الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بفارغ الصبر

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

عندما وقعت عينى على هذه الجملة التى تحتل وسائل التواصل الاجتماعى، ويشيرها الكثير من المتابعين، حينها أول ما توقعته أنها تدعو إلى الرضا بالقضاء والقدر، وبأن الصبر ينوِل المراد كما يقول أجدادنا وحكماؤنا. 

ولكنى صدمت عندما وجدت أنها حملة تدعو البنات إلى استئصال الرحم كى تتخلص من جميع المتاعب التى تحيط بكونها أنثى. 

صدمت أكثر وأنا أقرأ عن المروجين لما أسموها “المبادرة” والتى لا أعرف كيف أطلقوا عليها هذا المسمى، فالمبادرة تعنى الإيجاب والخير، وهذا ما لا تحمله هذه الدعوة من معنى وهدف. 

المهم أن هذه الحملة المضللة تعدد للبنات والسيدات مساوئ كونك أنثى، تتألمين كل شهر بالدورة والحالة النفسية السيئة المصاحبة لها، وتغير الهرمونات، وتبدل المزاج من حال إلى آخر، ومساوئ الابتعاد عن الحياة الاجتماعية فى ظل الدورة الشهرية البغيضة. 

الحملة أيضا تحدثت عن الحمل ومتاعبه وآلامه، التى تتحملها المرأة بمفردها، وتأخذ من صحتها وشكلها ومستقبلها كله بصفة عامة. 

لم يكتفوا بذلك بل تحدثوا أيضا عن الأطفال ومتاعبهم ومشاكلهم، وكيف أن الرجل المصرى أنانى بطبعه؛ فهو يرمى بكل المسئولية على الزوجة ويعيش هو براحته وكيفما يريد ويشاء. 

حملة “بفارغ الصبر” ذكرت الفتاة والمرأة والسيدة وكل ما يحمل تاء التأنيث؛ بمشاكل الطلاق والانفصال؛ والمعيشة القاسية فى ظل مفردات وميراث يجعل المرأة دوما مخطئة ومشلولة ومسلوبة الحق. 

فى حملة أو مبادرة أو تريند “بفارغ الصبر” والتى كان شعارها “فتاة سعيدة جدا”؛ وفى الكادر، الجهاز التناسلي منزوع، وهى بلا رحم ولا غيره من أدوات الدورة والحمل وخلافه، فى هذه الحملة البغيضة، تحدثت فتيات كثيرات عن دعمهن  لـ “بفارغ الصبر” وبأنها ستجعلهن أسعد مزاجا،  وأفضل حالا، وأقوى صحة، وقدرة على المواجهة والتحدى. 

لم أستطع أن أستوعب هذا الكم المخيف من الاستهجان واللعب بعقول الصغيرات وربما الكبيرات من نسيج هذا الوطن، وأصابنى الهم والحزن والقلق من هذا الغزو الأوروبى البشع لكل القيم المجتمعية، وهذا العبث الإعلامى المخيف للتراث والقيم والأخلاق، وتساءلت عن الأدوار والجهات المواجهة لهذا الخرِف والجهل الحديث؟ وأيضا تطلعت إلى البحث عن منظومة أخلاقية تحمى بناتنا وتحمينا من الانجراف العنكبوتي المسمى “وسائل التواصل الاجتماعى”. 

أحزان عششت فى قلبى وأفكار تسمرت فى عقلى جعلتنى أبتهل إلى السماء أن تُنزِل علينا رحمات وهدايات تنجينا وترحمنا من هذه العثرات.