أقيم داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ 54 العديد من الندوات الثقافية الهامة،فقد تم لأول مرة في تاريخ معرض الكتاب تخصيص محور «صناع المحتوى» والذي تم إدراجه لأول مرة ضمن الجدول الرسمي لفعاليات المعرض،حيث عرض من خلاله صُناع المحتوى تجاربهم الذاتية.
صناع المحتوى
اليوتيوبر المصري عبداللطيف أحمد حكى تجربته الشخصيةفي صناعة محتوى على السوشيال ميديا، حيث أوضح أن شغفه بصناعة المحتوى، بدأ من خلال منشورات على الفيس بوك، والتي لاقت تفاعلًا كبيرًا من النشطاء، ثم تحول الأمر تدريجيًا إلى تصوير مقاطع فيديو بث من خلالها أفكاره.
وعن بثه لمحتوى أدبي ذكر أنه تأثر برواية «أمام العرش» لنجيب محفوظ، حيث كانت لها أثرًا كبيرًا عليه وكانت دافعًا كبيرًا له لبث محتواه الأدبي.
وفي ندوة أخرى تحدث يسري عفت صانع المحتوى ومؤسس قناة «بو كافيه» عن تجربته كذلك في صناعة المحتوى والتي بدأت عام 2019 حيث يقدم من خلالها ترشيحات للكتب، فقد أشار أن اليوتيوب أتاح الفرصة للقراء ليتحدثوا عن الكتب ويقدمونها بجانب صناعة محتوى بشكل احترافي مثلما تفعل تمامًا وسائل الإعلام التقليدية، حيث يقدم في الوقت الراهن روايات الفانتازيا، والخيال العلمية وكذلك الأدب الساخر والروايات التاريخية والاجتماعية أيضًا.
وضمن برنامج «صناع المحتوى» لفتت النظر الدكتورة مونيكا حنا العميد المؤسس لكلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية البحرية حول ضرورة تدريس وتعميم الدراسات الاجتماعية لكافة التخصصات الدراسية خاصة المرحلة الجامعية، حيث أشارت أن تدريس مثل هذه العلوم ليس رفاهية لكنه أمر ضروري لفهم المجتمع الذي يعيش داخله الفرد، كما دعت لتدريس علم الاجتماع في الجامعات والمدارس كافة.
وفي نهاية حديثها قالت مونيكا حنا أننا متراجعين في البحث العلمي المنشور باللغة العربية، فقد ضربت مثالًا على أن معظم الكتب والكتابات الخاصة بالآثار المصرية القديمة تنتج وتقدم باللغة الإنجليزية.
نحن والتراث
وخلال ندوة أخرى حملت اسم «نحن والتراث»، تحدث الأكاديمي محمد ناصرعبد الله حيث شدد على ضرورة التخلي عن فكرة احتكار التراث وكأنه يخص النخبة وحدها، إذ أشار أن التراث بات ضرورة لحياتنا وحياة البشر ككل، كما اتفق المتحدثون في الندوة بأن ما يهدد تراثنا في الوقت الراهن هو الوقوف على الشكل التقليدي، لذلك اتفقوا أيضًا على ضرورة إعادة إنتاج التراث وتقديمه عبر الوسائل الحديثة لحمايته من الزوال.
مؤرخون جدد
واستضافت قاعة «الصالون الثقافي» ندوة بعنوان المؤرخون الجدد والتي أدارها الدكتور عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق، حيث قدم خلالها شباب الباحثين من أصحاب التجارب الجديدةفي الدراسات التاريخية والتوثيق. إذ ذكر الباحث في التاريخ أحمد ماتاريك، أنه من الضروي التثبت من صحة الروايات المتداولة، مهما كان تداولها على ألسنة شخصيات بارزة أو لها قدر في المشهد الثقافي، ودلل على ذلك بشخصية "دولت فهمي" ذات الاسم البارز خلال الحركة السرية إبان ثورة 19، حيث ذكر أن الاستنتاجات قد تصل لنفي وجود هذه الشخصية بالأساس؛ لذلك من الضروري التثبت من صحة الروايات المتداولة.
وتحدث الباحث في الآثار معاذ لافي عن تخصصه الدقيق في العمران المملوكي، حيث أشار أن القاهرة بمفهومها الذي نراه حاليًا مدينة مملوكية وليست فاطمية، حيث ذكر أيضًا أن دراسته ركزت على تاريخ المهمشين والعوام، فقد ذكر نموذج قاده لذلك وتحديدًا عندما قرأ أعمال المؤرخ إسماعيل الخشاب، والذي اهتم بدراسة تاريخ المهمشين.
