الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بجوائز قيمتها 2 مليون جنيه.. انطلاق المسابقة العالمية للقرآن.. وزير الأوقاف: كل المشاركون فائزون.. المفتي: آيات الله أدهشت أصحاب الفلسفات.. العبد: من معجزاته أنه نزل بالعربية ويحفظه الأجانب.. صور

المسابقة العالمية
المسابقة العالمية للقرآن الكريم

بجوائز قيمتها 2 مليون جنيه.. انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم

وزير الأوقاف: كلما زاد المتطاولون على كتاب الله ارتفع الاهتمام به

مفتي الجمهورية: آيات القرآن أدهشت أصحاب العقول والفلسفات

البحوث الإسلامية: القرآن ما زال يتعرض لحملات التشويه منذ 14 قرنًا

أسامة العبد: من إعجاز القرآن أنه نزل بالعربية ويحفظه الكثير من غير الأجانب

 

 

انطلقت صباح اليوم، المسابقة العالمية للقرآن الكريم، والتي تنظمها وزارة الأوقاف المصرية، بمشاركة 58 دولة حول العالم منها 33 إفريقية، وسبع محكمين من 7 دول هي "مصر وتشاد والأردن وفلسطين والسعودية والسودان وسلطنة عمان".

ويشارك في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، 108 متسابق من مختلف دول العالم، بإجمالي جوائز  2 مليون جنيه طبقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وبآيات من القرآن الكريم، تلا القارئ الشيخ محمد الخشت ، القارئ بالإذاعة والتليفزيون، آيات من الذكر الحكيم، ليفتتح بها فعاليات المسابقة، أعقب هذه التلاوة عرض فيلما تسجيليا بعنوان (مصر دوحة القرآن على مدار الزمان) لتوضيح جهود مصر وزارة الأوقاف في خدمة كتاب الله عز وجل وحفاظه والقائمين عليه، وذلك بحضور نظير عياد نائبا عن شيخ الأزهر، والدكتور اشرف صبحي وزير الشباب، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية.


وظهر في مقدمة صفوف الحضور من كبار رجال الدولة، الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، نائبا عن رئيس مجلس الوزراء، والدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، نائبا عن شيخ الأزهر، والدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وعدد من الشخصيات الدينية والرسمية وعلماء الأزهر ووزارة الأوقاف.

كبار رجال الدولة

وكان من أبرز الحضور من الخارج، الشيخ توفيق إبراهيم أحمد ضمرة رئيس قسم دور القرآن الكريم بالمملكة الأردنية الهاشمية، والشيخ تقي الدين مصطفى محمد عبد الباسط من دولة فلسطين، والدكتور أحمد محمد موسى علي من دولة السودان، والشيخ طاهر بن زاهر العزواني من سلطنة عمان للتحكيم في المسابقة العالمية التاسعة والعشرين للقرآن الكريم.


وانطلقت الجلسة الإفتتاحية للمسابقة، بكلمة من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والتي أكد فيها أن القرآن شفاء نستشفي به كما قال الله تعالى في كتابه العزيز.


وأضاف “جمعة”، خلال كلمته في افتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم التاسعة والعشرين اليوم، أنه كلما ازداد المتطاولون عليه كلما زاد اهتمامنا به والعناية به وإكرام أهله وازداد عدد الباحثين فيه وزاد عدد حفاظه وقرائه وأيضا يزيد عدد المؤمنين، فهو كتاب الله الذي يحثنا على الصبر الجميل والدفع الجميل والصفح الجميل فهو يرشدنا على كل ما هو جميل حتى الهجر حثنا على الهجر الجميل فلا فسوق ولا سباب مع القران الكريم .

كما تحدث القرآن عن العطاء الجميل كما في قوله تعالى ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ).

وزير الأوقاف


وأضاف وزير الأوقاف، بمشاركة ١.٨ متسابقين من  ٥٨ دولة نائبا عن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء بحضور د. أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة ود. نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية نائبا عن شيخ الأزهر ، وبحضور الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ، وعلاء فؤاد رئيس المجالس النيابية ، ولفيف من العلماء والأئمة .

