في ذكرى الإسراء والمعراج يجب الحديث عن واحد من أشهر وأهم معالم مدينة القدس، وهو حائط البراق والذي يحتل مكانة كبيرة عند المسلمين،باعتباره جزءاً مهماً من المسجد الأقصى الذي يمثل أولى القبلتين و ثالث أقدس المساجد عند المسلمين بعد المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة.
ولكن بعد صدور وعد بلفور البريطاني عام 1917، أتخذه اليهود مكانا للعبادة وقالوا فيما بعد أن حائط البراق من بقايا هيكل سليمان.
ويذكر أنه منذ أيام قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته بمؤتمر دعم القدس الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية “اننا اصحاب حق أصيل في حائط البراق وهذا الحق أقرته الشرعية والمواثيق الدولية”.
حائط البراق وقف إسلامي خالص
قال الأزهر الشريف إن حائط البراق وقف إسلامي خالص، وجزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، مضيفًا: يقع في الجزء الجنوبي من السور الغربي للحرم القدسي الشريف، وأمام حي المغاربة الإسلامي الذي هدمه الاحتلال الصهيوني، وطرد سكانه قسرًا.
وكتب الأزهر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: حائط البراق وقفٌ إسلامي خالصٌ، وجزءٌ لا يتجزأ من المسجد الأقصى، يقع في الجزء الجنوبي من السور الغربي للحرم القدسي الشريف، وأمام حي المغاربة الإسلامي الذي هدمَه الاحتلال الصهيوني، وطرد سكانه قسرًا، وسُمِّيَ الحائط بذلك لأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ربطَ دابته البراقَ به، أما أُكذوبةُ ما يسمى "حائط المبكى" فهو زعمٌ صهيونيٌّ تم إطلاقُه على حائطِ البراقِ كذبًا وبهتانًا.
يأتي ذلك؛ تزامنا مع ذكرى الإسراء والمعراج التي يحتفل بها المسلمون اليوم في مشارق الأرض ومغاربها.
ما هو حائط البراق ؟
يحد الحرم القدسي من الجهة الغربية، أي يشكل قسما من الحائط الغربي للحرم المحيط بالمسجد الأقصى، ويمتد بين باب المغاربة جنوبا، والمدرسة التنكزية شمالا.
طوله نحو 50متراً، وارتفاعه نحو 20 متراً.
الساحة التي أمام الحائط حالياً هي مكان حارة المغاربة سابقاً والتي حوت بيوت المسلمين، عند احتلال القدس قام الاحتلال الإسرائيلي بهدم بيوتهم وطردوهم منها عنوة.
أهميته عند المسلمين
يرتبط حائط البراق بقصة الإسراء والمعراج في ليلة 27 من شهر رجب في السنة الثانية عشر من البعثة النبوية المشرفة - 621 ميلادياً.
وسمي بذلك الاسم نسبة للدابة التي ركبها النبي محمد صلى الله عليه وسلم عند إسرائه ليلا من مكة إلى المسجد الأقصى، حيث ربط البراق في حلقة على هذا الحائط، ودخل إلى المسجد حيث صلى بالأنبياء ثم عُرج به إلى السماوات العلا.
وتوارث أهل القدس المسلمون عامة أنه يوجد محل يسمى البراق عند باب المسجد الأقصى المدعو باب المغاربة ويجاوره مسجد البراق ملاصقاً الجدار الغربي للحرم القدسي.
هل لليهود حق في البراق ؟
قال الدكتور حنا عيسى، أستاذ وخبير في القانون الدولي، في مقال له نشر عام 2021 بعنوان "ما هو حائط البراق ؟" إنه اعتبارا من النصف الأول من القرن التاسع عشر، بدأ اليهود يزعمون أن حائط البراق، الذي يحوي في أسفله حجارة عظيمة، هو البناء المتبقي من معبدهم الخرافي، وأطلقوا عليه اسم حائط المبكى حيث يبكون حزنا على هيكلهم المزعوم.
وأضاف أنه سمح لهم المسلمون بزيارة الحائط من باب التسامح الديني، إلا أنهم جلبوا أدواتهم، وأبواقهم، وحاولوا تحويل المكان إلى ما يشبه الكنيس اليهودي، ومنذ ذلك الحين، اتخذ الصهاينة الحائط والساحة المقابلة له منطلقا لحفرياتهم حول وتحت المسجد الأقصى المبارك.
وتابع: إن الحائط الغربي أصبح جزءاً من التقاليد الدينية اليهودية حوالي سنة 1520م نتيجة للهجرة اليهودية من أسبانيا وبعد الفتح العثماني سنة 1517م ، لافتاً أنه يدعي اليهود أن الحائط جزء من الهيكل، لذلك يقومون بالبكاء والنياح بالقرب منه، ولكن الموسوعة اليهودية تقول إن اليهود لم يصلّوا أمام هذا الحائط إلا في العهد العثماني، ومن جهة أخرى، ليس هناك أي أثر يثبت وجود الهيكل اليهودي أو ما يمكن أن يمت إليه بصلة، وأن علماء الآثار والمنقبين اليهود أنفسهم أو الذين استقدمهم اليهود وصلوا إلى صخرة الأساس في المكان ولم يعثروا على أي دليل مادي مهما كان صغيراً يؤكد صحة الروايات اليهودية، وفي 1887 قام أدموند دي روتشيلد، من يهود فرنسا، بمحاولة فاشلة لشراء الحائط وجعله ملكا يهوديا.
