ مِن أبواب دخولها الجنة.
وتابعت: وعلى الزوج أيضًا أن يراعيَ جهد زوجته، وما تقوم به من خدمةٍ طوال اليوم للبيت والأولاد، وأن يكون بها رحيمًا، وألَّا يُحَمِّلَهَا ما لا تطيق، فبهذه المشاعر الصادقة المتبادَلَةِ يستطيع الزوجان أداءَ واجبهما والقيامَ بمراد الله تعالى منهما، وسَحْبُ ما محله التداعي أمام القضاء إلى الحياة الطبيعية غير سديدٍ.
واستشهدت بما قال الله تعالى في كتابه الحكيم: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269]، منوهة بأن الأحكام الشرعية المتعلقة بالحياة بين الزوجين لا تؤخذ بطريقةٍ يبحث فيها كلٌّ مِن الزوجين عن النصوص الشرعية التي تبيِّن حدود حقوقه وواجباته أو تجعله دائمًا على صوابٍ والطرفَ الآخر على خطأٍ؛ بحيث تُتَّخَذُ الأحكام الشرعية وسيلةً للمساومة والضغط على الطرف الآخر وجَعْلِهِ مُذعِنًا لرغباته مِن غير أداء الواجبات التي عليه في جانبه.
وأضافت أنه يجب على الزوجين أن يكونا أكثر حكمة، وألا يجعلا أسرتهما البسيطة الناشئة مرتعًا لتلقي النصائح من هذا أو ذاك ممن ليس له أحيانًا علاقة بالموضوع، وأن يتعلما أن النصيحة لا تؤتي ثمارها في الحياة الزوجية، إلا إذا كانت هناك حاجة إليها، وأن يدركا أن من ينصحهما يرى الموضوع من وجهة نظره الشخصية؛ حتى وإن كان أقرب أقربائهما مثل الأم، وهكذا ربما يغيب عنه بعض الجوانب ومن ثَم تصير نصيحته قليلة الفائدة ضعيفة الأثر، كما ينبغي للزوجين إذا لاحت سحابة نزاع أمامهما أن يقطعا صوت المنازعة بالمسامحة ويحفظا طول العشرة بالمساهلة ولا يسترسلا في الجدال والخصومة.
ونبه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى أنه فيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه حث الزوجين على خمسة أمور لتتحقق العشرة بالمعروف بينهما، وهي أولًا أن يغضَّ كل شريك منهما الطرف عن أخطاء شريكه، وثانيًا أن يرى فضائله وثالثًا ينظر لمزاياه و ورابعًا يدعمها و وخامسًا ينمّيها، مشيرًا إلى أن هذا ما أكدَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأمر به حينما قال: "لَا يَفْرَكْ -أي لا يكره- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" فيما أخرجه مُسلم.
وأفاد بأنه جاء عن الأسود قال : سألت عائشة رضي الله عنها : " ما كان النبي صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ في بيته ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة " . رواه البخاري .
وبين أنه قد عظم الله تعالى من شأن الزواج ، حتى سماه بالميثاق الغليظ ، أي العهد الشديد -الوفاء والالتزام القائم على الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان - فقال سبحانه وتعالى : ( وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21) ) من سورة النساء، لذا على الزوج أن يعلم أن زوجته أمانة في عنقه سوف يُسأل عنها يوم القيامة ، قال -صلى الله عليه وسلم- : ( استوصوا بالنساء خيراً ) متفق عليه .