وأكد وزير الأوقاف، أن جميع المتسابقين فائزون بإذن الله فشرف المشاركة له ثواب عظيم الى جانب الحفظ والسعي لإعلاء كلام الله.

المشاركون في المسابقة العالمية للقرآن

وكشف الوزير أن المسابقة العالمية للقرآن الكريم، تضم ثمانية فروع هي :

الفرع الأول : حفظ القرآن الكريم وفهم معانيه ومقاصده العامة لأصحاب الصوت الحسن من الجنسين بشرط ألا يزيد السن عن 45 عامًا. 
- الجائزة الأولى 250 ألف جنيه. 
- الجائزة الثانية 150 ألف جنيه.

الفرع الثاني : الأسرة القرآنية 
حفظ القرآن الكريم مع فهم معانيه ومقاصده العامة بشرط ألا يقل عدد أفراد الأسرة المتقنة للحفظ عن ثلاثة أفراد، بجائزة قدرها 250 ألف جنيه.

الفرع الثالث : حفظ القرآن الكريم مع تفسيره وتطبيقات مباحث علوم القرآن الكريم، بشرط ألا يزيد سن المتسابق عن 45 عامًا، بجائزة قدرها 150 ألف جنيه، وهو متاح لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم في تخصص التفسير وعلوم القرآن، ومفتوح لهم ولغيرهم.

الفرع الرابع : حفظ القرآن الكريم بالقراءات السبع، مع توجيه هذه القراءات، بشرط ألا يزيد السن عن 50 عامًا، بجائزة قدرها 150 ألف جنيه.

الفرع الخامس : حفظ القرآن الكريم للناطقين بغير العربية، بشرط ألا يزيد السن عن 40 عامًا. 
- الجائزة الأولى 150 ألف جنيه.
- الجائزة الثانية 100 ألف جنيه.

الفرع السادس : ذوو الهمم (حفظ القرآن الكريم مع فهم معانيه ومقاصده العامة)، بشرط ألا يزيد السن عن 35 عامًا، وجائزة قدرها 100 ألف جنيه.

الفرع السابع : الناشئة حفظ القرآن الكريم مع فهم المفردات وتفسير جزء عمَّ، بشرط ألا يزيد السن عن 15 عامًا، بجائزة قدرها 100 ألف جنيه.

الفرع الثامن : المحفظ المثالي وجائزة قدرها مائة ألف جنيه.

المسابقة العالمية للقرآن

بدوره، قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن القرآن الكريم كتاب الله المعجز، بهرت آياته العقول الراقية، وأدهشت تعاليمه أصحاب الفلسفات، والقرآن الكريم والسنة النبوية هما الصنوان اللذان لا يفترقان أبدا وهما مصدر التشريع لجميع علوم المسلمين في شتى المجالات والتخصصات.

وأضاف مفتي الجمهورية، في كلمته خلال افتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم، والتي تنظمها وزارة الأوقاف، أن السنة النبوية تحتوي مجمل القرآن وتخصص عامه وتقيد مطلقه، وتبين بجلال ووضوح مقاصد الشرع الكريم.

واستشهد مفتي الجمهورية، بما ورد في سنن الترمذي: عن الحارِثِ الأعْوَرِ قالَ: مَرَرْتُ فِي المَسْجِدِ، فَإِذَا النّاسُ يَخُوضُونَ فِي الأَحَادِيثِ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيّ، فَقلت: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَلاَ تَرَى النّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الأحَادِيثِ؟ قالَ: وقد فَعَلُوهَا؟ قلت: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إِني قد سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَلاَ إِنّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، فَقلت: مَا المَخْرَجُ مِنْهَا -يَا رَسُولَ الله-؟ قالَ: كِتَابُ الله، فِيهِ نَبَأُ مَا كان قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبّارٍ قَصَمَهُ الله، وَمَنْ ابَتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلّهُ الله، وَهُوَ حَبْلُ الله المَتِينُ، وَهُوَ الذّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصّرَاطُ المُسْتَقِيمُ، هُوَ الّذِي لاَ تَزِيعُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الالْسِنَةُ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلُقُ عَلى كَثْرَةِ الرّدّ، وَلاَ تَنْقَضَي عَجَائِبُهُ، هُوَ الّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتّى قالُوا: {إِنّا سَمِعْنَا قُرْآنَا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرّشْدِ فَآمَنّا بِهِ}، مَنْ قالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".