مكان الهيكل
قال الدكتور حنا عيسى إنه ليس هناك دليل على المكان الذي بُني فيه الهيكل، فبينما تذكر بعض المصادر أنه بنى خارج ساحات المسجد الأقصى، تذكر أخرى أن مكانه تحت قبة الصخرة.
وتذكر المصادر اليهودية أنه تحت المسجد الأقصى، وطبقاً لما ذكرته المصادر التاريخية، فقد تم بناء الهيكل وهدمه ثلاث مرات، فقد تم تدمير مدينة القدس والهيكل عام 587 ق.م على يد نبوخذ نصر ملك بابل وسُبى أكثر سكانها، وأعيد بناء الهيكل حوالي 520-515 ق.م وهُدم الهيكل للمرة الثانية خلال حكم المكدونيين على يد الملك أنطيوخوس الرابع بعد قمع الفتنة التي قام بها اليهود عام 170ق.م، وأعيد بناه الهيكل مرة ثالثة على يد هيرودوس الذي أصبح ملكاً على اليهود عام 40 ق.م بمساعدة الرومان، وهدم الهيكل للمرة الرابعة على يد الرومان الذين فتحوا مدينة القدس عام 70م ودمروها بأسرها.
واستكمل : اليهود أخذوا بالسعي لتثبيت حقوق واسعة لهم في هذا المكان عن طريق تغيير الحالة الراهنة عليه، حيث بدأوا تحركهم عام 1919م بما قدموه من عرائض رسمية ونشروه من مقالات، ووصل الأمر إلى نشر صور لهيكل يهودي جديد مكان مسجد الصخرة ونشر صور لهذا المسجد يعلوها العلم الصهيوني والكتابات العبرانية، وأخذ اليهود يساومون على شراء المنطقة الوقفية الواسعة المحيطة بالحائط، وعرضوا أرقاماً باهظة للشراء ،وعندما وضع صك الانتداب على فلسطين الذي صودق عليه من قبل عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 تضمنت مواده الثمانية والعشرون عدداً من المواد المتعلقة بالأماكن المقدسة كان أهمها المادة 14 التي تنص على ما يلي:
"تؤلف الدولة المنتدبة لجنة خاصة لدرس وتحديد وتقرير الحقوق والادعاءات المتعلقة بالأماكن المقدسة والحقوق والادعاءات المتعلقة بالطوائف الدينية المختلفة في فلسطين، وتعرض طريقة اختيار هذه اللجنة وقوامها ووظائفها على مجلس عصبة الأمم لإقرارها، ولا تعين اللجنة ولا تقوم بوظائفها دون موافقة المجلس المذكور".
وأضاف: إنه لفترة تقرب من العام اعتباراً من سبتمبر 1928 حتى أغسطس 1929 الذي حدثت فيه انتفاضة البراق حدثت مشادات واحتجاجات وتجاوزات كلامية وكتابية وسياسية بين العرب واليهود في فلسطين وخارجها، وشكلت لجنتان إحداهما عربية للدفاع عن البراق والأخرى يهودية للدفاع عن المبكى، ودعت لجنة الدفاع عن البراق لعقد مؤتمر إسلامي عام في أول نوفمبر 1928 حضره مندوبون عن فلسطين وسوريا وشرقي الأردن ، حيث احتج المؤتمر على أية محاولة لإحداث أي حق لليهود في مكان البراق، وشكل المؤتمر جمعية عرفت باسم “جمعية الأماكن الإسلامية المقدسة”.
94 عاماً على ثورة البراق
اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة القدس في 15 أغسطس 1929، أي في وقت الانتداب البريطاني على فلسطين، بسبب ادعاء اليهود بملكيتهم حائط البراق أو المبكى كما يسموه، حيث إنهم أستطاعوا بعد محاولات عديدة، أن ينتزعوا من السلطة العثمانية في ذلك الوقت فَرَماناً يبيح لهم الصلاة عنده وإقامة شعائرهم أمامه، شريطة عدم الإخلال بالوضع القائم واستفزاز مشاعر غيرهم من الطوائف التي تسكن المكان.
وعلمت الشرطة البريطانية عن المظاهرة وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة المتظاهرين اليهود، في اليوم التالي رد القادة العرب بتنظيم بمظاهرة مضادة من المسجد الأقصى واتجهوا إلى حائط البراق، وهناك استمعوا إلى خطبة من الشيخ حسن أبو السعود، تبين الأخطار التي تتهدد المقدسات الإسلامي وفي الأيام التالية تزايدت الاشتباكات وامتد نطاقها إلى مدن أخرى حيث قتل عرب في مدينة الخليل 67 يهوديا من سكان المدينة.
استمرت الثورة لمدة اسبوعين وأسفرت عن عن 116 شهيدًا فلسطينيا و133 قتيلا يهوديا، و232 جريحا فلسطينيا و339 جريحا يهوديا.
كما اعتقلت سلطات الانتداب 900 فلسطينيا وأصدرت أحكاماً بالإعدام شنقاً على 27 فلسطينيا خففت الأحكام على 24 منهم ونفذ حكم الإعدام فى 17 يونيو 1930، فى سجن مدينة عكا المعروف باسم القلعة.