الحركة الشعرية فيالدومينكان
وخلال ندوة أقيمت ضمن مشاركة دولة الدومينكان الأولى بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، شاركت الشاعرة الدومينيكيةتيودولوياسير ماتيو بورقة بحثية تناولت خلالها الحركة الشعرية النسائية في الدومينيكان حيث أبرزت دور الحركة النضالية التي قامت بها الشاعرات داخل الدومينيكان وهم آندي روديجيز، ودوران وروزا، ودي سيلفيو، وكينيا ليرانزو، رغبة منهم في تعزيز حرية المرأة، وأوضحتتيودولوياسير بأنه طوال التاريخ كان ينظر للمرأة على أنها كائن أدنى، وهذا الأمر هو ما حاولت إبرازه خلال الورقة البحثية التي قدمتها، خاصة دورهن من أجل تحرير النساء داخل الدومينيكان.
أدب نسوي
وخلال فعاليات المعرض تم تقديم ندوة أخرى حملت عنوان «من الأدب النسوي العربي»، فقد شاركت فيها كل من الروائية العراقية شهد الراوي، والكاتبة والروائية البحرينية ليلى المطوع، والكاتبة الإمارتية مريم الساعدي، والكاتبة والروائية المصرية رشا سمير، والتي أكدت رفضها لمصطلح الأدب النسوي والذي رأت أنه مصطلح يصنف المرأة وبالتالي يؤدي لتقزيم القضية بشكل عام، خاصة انه وضع المرأة في خانة أنها لا تستطيع أن تكتب إلا عن القضايا التي تخص المرأة، كما أوضحت أن المرأة شأنها شأن الرجل لا يليق أن يخصص لها «كوته» للوصول إلى مناصب أو مكانة ولكن تستحق أن تصل وفقًا لمجهودها وليس من خلال «كوته»؛ لذلك أكدت أنه لا يمكن تنصيف الأدب وفقًا لموضوع التناول، خاصة أن أهم التي دافعت عن المرأة تناولها الرجال أكثر من النساء.
واتفقت الرأي كذلك الكاتبة الإمارتية مريم الساعدي، حيث أكدت أن الكتابة من المفترض ألا تصنف إلى ما يسميه البعض باسم الكتابة النسوية، لأن المبدع يكتب دون أن يحدد قضايا بعينها. وخالفتها الرأي الكاتبة البحرينية ليلى المطوع حيث أكدت على أن قضايا النساء عند مناقشتها تكتب عنها النساء بشكل أفضل من الرجال، لأن هناك مشاعر إنسانية نسوية لا يمكن للرجل التعبير عنها في كتاباته.
أما الكاتبة والروائية العراقية شهد الراوي فقد تحدثت بأن هناك أديبات عربيات كتبن نصوص نسوية مارسن خلالها الفلسفة النسوية على النص والذي هشم البناء الأساسي للغة باعتبارها لغة ذكورية، وهو ما أدى لتعرض هؤلاء الكاتبات لانتقادات كبيرة.
وأضافت أن الأدب الذى تكتبه النساء لا يختلف عن الأدب الذى يكتبه الرجال،لأنالأدب في النهاية يتعرض لموضوعات إنسانية، وحال تم كتابة نص أدبي محملًا بأيدلوجيات جندرية فهذا يؤدي إلى إنتاج نصوص مشوهة لا ترتقي لدرجة النصوص أدبية، لافتة إلى أن أنواع الفنون الأخرى كالرسم والموسيقى والنحت لا يوجد بها تصنيفات نسوية.. وتساءلت الراوي وقالت: لماذا يتم تصنيف الكتابة على أنها نسوية أو غير نسوية، خاصة أن الكتابة عمل إبداعي شأنها شأن أى عمل إبداعي آخر؟
حداثة صلاح فضل
وفي ندوة أخرى بعنوان «صلاح فضل.. جهوده النظرية بين النظرية والتطبيق»، تحدث المشاركون في الندوة عن فضل تميز بمتابعته الجيدة لكل الإبداعات العربية سواء لكبار الكتاب أو شباب الأدباء على حد سواء، كما أنه كان فتح الطريق للحداثة العربية، حيث قدم مناهج الحداثة العربية واستزرعها في فضاء النقد العربي ومنها نظرية البنيوية التي قدم أصولها المعرفية.
دفاع كامل الكيلاني عن العربية
وداخل القاعة المخصصة لأدب الطفل والتي تحمل هذا العام اسم كامل الكيلاني تحدث نجله أمين كامل الكيلاني وقال بأن والده كان يحلم دائمًا أن يصبح أديبًا للأطفال وهو ما تحقق خلال النسخة الحالية من المعرض، حيث كان دائمًا يحاول أن يزرع حب اللغة العربية داخل قلوب الأطفال لأنه أحبها بصدق ودافع عنها، واستخدم بعض الألفاظ التي كان يظنها البعض عامية، لكنه فعل ذلك لأنه أراد تبسيط اللغة العربية وتقديمها في ثوب يلاءم الأطفال والجيل الجديد الذي كتب من أجلهم.