وأشار إلى أن مصر قلعة كبيرة من أعلام التلاوة والتحفيظ والاهتمام بالقرآن الكريم، منوها أن الدولة المصرية تقدم دائما كل الدعم لأهل القرآن وحفظته.

وتابع: إن مصر الكنانة ومصر الأزهر ستظل دائما قبلة لطلاب العلم ومنارة لأهل القرآن من شتى بقاع المعمورة، والدولة المصرية كانت وستظل راعية لأهل العلم والعلماء ومقصدا لأهل القرآن في كل وقت، فهذه الرعاية من ثوابت الوطنية المصرية التي يؤكد عليها دائما الرئيس عبد الفتاح السيسي ، رئيس الجمهورية.

مفتي الجمهورية

وأكد الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن من إعجاز القرآن الكريم، أنه نزل باللغة العربية، وحفظه الكثير من عير العرب، منوها أنه هذه معجزة كبرى للقرآن الكريم.

وحكى ، الدكتور أسامة العبد، خلال كلمته بافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم، والتي تنظمها وزارة الأوقاف، موقف له حينما كان في المدينة الجامعية وهو طالب، وكان بجواره أحد الوافدين من دولة جزر القمر والتي تتحدث اللغة الفرنسية، قائلا :والله كان يقرأ القرآن ويجعلك تخشع أمامه وكأنك تقف بين يدي الله عزوجل".

كما تحدث أسامة العبد عن الإعجاز البلاغي في الآية القرآنية (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) منوها أن هذه الآية الكريمة تجمع أمران ونهيان وبشارتان ، وهذا من الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم,


وأكد أسامة العبد، أن هذا السرد يؤكد على أن القرآن ليس من عند بشر، وإنما من عند الله عزوجل.

وشدد على أن القرآن علمنا الأدب في العلاقة مع الله ومع الإنسان ومع الطبيعة ومع الجماد والحيوان.

كما ألقى الدكتور نظير محمد عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، كلمة خلال افتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم، والتي تنظمها وزارة الأوقاف المصرية.

وقال عياد، في كلمته، إنَّ هذا الكتابِ المُعجِزِ كان له أثرٌ عظيمٌ في حياة البريَّة، سواءٌ أكان على الجانب العلميِّ المعرفيِّ، أم على الجانبِ الإصلاحيِّ التربويّ، الشاملِ للجانبِ النفسيِّ الرُّوحيِّ، والجَسَدِيِّ الماديّ.


أمَّا على الجانب العلميِّ المعرفيِّ: فقد ارتقى بالعقولِ على تفاوُتِها، وسَمَا بالألبابِ على تبايُنِها، وأصلحَ اعوجاجَ الألسنَة على تنوُّعِها، فحاربَ انحرافَ العقولِ بتصحيحِ المفاهيم، وتقديمِ الحقائقِ للعالمين، وخاطبَها بما يُقنِعُها، وقدَّم لها العلاجَ النَّاجعَ في تقويمِها، وزكَّى الألبابَ، وامتدحَها، وشرَّفَها، ونوَّهَ بسُمُوِّ أهلِها، فقال سبحانَهُ وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾   [النحل: 125].

