فرض الله سبحانه وتعالى على الأمة المحمدية الصلاة، بل إنه عز وجل جعلها نقطة الفصل بين المؤمن والكافر، لما جاء في قوله جل وعلا بكتابه العزيز: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)، وحيث إنها ثاني أركان الإسلام الخمسة، من هنا ينبغي معرفة متى وأين فرضت الصلاة ؟ ، فهذه الفريضة العظيمة لها قصة طويلة وشيقة ، قد لا يعرفها كثير من الناس .
متى وأين فرضت الصلاة
حدد الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، متى وأين فرضت الصلاة ؟، قائلاً: أنه الله عز وجل اختارهذا الشهر الشريف الكريم الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة على المسلمين.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في متى وأين فرضت الصلاة
؟، أن الصلاة آية من آيات الله تدل على أن النبي المصطفى والحبيب المجتبى -صلى الله عليه وسلم - إنما هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم -.
وتابع:فلو كان هذا الدين من عند سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم - ما فرض علينا الصلاة تكثيرًا للخلق حتى يدخلوا في دين الله أفواجًا، فإن صلاة المسلمين تكليف وتشريف، ليس هناك أمة في الأرض تصلي لله كل يوم خمس مرات سوى المسلمين، فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين.
وأضاف أنه تكليف؛ والتكليف فيه مشقة، وكان من المنتظر أن الناس تهرب من المشقة؛ ولكننا رأينا الإسلام ينتشر شرقًا وغربًا، في كل العصور، حتى صرنا في أواخر هذا العصر من أكثر الأديان تبعًا على وجه الأرض، ارتد الناس كثيرًا عن أديانهم، وأقل القليل من المسلمين من يرتد عن دينه.
وأشار إلى أن الصلاة برنامج يومي فيه تكليف ومشقة ، ولأنها من عند الله فهى تدخل اللذة في قلوب المسلمين لو عرفها الملوك وأباطرة الأرض لقاتلونا عليها، وهى صلة بين الإنسان وبين الرحمن، وعلاقة بين الإنسان وبين الأكوان.
ونبه إلى أننا في شهر كريم فرضت فيه الصلاة على غير مثال سابق من الأديان السابقة التي أنزلها الله للبشر، وفي حديث البخاري: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قاوله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقد فرض الله خمسين صلاة، -وأخذ موسى في نصيحة النبي أن يراجع ربه في ذلك ويقول له-: لقد ابتليت بالناس من قبلك» إذا كان سيدنا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم - يعلم هذا فكيف يفرض على الناس خمس صلوات؟.
واستطرد: الحقيقة أنه لم يفرض شيئًا، الذي فرض هو الله تعالى{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} ، فعدّنا سبحانه وتعالى من أمة يريد منها الخشوع، ويريد منها أن تعبده بحب في قلبها، وبرحمة في سلوكها، وبوضوح في عقلها.
ولفت إلى أنه في هذا الشهر الكريم المحرم الفرد صاحب الرحمات ؛ أسري بالنبي المصطفى والحبيب المجتبى -صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى بيت المقدس، وعرج به من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى، إلى العرش، ونحن نسمي هذا مجازًا بالمعجزة ؛ لأنها تعجز من رآها ، خارقة من خوارق العادات تخرج عن سنن الله الكونية، لا يستطيع من أمامي أن يأتي بها، مع ادعاء صاحبها النبوة والرسالة وتلقي الوحي من عند رب العالمين؛ ولكن الإسراء والمعراج لم يشهده أحد؛ ولذلك فهو فوق المعجزة، ولذلك فليس الغرض منه أن يعجز الناس، لأن الناس لم تره، إنما الغرض منه أن يؤسس لعقيدة {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.