مازالت الكثير من عصارات القصب بنجع حمادى شمال قنا ، تحتفظ بشكلها التقليدى و أدواتها القديمة فى صناعة العسل الأسود، حتى تحافظ على المذاق الخاص للوجبة الأشهر فى صعيد مصر والتى لا تخلوا منها موائد الفقراء أو الأغنياء.
تعتمد صناعة العسل بشكل رئيس على محصول القصب، الذى ارتبط هو الآخر، بأدوات تقليدية، تعتمد على العمالة اليومية لكسر وتنظيف وتحميل المحصول، تمهيداً لنقله عبر الجمال أو الجرارات الزراعية.
ارتبطت صناعة العسل الأسود بمدينة نجع حمادى، كونها تضم أكبر و أشهر عصارات القصب، التى تنتج عسل بجودة مختلفة عن أى مكان آخر، فضلاً عن وجود أكبر مساحة مزروعة بمحصول قصب السكر، ما يجعل وجود العصارات بالقرب من زراعات القصب أمراً ضرورياً.
وجبة " العسل الأسود" التى يتلذذ بطعمها متناولوها، خاصة مع " الفطير المشلتت" لا يدرون كم الجهد والإرهاق المبذول، فى هذه الصناعة الهامة، حتى تخرج وجبة العسل بهذا المذاق الرائع و المميز.
صناعة العسل الأسود، حتى يخرج المنتج فى شكله النهائى، تستلزم عقد واتفاق مسبق مع أصحاب زراعات القصب، حتى يتم الاتفاق على توريد كمية معينة من المحصول، لتبدأ بعدها الجمال تحميل أعواد القصب و تشوينها أمام العصارات، التى تبدأ عملها بعد الفجر حتى ارتفاع درجة الحرارة خلال فترة الظهيرة.
قال محمد عمرى" صاحب عصارة عسل"، العسل الأسود صناعة قديمة، يرجع تاريخها إلى فترة المماليك، و توارثناها عن آبائنا و أجدادنا، ومازلنا نطور فيها، للحفاظ عليها من الإندثار، و للتخفيف من متاعب الطرق التقليدية التى تعتمد على أدوات تقليدية و عمالة كثيفة.
و تابع عمرى، كانت صناعة العسل بدائية تعتمد على البقر فى عصر القصب، إلى أن تطورت و أصبحنا نعتمد على الماكينات التى تعمل بالسولار و الجاز، والذى ساهم فى الحفاظ على هذه الصناعة، بعدما كانت تعانى، ورغم ذلك ما زالت صناعة مكلفة جداً، فمراحلها كثيرة ومتعددة تبدأ بنقل محصول القصب، ثم التحميل والتجميع و العصير، و الأيادى العاملة و المعدات.
و أشار عمرى، إلى أن مراحل انتاج العسل بعد نقل القصب من الغيطان عبر الجمال أو المقاطير ، ورفعها بالكباش، تبدأ أول المراحل بالعصر، لينتقل عبر مواسير ومكعبات لمكان آخر، لتبدأ مرحلة أخرى تتمثل فى التصفية والتكرير، لتبدأ بعدها مرحلة الطهى فى أوانى نحاسية ضخمة، إلى أن تنتهى مرحلة الطهى وتبدأ مرحلة التجميع و التعبئة.
و أوضح عمرى، بأن المراحل السابقة ينتج خلال مواد مثل المولاس، نتخلص منها بإلقائها للمواشى، فيما يتم التعامل معها فى مصانع السكر بشكل مختلف، حيث يتم استثمارها فى صناعة الخشب، متمنياً أن يكون هناك دور أكبر للدولة فى دعم ومساندة أصحاب العصارات، خاصة فيما يتعلق بالتسويق و الوقود.
و قال سيد، إن صناعة العسل الأسود تمر بمراحل عديدة حتى يصبح بالشكل النهائى، تبدأ بإحضار محصول قصب السكر من الأراضى الزراعية، بعدها يتم تشوينه أو تخزينه بجوار عصارة القصب، وتركه فى الحوش فترة ليجف وتسهل عملية إزالة ما به من أوراق وحشائش، بعدها تبدأ مرحلة غسيل القصب، ثم مرحلة العصر واستخلاص عصير القصب مع تصفيته وترشيحه من أى شوائب.
و تابع سيد، وبعدها يتم إدخاله على قدور أو أوانى نحاسية كبيرة و يخضع لدرجات حرارة مرتفعة لكى ينضج، بعدها يتم تصريفه فى أحواض كبيرة لكى يبرد، ثم تبدأ عملية تعبئة العسل سواء فى صفائح أو " قلل قناوى" حسب رغبة التاجر أو المشترى.