المسابقة العالمية للقرآن


وتابع عياد: من هذا المنطلق: فقد أَوْلَى العلماءُ أربابُ العقولِ والنُّهى عنايةً فائقةً، ورعايةً رائقةً، فجعلَ تفصيلَ الكتابِ المجيدِ لأجْلِهم، فقال تعالى اسْمُهُ: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [فصلت: 3]. ورفع قدرَهم؛ فأوقف حقيقةَ خشيَتِه سبحانَه عليهم، وحصرَها فيهم دون مَن سواهُم؛ فقال جلَّ جلالُه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 28]. وبشَّرَهُم بالرَّفعِ المقاميِّ، والرِّفعةِ المكانيَّةِ؛ فقال عزَّ وجلَّ: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11]، وكانَ مِن بابِ الإشادةِ بهم: أنْ جعلَ العِلْمَ هو ميزانَ التفاضُلِ بينَ البشَر، فقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 9].. إلخ.  


ومِن ثمَّ فقد حثَّ على العِلْم، وحمَلَ على التَّحَلِّي به، والتلبُّسِ بمُقَوِّماتِه، وقدَّمَ في سبيلِ ذلكَ أَسْمَى الدوافعِ إليه، وأبلغَ البواعثِ عليه، ولا شكَّ أنَّ ارتقاءَ الأُممِ أفرادًا وجماعاتٍ لا يتأتَّى إلَّا بالعِلْمِ والمعرفةِ، ولا يتسنَّى التَّقدُّمُ إلا مشروطًا بهما، ففي التحريضِ عليه إصلاحٌ للتَّقهقُرِ، ودفعٌ للتقدُّم، ودعوةٌ للتحضُّر، وفتحُ بابِ الدخولِ في سباقِ الحضارة، وامتطاءُ ركابِ الصَّدارة، والتَّحكُّمُ في زمامِ الأمور، وبلوغُ مقام الرِّيادة.

وأكد أن القرآن الكريم قد نزلَ في ليلةِ القدر ليُعلِنَ احترامَ الإنسانِ ويؤكِّدَ تكريمَه وتفضيلَه على سائرِ المخلوقات، ويفتحَ أمامَه آفاقَ العلمِ وأبوابَ المعرفةِ بلا حدود، ويدفعَه دفعًا للتفكيرِ والنظرِ والبحثِ والتأمُّلِ، بعدما حرَّر فيها عقْلَهُ من أغلالِ الجهلِ والجُمُودِ والتقليد، والاتِّباعِ الأعمى بغيرِ حُجَّةٍ ولا دليلٍ.  


وأمَّا على الجانبِ الإصلاحيِّ التربويِّ: فلم يتركْ ثغرًا حياتيًّا إلا وعليه جندٌ من جنودِ هداياتِه، أولوِيَّتُهُ خِدْمَتُهُ، ووظيفتُهُ القيامُ على رعايتِه، وغايتُهُ الجهادُ في سبيلِ إصلاحِه. 
 

كما أعلن القرآنُ تحريرَ المرأة، وأعاد لها ما صادَرَتْهُ عليها أنظمةُ المجتمعاتِ في ذلكمُ الوقتِ من حقوقٍ لا يتَّسِعُ المقامُ لتَعدادِها وبيانِها، وجاء بفلسفةٍ جديدةٍ تقوم على العدل والمساواة والشورى والاحترام ويرد إليها انسانيتها، ومنع الاستبداد ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾  [الشورى :38[، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)﴾  [النساء: 58].


