قام فريق من أساتذة وطلاب الدراسات العليا بقسم هندسة التشييد بـ الجامعة الأمريكية بالقاهرة بتطوير برامج تدريب لتعزيز السلامة في مواقع البناء باستخدام تقنية الواقع الافتراضي (Virtual Reality).
يرتدي طلاب هندسة التشييد نظارات الواقع الافتراضي لاستخدام هذه البرامج ومحاكاة العمل في مواقع بناء الكباري والمباني عالية الارتفاع للتدريب على اجراءات السلامة وتجنب الأخطاء الأكثر شيوعا وهي السقوط، والإصابات، والانزلاق والتعرف على السلامة العامة في مواقع البناء.
يقول الدكتور أسامة حسني، أستاذ هندسة التشييد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "تشهد صناعة البناء في جميع أنحاء العالم ارتفاع معدل الوفيات حيث أظهرت أحدث الدراسات أن نحو 60,000 حالة وفاة تحدث سنويا في العالم نتيجة حوادث البناء، ولم يعد الاهتمام في هذا المجال يتعلق بعناصر الوقت، والتكلفة والجودة فحسب بل يتعلق أيضًا بالسلامة في مكان العمل." يقول الدكتور إبراهيم أبو طالب، أستاذ مساعد بقسم هندسة التشييد بالجامعة: "كان الطلاب يتدربون على السلامة في مواقع البناء بالشكل التقليدي من خلال المحاضرات والكتب الدراسية، ولكننا قمنا بتطوير برامج جديدة للتدريب على السلامة تعتمد على الواقع المعزز والواقع الافتراضي وتتناول المخاطر المحتملة المرتبطة ببعض المشروعات الأكثر خطورة في عالم البناء." وأضاف أبو طالب أنه طبقا للدراسات السابقة تبين أن عدم الحصول على تدريب جيد هو السبب الرئيسي لحدوث وفيات في مواقع البناء لذلك يمكن أن يساعد التدريب باستخدام برامج الواقع الافتراضي في إنقاذ الأرواح حتى في ظل وجود مواقع بناء غير آمنة.
يزداد الاهتمام عالميا ببرامج التدريب القائمة على الواقع الافتراضي في عالم التشييد والبناء مما ساهم في زيادة عدد الدراسات العلمية حول فعالية هذا التدريب مقارنة بالتدريب التقليدي.
قام فريق العمل بإجراء اختبارات تجريبية للبرامج التي تم تطويرها بالجامعة الأمريكية بالقاهرة من خلال مقارنة أداء طلاب البكالوريوس في قسم هندسة التشييد الذين تلقوا تدريب الواقع الافتراضي بأداء أولئك الذين تلقوا التدريب بالطريقة التقليدية، حيث أظهرت الاختبارات فعالية التدريب القائم على الواقع الافتراضي في تعزيز فهم الطلاب لمفاهيم السلامة.
عرض فريق الجامعة نتائج الاختبارات حول نماذج التدريب على السلامة في مؤتمر أبحاث التشييد التابع للجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين في فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وفي مؤتمر الجمعية الكندية للهندسة المدنية في كولومبيا البريطانية بكندا. كما تم نشر البحث في مجلة تطبيقات الكمبيوتر في التعليم الهندسي.
يقول أبو طالب: "كما أظهرت نتائج الدراسات الخاصة بالجامعة أن أداء البرامج التي طورناها أفضل من حيث التصور والانغماس والواقعية والقدرة على تعزيز مهارات تحديد وتقليل المخاطر مقارنة بنماذج الواقع الافتراضي الأخرى المتاحة."
وأضاف أن البرامج المطورة هي الأولى في العالم التي تدمج نظريات تعليم الكبار القائمة على علم النفس في وحدات تدريبية كاملة متخصصة في المباني عالية الارتفاع والكباري.
كما قام الفريق بإجراء مقابلات مع مفتشي سلامة ذوي خبرة للتحقق من إمكانات البرامج والاستفادة من آراء الخبراء أثناء عملية تطوير برامج التدريب القائمة على الواقع الافتراضي.
من خلال العمل على نموذج أمان كامل لبناء المباني عالية الارتفاع كجزء من رسالة الماجستير الخاصة بها، ركزت سحر بدر طالبة الدراسات العليا في هندسة التشييد بالجامعة على الجانب السلوكي للتدريب وأدرجت نظريات التعلم لتطوير منهجية سليمة لتشمل عناصر التحفيز والسمعة ونهج حل المشكلات من أجل التدريب.
كما قام محمد شريف، باحث مساعد وطالب الدراسات العليا بقسم هندسة التشييد بالجامعة بمزج الواقع الافتراضي والواقع المعزز (Augmented Reality) في إطار مبتكر لتقديم نموذج تدريبي شامل للسلامة لبناء الكباري والطرق السريعة، نظرًا لأهميتها في المشروعات القومية المصرية.
لا تعد هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها قسم هندسة التشييد باستخدام الواقع الافتراضي في نماذج التدريس الخاصة بهم، حيث تمكن أبو طالب أثناء جائحة الكورونا من تدريس مادة طرق ومعدات البناء لطلاب الهندسة عن طريق استخدام كاميرا 360 درجة لتصوير مواقع البناء، وإجراء مقابلات مع العاملين بالموقع، وإلقاء المحاضرات كما لو كان الطلاب في زيارة حقيقية أثناء تواجدهم في منازلهم بأمان وذلك بهدف التأكد من الحفاظ على سلامة الطلاب ومنحهم تجربة تعلم مميزة مماثلة لزيارة مواقع البناء.
كما قام حسني بدمج الواقع الافتراضي أثناء التدريس للطلاب لمساعدتهم على تحديد المخاطر المرتبطة بجوانب السلامة في المباني عالية الارتفاع بشكل أفضل وإيجاد طرق لتجنب وتقليل مخاطر البناء.