قالت دار الإفتاء المصرية، إن الإسلام حدَّد ضروريات خمسًا واستهدف المحافظة عليها؛ وهي: (الدِّين والنفس والنَّسل والعقل والمال).
وأكدت دار الإفتاء، في منشور لها، أن تعاطي المخدرات يؤدي لهدم تلك الضرورات الخمس واستباحة ما حرَّمه الله تعالى.
ما هي الضروريات الخمس؟
الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ الضرورات الخمس، وهي حفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العرض.
وهذه الكليات والضروريات الخمس، هي التي اتفقت جميع الأديان السماوية وأصحاب العقول السليمة على احترامها، وقد أجمع أنبياء الله تعالى ورسله من عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم على وجوب حفظها.
حفظ النفس
بدوره، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الشريعة الإسلامية وجميع الشرائع السماوية تدعو إلى حفظ النفس وحمايتها وتحرِّم قتل النفس وإزهاق الروح، أو حتى إتلاف عضو من أعضاء الجسد أو إفساده.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن المحافظة على النفس مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، فقال المولى عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.
حفظ المال
وعن حفظ المال، أكد الدكتور عباس شومان، المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، أن حفظ المال من المقاصد الكلية التي جاءت الشريعة الإسلامية بها، وجعلت له ضوابط في كيفية التعامل معها بداية من اكتسابه ونهاية بأوجه إنفاقه، وهو ما يجعلنا نفهم ونتيقن أن المال في أيدينا هو على سبيل الاستخلاف وأن المال في الأصل هو مال الله -عز وجل- "آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِير"، وفي هذا ترسيخ عميق في نفس المؤمن أن المالك الحقيقي لكل شيء في هذا الوجود هو الله.
وأوضح، أنه على الإنسان أن يبحث الأحكام الشريعة المتعلقة بهذا المال وأن يفهمها جيدًا وأن يدرك الحكمة منها، لكي يؤدي حق الله فيما بين يديه من مال الله ، وأن يبتعد الإنسان عن الإسراف والتبذير والشح، "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا" وإذا كان الله –عز وجل- زم من يتعامل مع المال بهذه الطريقة، فإنه أثنى على من يلتزم بضوابط التعامل مع المال كما حددتها شريعة الإسلام "وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا".
وأكد شومان، أن فلسفة الإسلام في إنفاق الأموال جعلت ما يمنحه الأغنياء للفقراء حق وفريضة لا تتم إلا بهم، أي أن أموال الذكاة هي حق للفقراء وليس منة يمن بها الأغنياء عليهم، وفريضة وركن من أركان الإسلام لا يستطيع أن يؤديه الأغنياء إلا من خلال الفقراء، وهو يجعل الفقير لا يشعر بنقص أن يمتد يد الغني إليه، ويجعل الغني لا يشعر بمنة أو فضل أن امتدت يده الفقير، وهو ما يضمن للمجتمع تماسكه.
حفظ العقل
وأكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن الإسلام اعتنى عناية خاصة بالصحة النفسية والعقلية، بل وجعلها من الضروريات الخمس التي دعا للمحافظة عليها وهي: الدين والنفس والمال والنسل والعقل، كما أن نصوصه الشرعية دعت لعناية الفرد بعقله الذي يُعد ميزانًا له يستطيع من خلال أن يحقق ذاته فينفع نفسه وينفع غيره.
وذكر المجمع ، أن الصحة النفسية أولوية إنسانية وإنمائية عالمية، ينبغي أن توضع في أولوية كل فرد وكل مجتمع فنحن أحوج ما نكون إلى الحفاظ على الإنسان واستغلاله في الإنتاج والعمل والمشاركة المجتمعية، وكل ذلك يقوم على العقل السليم الذي يفكر فيبدع ويعي ما يحيط به من مخاطر فكرية ومادية فيأخذ حذره، كما أن الحفاظ عليه يتفق مع دعوة القرآن بعدم الإلقاء بالنفس في طريق التهلكة.
كل الشرائع أمرتنا بحفظ خمس
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن كل شريعةٍ أوحى بها الله إلى كل نبي، تأمرنا أن نحافظ على خمس، سُميت بمقاصد الشريعة أو بالمقاصد العليا وهي: حفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ الدين، وحفظ العِرض الذي نسميه اليوم في أدبياتنا بكرامة الإنسان، وحفظ المِلك أو المال.
وأضاف علي جمعة عبر فيسبوك: وصايا موسى التي ذكرها لبني إسرائيل لا تخرج عن هذه الخمس في الوصايا العشرة، لا تقتل، لا تزني، لا تسرق، لا تعتدي على جارك، لا تؤذي الخلق، لا تفسد هذه البيئة وتلك الأكوان، هذه هي الخمسة التي أخذها بعد ذلك الناس من الدين، وجعلوها نظامًا عامًا يحكم البلاد والعباد حفظ النفس حتى تقوم بكل ما يُكلّفها الله به، حفظ العقل حتى يستطيع الإنسان أن يتلقى من ربه، وأن يفهم عن ربه، وأن يُعمّر كونه، وأن يُزكي نفسه ، وحفظ الدين حتى تستقيم هذه الأمور؛ فالدين حكمة {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.
وأردف علي جمعة: حفظ كرامة الإنسان فالإنسان مصنوع الرب سبحانه وتعالى فكيف نُهينه؟ وكيف نعذّبه؟ والله يحبه، إن في ذلك عدوانًا على رب العباد، إن في ذلك فسادًا عريضًا في الأرض.
وتابع أن كرامة الإنسان ويُسميها علماء الإسلام من عمق فكرهم العِرض، إذا ما أهنت الإنسان بسبّةٍ أو بقذفةٍ فقد تعرّضت إلى عرضه، والعِرض مفهومٌ واسع يشمل كرامة الإنسان ويزيد، فالتعبير الحديث بكرامة الإنسان تعبيرٌ حقوقي، ولكن العِرض كلمة لها معاني عميقة في الفقه، لها معاني عميقة في مجال الأخلاق، لها معاني عريقة تجعلك حُرّمت عليك الغيبة، والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، حتى لا تتعرض إلى أعراض الناس.