ولمَّا كان الفردُ هو أساسَ مجتمعِه، واللبنةَ الأولى في تأليفِه، وتكوينِ جماعاتِه؛ فها هو ذا القرآنُ على جانبِ الإصلاحِ يرفعُ الرُّكامَ عن الفردِ الهائمِ في الضلالِ؛ فيُخرِجُه من ظلماتِ نفسِه، إلى نورِ منهجِ ربِّه سبحانه، فنجد أنَّ الإنسانَ عندما سارَ وفقَ غرائزِه؛ وقعَ في مهواةِ نفسِه، فأطلقَ لها عِنانَ شهواتِه، واستباحَ لنفسِه استجلابَ كلِّ رغباتِه؛ فخرجَ على الفطرةِ وقوانينِها واستبدلَ الطبيعةَ البشريَّةَ وهيئَتَها وغيَّرَ السُّنَنَ الإلهيَّةَ ومُرادَها، فاستجابَ لنداءِ طبائعِه المظلمة؛ فشرِبَ الخمرَ، وقتلَ، وسرقَ، وأتَى الفاحشةَ، وخرَّبَ، وأفسدَ، وانتهكَ كلَّ المحرَّماتِ على شتَّى المستويات، وهنا نجدُ التدخُّلَ السماويَّ، والتشريعَ الإلهيَّ جاءَ؛ ليُناهِضَ هذه المخالفاتِ، ويعالجَ تلكَ الجرائمَ المُنكراتِ، فاجتذبَهُ إلى تركِها، وطوَّعَهُ إلى قبولِ حُكمِ اللهِ بشأنِها، والامتثالِ لمواجِبِها، والكلامُ في هذا الصددِ يطول. قال تعالى "وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الأنعام:153) 
 

وأعلن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن هناك الكثيرُ ممَّا نزلَ به القرآنُ الكريمُ في شؤونِ المجتمعاتِ وفي العَلاقاتِ الدَّوْليَّةِ وفي أمرِ العقوباتِ وفي الأُسرة وغيرِ ذلك .. دَعْ عنكَ ما يتعلَّقُ بالعقيدةِ والعبادةِ والمعاملاتِ بتنوُّعاتِها والغيبيَّاتِ والدارِ الآخرة بتفاصيلها ()، إلا أنه على مدى أربعةَ عشرَ قرنًا لحملاتِ التشويهِ والازْدِراءِ وتنفيرِ الناسِ منه، ولا يزالُ يتعرَّض لهذه الحملاتِ المُضلِّلة في عصرنا هذا، ولا غَرْوَ في ذلك، فالصراعُ بين الحقِّ والباطلِ باقٍ، والتنازعُ بين الخيرِ والشرِّ مستمرٌّ، ولكنْ هيهاتَ لهم، فـ ﴿لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾.
 

وقال عياد، إنَّ هذا الكتابَ الكريمَ حرَّر ضميرَ الإنسانِ من عبادةِ الأحجارِ والحيواناتِ والأشخاصِ، وخلَّص عقلَه من الأوهامِ والأساطيرِ والخرافاتِ، وتسامى بنفسِه ومشاعرِه فوق رَهَقِ المادَّةِ وعبوديَّةِ الغرائز، وإغراءِ الشهوات واسترقاقاتِها.

وأكد أن هذا الكتابُ المجيدُ صنعَ رجالًا، بل صنعَ أُمَّةً نقلَها – على ضَعْفِها وبساطتِها ورثاثةِ حالِها – من المحليَّةِ إلى العالميَّةِ في غضونِ عقودٍ قليلةٍ، واستطاعتْ أن تنشرَ في شرقِ الدُّنيا وغربِها حضارةً لا يزالُ دينُها ثقيلًا في أعناقِ صُنَّاعِ حضارةِ اليوم، ورموزِها وفلاسفتِها وعلمائِها ومفكِّريها، وكانت حضارةً معجزةً بكلِّ المقاييس، لا يزالُ علماءُ التاريخِ في الغربِ قبلَ الشرقِ في حَيْرَةٍ من أمرِ تفسيرِها.


وتابع: لقد عمدَ القرآنُ الكريمُ إلى محاربةِ الرذائلِ بأسمى أنواعِ العلاج، وأقومِ سُبُلِ المواجهةِ لها؛ فحدَّ الحدودَ، وشرَّع العقوباتِ، وأقامَ المبادئَ، وشيَّد القيمَ، وأرشدَ إلى الأخلاقِ، وقنَّن القوانينَ، التي تعمل على إصلاحِ الفردِ، وينشدُ انتظامَ أمرِ المجتمع على السواء.