قال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية، الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ، إن إصدار دار الإفتاء المصرية قرابة المليون ونصف المليون فتوى خلال عام 2022، وهو أعلى عدد من الفتاوى منذ نشأة الدار أمر له دلالة كبيرة يؤكد دورها الريادي في الجانب الإفتائي والفقهي، وثقة جمهور المستفتين في دار الإفتاء باعتبارها بيت خبرة في تأصيل وإصدار الفتاوى المتعلقة بكافة مناحي الحياة، مشيرا إلى أن الأولوية الإفتائية خلال العام المنصرم ارتكزت على قضايا حماية الأسرة وتنميتها باعتبارها اللبنة الأساسية لاستقرار المجتمع.
وأضاف مستشار مفتي الجمهورية - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس - أن قضايا المجتمع والأسرة استحوذت على 63% من فتاوى الدار، وكانت في مقدمتها مسألة "الطلاق الشفهي"، مشيرا إلى أنه وفقا للإحصاءات لدينا فإنه يعرض على دار الإفتاء ما يقرب من 3200 فتوى تقريبا في الشهر فيما يخص مسائل الطلاق، وبعد التحقيق الرصين والدقيق يقع من هذا العدد ما يقرب من ثلاث حالات فقط.
وتابع نجم أن مسألة الطلاق الشفهي أصبحت بحاجة إلى إعادة نظر في الوضع القانوني القائم لأن قانون الأحوال الشخصية الموجود والتطبيق القضائي والإفتائي لا يساعد أبدا على أن نقول إن الطلاق إذا صدر من الزوج ولم يوثقه بأنه لا يقع، ومن ثم فقد أصبح الوضع التشريعي المنوط له معالجة هذه المسألة بحاجه إلى بعض التعديلات التي تستلزم من خبراء القانون تكييف المسألة بما يحقق النفع للأسرة المصرية.
وبشأن تعاطي دار الإفتاء المصرية مع المسائل الاقتصادية الواردة إليها، أكد مستشار مفتي الجمهورية، أن الفتوى بجانب كونها علما متكاملا له أسسه ومنطلقاته وآليات صناعته فإنها ترتبط ارتباطا وثيقا وتتشابك مع العلوم والمجالات الأخرى، الأمر الذي يجعل لها حضورا قويا في الحالة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ويلزمها بمواكبة كافة المستجدات والقضايا.
وأكد أنه يجب على المفتي أن يكون مدركا لزمانه وأوقاته، موضحا أن الواقع المعاصر شديد التركيب والتعقيد لما يطرأ عليه من مستجدات لابد للفتوى أن تراعيها، ومن هذه المنطلقات تعالج الفتوى القضايا الاقتصادية وكافة آثارها.
وأشار إلى أن الفتوى في دار الإفتاء لا يمكن أن يؤخذ القرار فيها إلا بناء على معطيات علمية والرجوع إلى المتخصصين، بهدف ابتكار آليات وحلول للتعامل مع مستجدات الاقتصاد الحالي، مشددا على ضرورة أن تكون الفتاوى داعمة للاقتصاد الوطني وملبية لاحتياجات الحاضر.
وأوضح أن الفقه الإسلامي واسع ويستطيع أن يضع الحلول المتعددة لأي مشكلة تظهر في المجتمع والمسائل الاقتصادية الحديثة، ومراعاتها لأهداف التنمية المستدامة كأحد أهم متطلبات عمارة الأرض وهو أهم المعايير التي تتبعها دار الإفتاء المصرية فيما يصدر عنها من فتاوى اقتصادية.
وأوضح مستشار مفتي الجمهورية أن تنوع فتاوى دار الإفتاء خاصة فيما يتعلق برصانة المنهج الوسطي الذي تعتمده الدار في الفتاوى الصادرة عنها، هو ما أحدث علامة فارقة بين الفتاوى الشرعية المؤصلة والكلام المرسل إضافة إلى التعمق والبعد عن التعميم والسطحية، والجمع بين الأصالة والتجديد.