"نحن نخوض حربًا ضد روسيا وليس ضد بعضنا البعض" .. كلمات خرجت كالرصاصة من لسان وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك، في مجلس أوروبا، ليكشف واقع يحاول الجميع الهروب من الإعتراف به، وهو أننا على شفا حرب عالمية بحق، وأن تداعيات الأمور في الواقع تسير إلى هذا الإتجاه، ويعزز تلك الرؤية مطالبة أوكرانيا الجديدة بمدها بطائرات حربية، وذلك بعد أن حصلت على وعد إمدادها بالدبابات والمعدات الثقيلة.
التصريحات الألمانية التي أثارت جدلا كبيرا داخل ألمانيا نفسها، عكست واقع يراه الجميع، رغم محاولات تهدئة الرأي العام من قبل مسئولين آخرين، ولكن روسيا لم تترك الأمر دون أن يمر، وكان التصريح حديث وسائل الإعلام الروسية، وكأنه كان وقود لتأجيج نار الحرب لدى الشعب الروسي، وتلك هي تفاصيل الأسبوع الأخير المقلقة.
كييف تريد 24 طائرة مقاتلة كمساعدات قادمة من الغرب
وكيف لا نصف ما حدث لأنه إرهاصات حرب أهلية، ونحن نجد أن دبابات غربية وأمريكية تحارب الجيش الروسي، ولم تكتف أوكرانيا بذلك، بل جاء الدور على الطائرات، حيث أعلنت أنها تريد استلام طائرات F-16 من الدول الغربية كحزمة مساعدات أسلحة تالية، وذلك بعد الحصول على وعود غربية بإمدادها بالدبابات، خصوصا الدبابات الألماينة والأمريكية.
وفقا لما نشرته صحيفة فوكس الألمانية، فقد صرح المتحدث بإسم القوات الجوية الأوكرانية، يوري إحنات ، لصحيفة "الباييس" الإسبانية، أن الهدف كجزء من التسليم المقبل، يجب أن يكون هناك 24 طائرة مقاتلة، وأوضح أن هذه ليست أداة مساعدة بالأسلحة يمكن استخدامها بسرعة في الحرب، ولذلك هناك عمليات تدريب مكثف للطيارين والموظفين ضرورية قبل عقد الصفقة، وهذا لا يزال يتعين علينا القيام به.
المستشار الألماني يؤكد الطلب ويحذر
ويبدوا أن طلب أوكرانيا كان موجها إلى ألمانيا، فبعد قرار تسليم الدبابات القتالية إلى أوكرانيا، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز، إلى توخي الحيطة والحذر في النقاش حول تسليم المزيد من الأسلحة، ويحذر شولز من الدخول في منافسة مزايدة مستمرة عندما يتعلق الأمر بأنظمة الأسلحة، كما قال شولز لصحيفة "تاجشبيجل" الالمانية، إن هناك مطالبة أوكرانيا الآن بتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة.ن أنه إذا بدأ النقاش التالي في ألمانيا بمجرد اتخاذ قرار، فإن القرار سيهز ثقة المواطنين في قرارات الحكومة.
وقال شولتز: "نحن نفعل كل شيء لضمان ألا تتحول حرب روسيا ضد أوكرانيا إلى حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، فلا يوجد شيء من هذا القبيل ، ولن يسمح بمثل هذا التصعيد، فنحن في الحكومة الفيدرالية متفقون تمامًا على هذا، ووزيرة الخارجية ترى ذلك الأمر أيضا" .. ولمحاولة طمأنة الرأي العام قال المستشار الألماني: "سأكون على اتصال هاتفي مع بوتين مرة أخرى - لأنه من الضروري التحدث مع بعضنا البعض"، وأضاف "الأمر متروك لبوتين لسحب القوات من أوكرانيا وإنهاء هذه الحرب المروعة التي لا معنى لها والتي قتلت بالفعل مئات الآلاف".
تلك تفاصيل تصريح وزيرة الخارجية الألمانية
هل كان بيان وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك المثير للجدل بشأن روسيا مجرد طائش - أم أنها فعلته عن قصد؟، ورغم حاولات المستشار الألماني التخفيف من حدة هذا التصريح إلا أن الخبير الروسي جيرهارد مانجوت رأي واضح في هذا الأمر، حيث يرى أن مسألة إرسال الطائرات الحربية مسألة وقت، وأنه يمكننا الىن رسم خط أحمر للطائرات المقاتلة الألمانية لأوكرانيا.
جاء هذا التصريح الروسي، بعد ما حدث يوم الثلاثاء في مجلس أوروبا في ستراسبورغ، حيث دعت وزيرة الخارجية أنالينا بربوك إلى تماسك الحلفاء الغربيين بالكلمات التالية: "نحن نخوض حربًا ضد روسيا وليس ضد بعضنا البعض"، وهي الجملة التي أثارت ضجة كبيرة لدرجة أن متحدثة باسم شولز اضطرت للتدخل في النهاية، وقالت الناطقة باسم الحكومة كريستيان هوفمان يوم الجمعة في برلين، إن الناتو وألمانيا ليسا في حالة حرب مع روسيا في هذه الحرب العدوانية ضد أوكرانيا، ذكرت بشكل واضح: "نحن ندعم أوكرانيا، لكننا لسنا طرفًا في الحرب".
الدعاية الروسية تستعل التصريح بلا رحمة
لكن آثار هذا التصريح لم تتوقف رغم محاولات الحكومة الألمانية تدارك الأمر، حيث لم تتوقف الدعاية الروسية عن استغلال شهادة بربوك بلا رحمة، حيث تعد الجملة بمثابة هبة من السماء للرئيس الروسي بوتن، وصرخ سولوفيوف – أحد أشهر مذيعي روسيا - في كاميرات برنامجه الحواري الذي يشاهده حوالي خمسة ملايين روسي كل يوم، إنهم يخوضون حربًا ضد روسيا".
وهنا يقول الخبير الروسي غيرهارد مانجوت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إنسبروك، إن إساءة استخدام بربوك في وسائل الإعلام الروسية ليست مفاجئة، فبالنسبة للقيادة الروسية، فإن مثل هذا التصريح الصادر عن وزيرة الخارجية الألمانية لشعبها مثمر تمامًا وقابل للتسويق لأغراض الدعاية، إنه يتناسب تمامًا مع رواية الدعاية للكرملين، والذي كان يجادل منذ شهور بأن على روسيا محاربة الغرب بأكمله في أوكرانيا".
هل تسعف تلك الأسلحة أوكرانيا قبل الهجوم الروسي؟
ولكن السؤال المهم، أن الأسلحة التي يعلن الغرب إرسالها إلى أوكرانيا تحتاج إلى وقت حتى تكون فعالة داخل الحرب، وذلك لما تحتاج له من تدريبات وتجهيزات مسبقة، فهل يمكن أن يحدث ذلك قبل بدء الهجوم الروسي المرتقب داخل الحرب مع أوكرانيا، وهنا كانت الإجابة صادمة على لسان أولكسندر دانيليوك، العضو المناظرة في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة (RUSI)، والذي قال لصحيفة NV الأوكرانية: "من الواضح أن الروس يخططون لشن هجوم في فبراير، وقد يبدأ الأسبوع المقبل.
ولكن يخفف الخبير العسكري من مخاوف هذا الهجوم، حيث يتابع دانيليوك: "الآن علينا أن نفهم أننا كنا محظوظين جدًا في ذلك الوقت ، وأن طوابير المسيرات هذه ، التي لم تكن مستعدة على الإطلاق للمقاومة العسكرية ، كانت فريسة سهلة للقوات المسلحة، وهذا لن يتكرر مثل هذا الوضع، حيث سيكون هناك لوجستيات عادية وأكثر من ذلك بكثير.
ولكن يشكك الخبير العسكري في الدعم العسكري المعلن في القمة الأخيرة لوزراء دفاع الدول الشريكة في قاعدة رامشتاين الجوية، وقال دانيليوك إن مساعدات الأسلحة لن تصل إلى أوكرانيا في الوقت المناسب للهجوم الروسي المتوقع ، لأن المساعدات - وخاصة دبابات القتال الحديثة - قد تستغرق وقتًا أطول للوصول إلى منطقة الحرب.