نقترب الآن من قدوم ليلة الإسراء والمعراج ، والتي تحل علينا بعد غروب شمس اليوم الجمعة، وتستمر حتى فجر غد السبت، ويكثر البحث عن معجزة الإسراء والمعراج مختصرة.
معجزة الإسراء والمعراج مختصرة
في رحلة الإسراء والمعراج ، أطلع الله تعالى نبيه الكريم على حقائق غيبية وأسرار كونية بقدرته سبحانه وتعالى التي لا يحدها حد ولا يتصورها عقل.
وما عجز الخلق عن إدراكه رؤية وسماعا ومكانا وزمانا، قد اضطلع عليه رسول الله، فيقول الله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، كما قال الله تعالى (لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ).
معجزة الزمان والمكان
كما طوى الله لنبيه الزمان والمكان، فكان الزمان بالنسبة له لحظة وكان المكان بالنسبة له خطوة، وجمع الله للنبي محمد، الأنبياء صلى بهم في المسجد الأقصى.
وتدلنا معجزة الإسراء والمعراج، على أن من صبر ورضي على كل ضيق يمر به مستسلما لله تعالى، يعلم أن عاقبة الله له خير، وأن عطائ الله له لا ينقطع أبدا، ولن يصل العبد لهذه الحالة إلا إذا كان محققا للعبودية لله تعالى، فرحلة الإسراء والمعراج، رفعت شأن العبودية في وصف النبي (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).
كما أن العبودية معناها أن تكتفي بالحق عن الخلق، وأن يكون الله مقصود عبده في كل شئ، والمساجد هي أقدس أماكن العبودية.
موعد ليلة الإسراء والمعراج
كشفت دار الإفتاء المصرية، عن عدة أمور تتعلق بليلة الإسراء والمعراج، ومنها موعد ليلة الإسراء والمعراج، ووقته في ليلة 27 رجب 1444 هجرية، وتبدأ ليلة الإسراء والمعراج من مغرب الجمعة القادمة 17 - 2 - 2023 وتنتهي فجر السبت 18 - 2 - 2023م.
الإسراء والمعراج
وأكدت دار الإفتاء أن الإسراء والمعراج قد ورد نَصَّ القرآن العظيم على وقوع الإسراء يقظة نصًّا صريحًا فإنكاره جحود وعناد، ونصَّ كذلك على المعراج بالتأويل فإنكاره ضلال.
وأوضحت دار الإفتاء، أنه لا مانع شرعًا من التطوع بصوم يوم الإسراء والمعراج، لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
وتابعت: ويستحب إياء ليلة الإسراء والمعراج بالعبادات والطاعات، ومن أبرزها إطعام الطعام وإخراج الصدقات والسعي على حوائج الناس، والإكثار من الذكر والاستغفار.
تكريم للنبي
لا شك أن رحلة الإسراء والمعراج جاءت تكريمًا لخاتم الأنبياء والمرسلين، وتسرية عنه (صلى الله عليه وسلم)، فبعد وفاة أبي طالب والسيدة خديجة (رضى الله عنها) اشتد الأذى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه لصدهم عن إبلاغ دعوة الله (عز وجل) ورسالته، فخرج إلى الطائف لعله يجد عند أهلها النخوة أو النصرة، فكانوا أشد أذى وقسوة عليه (صلى الله عليه وسلم) من بني قومه، ذلك أنهم سلطوا عليه عبيدهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفين، وتوجه (صلى الله عليه وسلم) إلى ربه (عز وجل) بدعائه الذي سجله التاريخ في سطور من نور: "اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي، وَقِلّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك"، فكانت هذه الرحلة العظيمة، ليرى (صلى الله عليه وسلم) من آيات ربه الكبرى ما يزداد به إيمانًا على إيمانه، ويقينًا على يقينه، وثباتًا على ثباته، فمن كان مع الله كان الله معه، وإذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، فالأمر أمره، والحكم حكمه، والكون كله قبضته.
القدرة الإلهية
وفي هذه الرحلة المباركة تتجلى عظمة وطلاقة القدرة الإلهية، حيث أُسرى بنبينا (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماوات العلا، ومنها إلى المسجد الأقصى مرة أخرى، ثم إلى مكة المكرمة في ليلة واحدة، فلما أخبر (صلى الله عليه وسلم) قريشًا بذلك قالوا: كيف ذلك ونحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا؟!، صف لنا المسجد، فوصفه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما هو، فعن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلَّى اللهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ" (صحيح البخاري).
أهم دروس الإسراء والمعراج
ومن أهم دروس هذه الرحلة المباركة درس الفرج بعد الشدة، ومعية الله لعباده المؤمنين، وضرورة الصبر وعدم اليأس مهما يكن أمر الصادين عن دين الله (عز وجل)، فإذا ضاق الأمر اتسع.
خرق قانون السببية
أكد الدكتور محمود الهواري، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أنه مع تجدُّد شهر رجب من كلِّ عامٍ يتذاكر النَّاس قصَّة الإسراء والمعراج.
وقال الهواري، في منشور عبر صفحته على فيس بوك، أن المسلم ليقف خاشعًا متأمِّلًا في محراب السِّيرة العطرة -على صاحبها أفضل الصَّلاة والسَّلام- ويحاول إعادة قراءة هذه الرِّحلة العجيبة الَّتي خرقت قانون الأسباب، وقرَّبت خير العباد إلى ربِّ الأرباب.
وتابع العالم الأزهري: معجزة الإسراء والمعراج، أفاضت على المسلمين من الخير والبركة ما يثير الدَّهشة والإعجاب.
وكشف الهواري، عن أبرز الفوائد من معجزة الإسراء والمعراج، منوها أن هذه المعجزة بينت أن قضاء الله وقدره خيرٌ كلُّه، وإن لم يفطن العبد إلى دقيق معانيه.
كما أكدت هذه المعجزة، أن المنح كامنةٌ في طيِّ المِحَن، واليسر مقرونٌ بالعسر، والنَّصر مع الصَّبر، والفرج مع الشِّدَّة، ونحن أمَّةٌ عابدةٌ، وهذه أجلُّ صفاتِ الأمَّة، وفي هذه المعجزة إشارة إلى أن التَّسبيح هو باب الفرج.
التشكيك في الإسراء والمعراج
من جانبه أوضح الدكتور أيمن الحجار، الباحث بهيئة كبار العلماء، أن بعض المشككين حاولوا أن يسددوا سهامهم الطائشة إلى معجزة الإسراء والمعراج، مؤكداً أن هؤلاء مردود عليهم، لأنها ثبتت بأقوى طرق الإثبات ألا وهو المتواتر من القرآن والسنة، وهي أدلة صحيحة صريحة لا تقبل الشك إلا عند من كان لديه خلل فكري أو غل وحقد لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث ثبتت هذه المعجزة بالقرآن الكريم والأحاديث المتواترة في السنة النبوية المطهرة، وإجماع جمهور العلماء.
وأوضح، الحجار، أن إنكار البعض لحدوث رحلة الإسراء والمعراج بسبب تعارضها مع القدرة البشرية، مردود عليه بأَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام بهذه الرحلة في عناية الله وفضله، وأن هذا الإعجاز الحاصل في الرحلة لا يتعارض مع قدرة الله عزَّ وجلَّ، فضلًا عن أنَّ غرابة وصف الرحلة منتفٍ وخاصة بمقاييسنا المعاصرة، بل حدثت أمور تشبه المعجزات كاختراع وسائل التواصل الحديثة والتي مكنت الإنسان من نقل أوراق وصور ما كان يصدق إمكانية ذلك من مائة عام مضت كما أنه يمكنه التحدث مع الآخرين حول العالم عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة.
كما أن الإسراء والمعراج لا غرابة فيه بعدما وجدنا الإنسان يسافر من دولة لأخرى باستخدام الطائرة بالعروج البشري، وكما نسمع عن الصعود للقمر بمراكب الفضاء، وهذا فعل البشر فما بالنا بقدرة الله عز وجل والعروج بنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلا أمر لا يتناقض مع العقل.