انطلقت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الإثنين أعمال الدورة 21 للجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق) برئاسة المستشار جابر صالح المري رئيس اللجنة المخصصة لمناقشة التقرير المجمع الثاني والثالث المقدم من المملكة الأردنية الهاشمية.
وفي كلمة لها في بداية أعمال اللجنة أعربت السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة عن تقدير الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط للجهود البناءة المبذولة على مستوى لجنة الميثاق، وإسهامها المتميز كآلية تعاهدية في دعم جهود الدول الأطراف لترجمة كافة مضامين الميثاق العربي لحقوق الإنسان إلى واقع معيش.
وقالت "إننا نلتقي اليوم وقد مضى 15عاما على دخول الميثاق العربي لحقوق الإنسان حيز النفاذ، كما نلتقي وقد أصبح عدد الدول الأطراف (17) دولة عضوا حيث قامت جمهورية القمر المتحدة يوم الخميس 19 يناير الحالي بإيداع وثيقة الانضمام"، معتبرة ذلك أمرا عظيما ولبنة إضافية في سبيل تحقيق هدفنا الأسمى وهو انضمام كافة الدول الأعضاء إلى هذا الصك الحقوقي العربي المرجعي الهام.
وأضافت "أننا نشهد اليوم مناقشة التقرير الدوري المجمع الثاني والثالث للمملكة الأردنية الهاشمية كجزء من الاستحقاقات المترتبة على انضمامها للميثاق العربي لحقوق الإنسان ونشيد هنا بالتزام الأردن بالوفاء بالتزاماته كدولة طرف في الميثاق، دون تحفظات، وفي جو يطبعه الحوار الهادف والبناء".
ووصفت التقرير المجمع بأنه "دسم" ويتضمن معطيات وأرقاما وإحصائيات دقيقة، ما يجعلنا نتطلع إلى حوار تفاعلي مفيد بين لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان والوفد رفيع المستوى للمملكة الأردنية الهاشمية.
وقالت "إننا نعمل جميعا كأسرة واحدة، أولوياتنا واحدة، شواغلنا واحدة، وأهدافنا واحدة، وكنا ولا نزال وسنبقى مصممين على صون كرامة الإنسان وحماية الحقوق الأساسية، أوفياء للعمق العربي الذي يجمعنا، وملتزمين بالتعايش السلمي مع الجميع، في تناغم تام مع أحد أبرز أهداف الميثاق العربي لحقوق الإنسان ألا وهو "تنشئة الإنسان في الدول العربية على الاعتزاز بهويته وعلى الوفاء لوطنه أرضا وتاريخا".
من جانبه قال السفير أمجد العضايلة سفير الأردن بالقاهرة ومندوبه الدائم لدى جامعة الدول العربية إن مناقشة تقرير المملكة الأردنية الهاشمية المجمع للتقريرين الثاني والثالث، المقدم للجنة يأتي تنفيذاً لالتزامات المملكة بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ذلك الميثاق الذي كان الأردن أول دولة عربية تبادر بإيداع وثيقة تصديقها عليه وأول دولة تبادر بتقديم تقريرها الأول للجنة بعد أن دخل الميثاق حيز النفاذ، انطلاقاً من إيمانه بنبل أهدافه ومقاصده وأهمية الحقوق والحريات التي يكفلها وتوافقها مع القيم والمبادئ التي يسعى لإرسائها وتعزيزها، وتماشياً مع حرص المملكة على الانضمام للمواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية، التي من شأنها المساهمة في دفع جهودها المستمرة في تعزيز وتطوير منظومة حقوق الإنسان في التشريع والممارسة، مع إيمانها المطلق بأن مسيرة التحديث والتطوير المرتبطة بمنظومة حقوق الإنسان هي عملية مستمرة لا تنتهي أو تتوقف، ولابد أن تراعي خصوصية كل مجتمع وأن تحترم المعتقدات الدينية لأبنائه وبناته وقيمهم الحضارية المتجذرة.
وأضاف أن المملكة الأردنية الهاشمية تأخذ التزاماتها بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان في غاية الجدية والاهتمام، وتحرص على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتنفيذ هذه الالتزامات، والتأكد من مواءمة تشريعاتها الوطنية ذات الصلة مع متطلبات إعمال الحقوق والحريات التي ينص عليها، وترى الحكومة الأردنية في آلية تقديم التقارير الدورية للجنة الميثاق فرصة هامة لمراجعة سياساتها وإجراءاتها الوطنية ذات الصلة، والوقوف على مواطن الضعف والقصور إن وجدت ومعالجتها، كما ترى في التقرير المقدم فرصة سانحة للإطلاع على تقييم أعضاء اللجنة لإجراءاتها وسياساتها والاستفادة من الملاحظات والتوصيات المقدمة لتطوير الأداء وتعزيز منظومة الإجراءات والتشريعات الوطنية.
وأوضح السفير الأردني، الذي يرأس وفد الأردن في أعمال الجلسة الافتتاحية للدورة، أن الأردن حقق منذ تقديم تقريره الأول للجنة الميثاق إنجازات هامة على الصعيدين المؤسسي والتشريعي، تعزيزاً وإعمالاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الميثاق، وهي إنجازات لابد لتقييمها وإدراك أهميتها بشكل موضوعي وعادل أخذ الظروف الإقليمية والدولية التي مرت بها المنطقة وما زالت بعين الاعتبار.
وأشار إلى أن هذه الظروف خلقت بيئة لم تكن في كثير من الأوقات داعمة وممكنة لأجندة الإصلاح الوطنية، أوجدت إلى جانب عديد التحديات المحلية صعوبات كبيرة في تنفيذ الحكومة لبرامجها وخططها التنموية ذات الأثر على تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ورغم تلك الصعوبات والتحديات المتعاظمة، لاسيما تلك الناجمة عن أعباء استضافة اللاجئين والصراعات الإقليمية والاضطرابات في بعض دول المنطقة، وتنامي التطرف وأخطار الإرهاب، والضغوط الأمنية المتزايدة على المملكة لحماية حدودها والقاطنين على أراضيها، والتحديات غير المسبوقة التي فرضتها جائحة كورونا، استمرت الحكومة بتنفيذ خطط الإصلاح السياسي والاقتصادي وتطوير منظومة حقوق الإنسان انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأن مواجهة تلك التحديات تتطلب مجتمعاً قوياً واعياً ومتماسكاً مدافعاً عن المكتسبات الوطنية، وهو ما لا يتأتى إلا بتعزيز سيادة القانون والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية في الحياة السياسية، وتمكين مجتمع مدني وإعلام وطني محترف وملتزم بالثوابت الوطنية يعمل بشفافية تامة وبشراكة مع مؤسسات الدولة ذات الصلة.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة على مدى يومين جلسة استماع للمركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن وعدد من منظمات المجتمع المدني، حسب الإجراءات المعمول بها في اللجنة في هذا الخصوص.
كما ستعقد اللجنة جلسات عمل مغلقة تقتصر على أعضائها لتدارس ووضع الملاحظات على التقرير وتقديم التوصيات إلى الدولة الطرف بشأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان بها تنفيذاً لالتزاماتها بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان.